لا أظن أن الخرطوم العاصمة ستكون جاذبة.. جاذبة من ناحية التطور والنظافة ما لم نغير السلوك البشري ونزيل التشوهات الكثيرة التي باتت تهدد مظهر المدينة لكونها الخرطوم العاصمة.. فالسلوك غير الحضاري لإنسان السودان من بين المسببات التي تؤدي إلى تغيير شكل المدينة. فالبعض ربما يتهمني بالقسوة على إنسان السودان لكونه قد يتسبب بطريقة أو أخرى في تشويه صورة السودان، ولكن أنا على يقين تام بأن الذين يختلفون معي في هذا الطرح سيتفقون معي على الفور بعد أن يقتنعوا بهذا الطرح والذي أوكد فيه الآتي: 1/ الكثير من المارة سواء أكانوا راجلين أم يمتطون المركبات العامة أو الخاصة نجدهم يساهمون في تغيير شكل المدينة وذلك عندما ينثرون بقايا الأكل والسندوتشات في الشارع العام أو حتى قارورة المياه التي يستعملونها.. هؤلاء لا يكلفون أنفسهم برمي هذه المهملات في الأماكن المخصصة لها.. ايضاً اعتاد الناس على رمي الكروت المستعملة من أجهزة الموبايلات والأكياس بالشارع العام. 2/ الباعة المتجولون والذين يزعجونك من كل الاتجاهات سواء كنت داخل سيارتك أو خارجها.. الإزعاج هذا نابع من إصرارهم على ضرورة الشراء من سلع أحسب أنها من أجود أنواع السلع.. تمتاز بجودة عالية ولا أدري من أين يأتون بها.. هؤلاء شباب في مقتبل العمر لا تهمهم حرارة الشمس ولا انزعاج المارة بهم فقط يريدون المكسب السريع. { هذه الأيام انتشرت ظاهرة بيع «الذرة الشامية» التي يتم شواؤها في الشارع العام وعلى جنبات الطريق.. يجلس شاب وأمام «كانون» وكمية كبيرة من الذرة الشامية وعلى ما يبدو أن الأسعار في متناول يد الجميع.. هذا الشاب يحمل في يديه «هبّابة» لتساعده على سرعة الشواء فهذا النوع من الذرة الشامية يعتبر وجبة دسمة وقد يسمّى عند بعض قبائل الشمال «بالقنقر». { أيضاً من ضمن الأشياء التي تؤدي إلى تشويه صورة المدينة أطفال صغار من الجنسين يحملون فوق رؤوسهم «صواني» بداخلها كمية من الذرة الشامية هذه المرة ليست مشوية وإنما «مقلية بالملح» ثم كمية أخرى من التسالي والفول.. يجوبون كل الطرقات بحثاً عن المشتري. 3/ أما القضية الكبرى وقبل الأخيرة هي ظاهرة التسول، حيث امتلأت طرقاتنا بهؤلاء حتى بلغوا «800» متسول بولاية الخرطوم، ولا أظن ولاية الخرطوم تستطيع أن تعمل «كنترولاً» علي هؤلاء لأنهم أصبحوا كالنبت الشيطاني إن حاربته هنا ظهر هنالك، فالأمر بحاجة إلى معالجة جذرية تبدأ أولاً بإرجاعهم لذويهم من البلدان التي جاءوا منها حتى وإن كلفنا ملايين الدولارات طالما أننا قد اقتنعنا بضرورة علاج هذه الظاهرة. { ستات الشاي والانتشار الكبير.. فهذه الظاهرة تؤدي إلى عدم إصحاح البيئة وذلك لكثرة المياه التي يتم سكبها على الطرقات والتي تحمل بقايا الشاي حيث تترك هذه البقايا آثاراً تحمل اللون الأسود. { نعم هذه هي الأشياء التي تؤدي إلى تشويه صورة العاصمة الخرطوم حتى يصعب أن تحولها إلى عاصمة جاذبة.. ألم تتفق معي عزيزي القارئ على هذه الاطروحات.. إذاً ما هو الحل؟ فلنبدأ أولاً بتقنين عمل الباعة المتجولين وندعمهم في بداية الأمر بعيداً عن المحليات والرسوم والجبايات فإذا بدأنا بأخذ الرسوم منهم فإن هذا الأمر سيؤدي إلى تعقيد المشكلة ولربما ظهرت ثانياً.. فعلينا كذلك دراسة أحوال هؤلاء المتجولين والذين أكثرهم من حملة الدرجات الجامعية لم ينجحوا في الحصول على وظيفة تقيهم شر التجوال فكان الخيار التجوال في عز الصيف ورغم تعاطفنا معهم إلا أنهم باتوا يشوهون شكل المدينة. ثانياً: أما بالنسبة لبائعات الشاي فعل الولاية أن تبدأ في تنظيم هذه الظاهرة ولا أقول محاربتها، لأن هنالك الكثير من الأسر تعيش على هذه الظاهرة.. فالتنظيم هو الحل وعمل دراسة لمعرفة الظروف ومن ثم السماح فقط لأصحاب الحاجات وما دون ذلك يجب أن يحارب وألا نخاف في الحق لومة لائم طالما أن هنالك جرائم كبرى أصبحت تأتي مع هذه الظاهرة.. فحتى لا تتكاثر الجرائم بصورة مزعجة أكثر مما نحن فيه فعلينا أن نحارب كل ما يؤدي إلى أن يكون سبباً في إزعاجنا وتشويه صورتنا وإفساد الشباب.. فالفساد يولد كل شيء طالما انعدمت الأخلاق وغاب الوعي وانعدم الوازع الديني.. فهنا يجب أن يتكامل دور الأسر حتى نخلق مجتمعاً معافى وعاصمة أكثر نظافة.