ونحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة والذي يصادف اليوم الثامن من مارس الجاري كان لابد لنا أن نحيي أولاً المرأة في كل أنحاء العالم، كما نحيي المرأة السودانية على وجه الخصوص.. تلك المرأة التي لا تشبه نساء العالم في كل شيء.. جاءت سودانية بمواصفات صنعت خصيصاً للسودان. فقد تعودنا نحن في السودان أن تكون أشياؤنا تشبهنا تماماً ولا نشبه غيرنا من الدول فحتى الملبوسات والمواد الغذائية والأحذية التي يتم استيرادها للسودان عندما تصل السودان تكون هي سودانية «100%» وكأنها صنعت من أجلنا نحن فقط فنجدها من أول وهلة تغيرت ملامحها سوء كانت ملامح أمريكية أو أوربية أو آسيوية ليلغب عليها الطابع السوداني.. فحتى الحيوانات السودانية لا مثيل لها فهي سودانية سودانية حتى ولم تم تهجينها .. وأذكر هنا المعرض للفن التشكيلي الذي تم بالولايات المتحدةالأمريكية والذي شارك فيه مجموعة من التشكليين السودانيين وحينها تم استضافة المشاركين عبر قناة النيل الأزرق حيث أكد أحد المشاركين بأنه قدم لوحة سودانية «لحمار» وأكد في حديثه أن الحمار الذي جاء بصورة رائعة جداً قال إنه حمار سوداني «100%».. ضحكت جداً لهذا الوصف الجميل الذي يؤكد حب الجميع للسودان فحتى حماره جاء يشبه سودانه الجميل. فعذراً لهذا الوصف لكوني اتحدث عن المرأة السودانية ولكن وددت أن أشير إلى أن أشياءنا دائماً جميلة كجمال طبيعة السودان، لذا فإن المرأة السودانية جاءت ممزوجة بكل شيء جميل.. فالجمال بالطبع هو جمال الدواخل الذي ينعكس خارجياً ليعطي لوحة جميلة تتشكل تخلق ألقاً يناسب كل مناسبة .. ألقاً من صنع نساء السودان والمرأة السودانية الحديدية. وما دمنا نحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة كان لابد لنا أن نؤكد بأن المرأة السودانية ستظل أنموذجاً لكل نساء العالم طالما أنها كافحت وضحت من أجل خلق أسرة متكاملة في غياب الأب أو حضوره فإن «80%» من نساء السودان ظللن يقدمن التضحية تلو التضحية فقط من أجل الأبناء ومن أجل خلق جيل مترابط في ظل انفصال الزوجين.. فهنالك نماذج كثيرة تحكي روعة المرأة السودانية وهي تخلق أجيالاً وتصنع منهم أبطالاً وكأنها «الكلية الحربية عرين الأبطال ومصنع الرجال». فهنالك نماذج للمرأة التي ضحت من أجل أبنائها.. فمنها المرأة التي «ترملت»، وأخرى «انفصلت»، وثالثة هاجر زوجها، ورابعة تهرّب زوجها وتنصل عن مسؤوليته، وخامسة أخذته منها الزوجة الثانية، وسادسة كما يقولون «الطابق مستور».. فالمجتمع السوداني يعج بنماذج كثيرة من هؤلاء.. فالتحية للمرأة.. وقبل أن نعلن وقوفنا مع كل امرأة صابرت أسرد لكم هذه الواقعة لنعلن تحيتنا بعد ذلك. من أجل البحث عن المال ذهب الزوج بعد أن باع كل ما تمتلك الأسرة من بيوت وذهب حتى مواشي، ذهب لبلاد الاغتراب وترك من بعده زوجته وعياله ال«4» وكانوا جميعاً دون سن الدراسة.. ذهب بعد أن ترك لها الله ورسوله «صلى الله عليه وسلم».. فهذه سادتي قصة كما قلت واقعية بطلتها المرأة السودانية التي تنتمي للولاية الشمالية.. هذه المرأة انتظرت السنة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة والرابعة والخامسة ولكن دون جدوى.. فالزوج تاه في متاهات دول الاغتراب ولم يسأل حتى عن ابنائه.. بعد ذلك شمرت هذه المرأة الحديدية عن سواعد الجد وذهبت للأرض المعطاءة لتزرع حتى توفر لأبنائها العيش الحلال لم تحسسهم في يوم من الأيام بغياب الأب بل وكانت تقول لهم في كثير من الأحيان بأن هذه الاشياء أرسلها لكم والدكم.. ولكن عندما وصلت كما يقولون الحد أرسلت له خطاباً تحكي فيه ضنك العيش وحاجة الأولاد لوالدهم كما أكدت له في خطابها لسان حالها هو الذي تكلم نيابة عنها وهي تتذكر وكأنه اليوم.. تتذكر غرة رجب والتي شهدت سفر زوجها حينما قالت في رسالتها له: ما بنسى يوم ودعتنا وسافرت في غرة رجب خليت وراك الدار حزينة نتباكا والدمع انسكب وهي تحكي مأساتها وتقول في ذات الوقت: ما كنت دايرة أقولو ليك لكن لسان الحال غلب سمحني والله العظيم لولا الضرورة أنا ما كتب وأنا خائفة في بعدك يكون الضاع ضعف المكتسب وبعد أن سردت قصتها ذهبت لتذكره بأهم شيء وهو الأبناء الذين هم في حاجة إليه حينما قالت مخاطبة زوجها: الشي المهم ما قلتو ليك وليهو انت ما ظنيت حسب كبرو الصغيرونين خلاص خايف ليهم الطبع الكعب خائفة ليهم الطيش في الدروس وما برضى لو واحد رسب والشي المخوفني الكبير بعدين يمرقوا بلا أدب هذه الزوجة التي ضحت من أجل أبنائها لم تقف هذا الجانب بل تجاوزته لتذكر والدهم بأن الأبناء قد وصلوا مرحلة «الخطر» والتي تعني بها مرحلة «المراهقة»، وكما هو معروف فإن مرحلة المراهقة بحاجة إلى ضبط الأبناء ومراقبتهم مراقبة لصيقة حتى يخرجوا كما تريد لهم الأسرة فهنا قالت: وصلوها مرحلة الخطر والأمن مازال مستتب وأنا كنت قادراهم زمان لكن بعد كبرو انغلب حصلني قبل الجد يفوت ودويتهم فوق العتب وما بيجدي كان لمت وعتب رغم مأساة هذه المرأة والتضحية التي قدمتها إلا أنها ختمت رسالتها تؤكد لزوجها حبها الكبير له وتقول في ختام الرسالة: أنا قلبي مازال لسه حي ونجمو الملهلب ما خمد وآخر كلامي تردو لي ما أبقى بكرة أنا السبب التحية لهذه المرأة ولغيرها من النساء.. وتحية خاصة جداً للمرأة التي ضحت ولكن في نهاية المطاف لم تجد غير النكران.. التحية كذلك لتلك المرأة التي ربت أبنائها على أحسن ما يكون بعد أن ترملت ولكن عندما كبر الابناء وتخرجوا من الجامعات وباتوا يفكرون في سعادة والدتهم من حيث المسكن والمأكل إلا أن المرض قد شب عليها ليجعلها طريحة الفراش ولكنها رغم ذلك هي سعيدة كل السعادة لأنها ترى ثمرة جهدها وكفاحها وهم على أرفع المناصب. ألم أقل لكم بأن أشياءنا السودانية تشبهنا تماماً!!