{ لديَّ هواية أمارسها منذ الصغر لازمتني حتى الآن لتصبح عادة أجد نفسي مندمجة فيها رغماً عن الزمان والمكان أو حتى الحدث، والعادة يا سادة هي أنني أتابع وأقرأ بتمعن كل التعليقات التي تُكتب على خلفية العربات والركشات أو حتى ما يكتبه بتاعين الكارو. ولأن الهواية بدأت عندي «كده ساي عدم شغلة» وجدتها مع تقدم الأيام والسنين تتحول عندي إلى فلسفة أحاول أن أقرأ بها نبض الشارع أو بعضاً مما يدور من همس أو حتى جهر في المجتمع بطبقاته المختلفة، والشاهد أنه وصل بي الحال أحياناً أن أناقش سائق المركبة المعنية وأحاول أن أعرف الظرف الذي كتب فيه هذا التعليق، وإن كنت حتى الآن زعلانة جداً إنني لم التقِ ذلك العبقري الذي كتب على زجاج حافلته مقطعاً من رائعة الأستاذ الفنان زيدان إبراهيم «في الليلة ديك» لكنه بدلاً من كتابة كلمة ديك رسم ديكاً بلحمه وشحمه وريشه. وأمبارح القريبة شاهدت ركشة خُطَّ على ظهرها بحروف أنيقة عبارة «أيوه ريدتنا زي مهند ونور»، فلم أفوِّت الفرصة وقلت للشاب الذي هو في مقتبل العمر: «إنت موجِّه كلامك ده لي منو»؟ فقال لي ضاحكاً: «كلامي رداً على أغنية الفنان شكر الله»!! وتذكرت أن لشكر الله أغنية جديدة بهذا المعنى، وعلى حسب متابعتي أن الكثيرين وجَّهوا لها نقداً كالعادة باعتبارها «أغنية هابطة»، هذا اللفظ الذي ظللت أرفض أن يُعلق في رقبة كثير من أغنيات الفنانين الشباب باعتبار أنهم لم يتعدُّوا الخطوط الحمراء في ألفاظهم أو معانيهم. المهم أنني عدت للمنزل وأنا ناوية أن أسمع تفصيلات هذه الأغنية التي أثارت لغطاً كبيراً، وطلبت من ابني أن يسمعني إيَّاها إن كانت متوفرة في جهاز موبايله، فقال لي أيوه أغنية مهند ونور عندي، وإن كان أصدقاؤه الذين كانوا موجودين لحظتها قد أعلنوا استعدادهم لمدِّي بها لأنها متوفرة عندهم بكثرة. وللأمانة فإن الأغنية قد ظلمها من انتقدها كثيراً لسبب بسيط جداً هو أن كلمات الأغنية تعكس التحول الكبير الذي أحسَّه الناس في الشكل الذي يجب أن تكون عليه شكل العلاقة العاطفية بين البشر؛ لأن «سي مهند» كان نموذجاً للرومانسية المفرطة وهي صفة على حد علمي لا تتوفر كثيراً عند الرجل الشرقي الذي ربما أنه يرى أن «النحنحة» وتسبيل العيون واللواقة السواها مهند تنقص من شخصيته وتقلل من قيمته، رغم أن جميل بثينة كان أكثر لواقة من مهند، وقيس كان أكثر رومانسية عنه، وعنتر سبقه كثيراً في الدفاع عن محبوبته عبلة، لكن ولأن الآلية الإعلامية الدرامية خطرة جداً صورت هذا المهند بأنه وحيد عصره وزمانه، لذلك لن ألوم الشاعر إن قال لحبيبته «لو قايلة ريدتنا زي مهند ونور تبقي عيانة ودايرة ليك دكتور» لأنه دايرين الصراحة إن طالبته أن يكون زي مهند في السخانة دي وهو غالباً ما يكون ما شغال وكان شغال الماهية ما مكفياه تبقى عيانة ودايره ليها دكتور. في كل الأحوال أقول إن من اتَّهم الأغنية بأنها هابطة عليه أن يجس نبض الشارع الذي تفاعل معها بصورة رهيبة، خاصة وأن الفنان شكر الله يملك صوتاً سبحان الخالق فيما خلق، وعليكم الله كده لو واحد مرته وللاّ خطيبته طلبت منه لولوة مهند الكان بسوي فيها ديك ما بطلب ليها الإسعاف؟! كلمة عزيزة { أنا شخصياً لا اعتراض لديَّ في أن يقوم الفنان بالإعلان عن أي منتج أو سلعة استهلاكية؛ لأن معظم الفنانين والممثلين الكبار سلكوا هذا الدرب، لكن على شرط أن يتم الإعداد والإخراج لهذا العمل بصورة جاذبة تناسب مكانة وجماهيرية الفنان المعني، لكل ذلك اندهشت وفنان الشباب الأول جمال فرفور يقدم إعلاناً لمشروب غازي بصورة غاية في التواضع ولم يبذل فيه أي جهد على مستوى الإخراج أو حتى الكلمات التي أداها فرفور.. يا جمال يا أخوي انت أكبر من كده لذلك عليك أن تكون أحرص من كده. كلمة أعز { قالت مقدمة مساء جديد إنها «درست»، لاحظوا درست، شخصية البروفيسور عبد الله الطيب ووجدت أنه «ضليع» في اللغة العربية.. عليكم الله ما بتستاهل جائزة نوبل في الاكتشاف!!