تضامناً مع مقال الاستاذة داليا إلياس في عدد الجمعة 29 محرم 1431ه الموافق 15 يناير 2010م، الذي تحدثت فيه عن الأطباء بعنوان «الأطباء المتحدون» أشير الى ما وصفته الاستاذة بوصف بسيط جداً عما يدور في الحقل الطبي من أخطاء طبية شائعة وعدم أخلاق تخل بالمهنة الانسانية التي يفخر بها كل أب وكل أم يحلمان بأن يصبح أحد أبنائهما طبيباً ناجحاً في الطب واثقاً بكل خطوة فيه، من فحوصات وتشخيص دقيق لمريض يرجو البلسم الشافي على يديه الطاهرتين، لإتمام صحته وعافيته. ولكن أعزاءنا.. دعونا نحصر الأخطاء الطبية التي ظهرت مؤخراً في كثير من المستشفيات الحكومية والخاصة الحديثة، ذات السيراميك اللامع والنوافذ الفاخرة. صدقوني لن تحصر ولن تعد في جميع الصحف السودانية. وكم من مواطن راح ضحية خطأ طبي، وكم من طفل بريء تنتظر أمه أن يشفى ويلعب مع إخوانه، ثكلته المسكينة، وآخر مات في أحشائها قبل أن يرى النور، بحجة أن تُنقذ أمه، ومريض ثالث قُطعت رجله من الإهمال وعدم المتابعة السليمة، ثم آخر أُخذت كليته بالخطأ!. وأخيراً ومن تطورات الطب والأطباء نسيان بعض الشاش أو أدوات العملية داخل بطن المريض. من هو المسؤول عن هذه الاخطاء وكيف يكون عقابه بعد فقد إنسان بريء راح ضحية خطأ؟. هل هي مسؤولية من درس الطب أم هي عدم انسانية الطبيب أم انشغال الأطباء بمشاكلهم الخاصة، أو ذلك الحديث الذي يدور بين الأطباء أثناء اجراء العمليات والونسة وممازحتهم لبعضهم كأنهم يصلحون عطل سيارة ولا يداوون انسانا؟. و هذه الهمسات والتلاطف الذي يدور بينهم يترتب عليها حياة انسان يستوجب مسؤولية كاملة في المستشفى أو المستوصف أمام الله قبل الجميع. ونسيت أن أعرفكم بآخر ما توصل اليه الأطباء مع مرضاهم وبالتحديد النساء وأنا أستحيي أن أفصح عن ذلك، ولكن مما سمعنا وحكي لنا عن هذا الانحطاط الذي ألم بالطبيب أو بعضهم من أصحاب النفوس الضعيفة التي لا تعرف الرحمة، فقد صار بعضهم يفكر في مريضته ويتجرد من كل معاني الانسانية ويستغل ظرفها وضعفها في أشياء خاصة بنفسه المريضة مرضاً لا يشفيه طبيب ولا حبيب، ويتمعن جسدها الذي ينكشف عند عنائها وهي تتلوى من الألم تنتظر الطبيب لينقذها ويخفف ألمها، وهو يسرح في ما لا يتصوره بشر. وفي إحدى المناسبات دار حديث عن هذا الموضوع بين عدة نساء، وكنت جالسة بجوارهن في صمت أراقب ما يقال، قالت إحداهن: (يا أخواتي هسه الدكاترة ديل ما بفكروا في النسوان السمان ديل ولحمن برة كده). ردت أخرى: (قالوا بري والله الدكاترة ديل كلهم محلفنهم اسم الله يعتبروا المريضات ديل زي العربات حتى لو كانت عربية فاخرة). وأنا أعتقد أنه إذا وصل بعض الأطباء الى هذا المستوى من التدني في الأخلاق والتعامل مع المرضى، فيجب رجمهم وليس سجنهم، وإذا ما كان هناك داخل كل طبيب ضمير يحكمه ويحاسبه وغير ذلك، فعليه أن يخشى الله في كل ما يقوم به مع المرضى من اهتمام وانتباه وتشخيص صحيح، ليستحق هذه المهنة وهذه الأمانة الكبرى.. وحفظ الله الجميع.. أمل النيل { تلويح: شكراً للأخت أمل على التوضيح الموضوعي والسرد العميق لقضية تؤرقنا جميعاً حتى كدنا نفقد ثقتنا تماماً في ملائكة الرحمة الذين أصبح بعضهم يبيعون حتى الرحمة بالمال.