كشفت جولة (الأهرام اليوم) وسط تجار الزيوت (جملة وقطاعي) وبعض البقالات وسط الأحياء السكنية عن وجود حالات غش في زيوت الطعام إذ تُخلط بعض الزيوت مثل الفول والسمسم بالشحوم وزيت الأولين المشبع، فيصعب على المستهلك كشفها، وأكدت معلومات تحصلت عليها (الأهرام اليوم) أن الزيوت المغشوشة والمضروبة يتم بيعها في الأحياء الطرفية لولاية الخرطوم بعيداً عن المحاضر الرسمية، حيث تقل أعين الرقابة هناك ويتم الترويج لها بكثرة وتسويقها وسط (ستّات الطعمية والزلابية) وبعض المطاعم الصغيرة. (الأهرام اليوم) نقَّبت في هذا الملف، فإلى مضابطه. تلقت (الأهرام اليوم) شكاوى من مواطنين مفادها أن هناك من يتاجرون في الزيوت الفاسدة، وتحديداً زيوت الطعام، وعلمت مصادر الصحيفة أنها تدخل البلاد عن طريق بعض المنظمات الأجنبية التي تعمل في الإغاثة مما يدفع بعض (تماسيح) الأسواق ممن يتاجرون في الزيوت إلى جمعها من معسكرات اللاجئين في دارفور وولاية الخرطوم وخلطها بزيوت طعام أخرى ومن ثم بيعها مرة أخرى. مصنع للشحوم أكد مصدر مأذون رفض ذكر اسمه ل«الأهرام اليوم» القبض على طالبٍ درس علم الكيمياء بإحدى الجامعات العريقة ثم تلقى كورساً في العلوم الكيميائية التي تختص بتحويل الزيوت العضوية (شحوم الماكينات) إلى زيوت شبيهة بزيوت الطعام خارج السودان، وعند عودته استأجر (حوش) في منطقة غرب سوق ليبيا لممارسة تحويل الزيوت العضوية إلى زيوت طعام (مغشوشة). تمت مداهمة هذا المصنع وألقي القبض على هذا الطالب وشمعت الشرطة المصنع. تجار الزيوت (إجمالي وقطاعي) أجمعوا في حديثهم ل«الأهرام اليوم» عدم تعاملهم في مجال الزيوت المشغوشة، وأكدوا أنهم يتعاملون بالزيوت التي تنتجها الشركات والمصانع المعروفة، ونفوا تعاملهم مع الذين ينتجون الزيوت (المغشوشة)، وقال أحد تجار القطاعي ويدعى طالب إبراهيم الصديق، صاحب محلات قرنفلة التجارية، في حديثه ل«الأهرام اليوم» إن الزيوت الفاسدة تباع داخل الأحياء السكنية، لا سيما وسط (ستات الطعمية والزلابية)، ويتم ذلك بصورة مخيفة. وقالت فاطمة وهي (ربة منزل) ل«الأهرام اليوم»: ابتعتُ (زيت طعام) من إحدى البقالات وعندما وضعته على النار تغيَّر لونه إلى (الأسود الداكن). ويقول التاجر محمد أحمد ل«الأهرام اليوم»: عُرضت عليّ زيوت مصنعة من (الشحوم) وهي تأتي من الخارج معبأة في براميل كبيرة (زيوت الأولين) ويخلطها أصحاب النفوس الضعيفة بزيتي الفول والسمسم. حالات غش وتلاعب رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور نصر الدين شلقامي أكد ل«الأهرام اليوم» وجود تلاعب وغش كبير في الزيوت، ويختلف سعر كل نوع عن الآخر، مثل زيت السمسم، وعباد الشمس، والبذرة، وزيت الأولين، مشيراً إلى أن أكثر حالات الغش تحدث في حالة (خلط زيت الفول بالأولين) نسبة لقوة رائحة زيت الفول وقلة سعر زيت الأولين، موضحاً: لا يوجد مانع في خلطه، ولكنه غش (تجاري)، أيضاً يوجد غش في زيت السمسم بسبب رائحته النفاذة، ولا يستطيع المستهلك أن يميز رائحته عن الزيوت الأخرى، ويخلط بزيوت أخرى مثل زيت زهرة الشمس وزيت الصويا وزيت الذرة ومن أغلى الزيوت زيت الزيتون وهو من الزيوت النادرة والغالية الثمن وتتضرر بالتخزين السيء. ويضيف شلقامي أن أهم شروط التخزين أن تحفظ الزيوت بعيداً عن الضوء وأشعة الشمس ويحفظ في علبة أو زجاجة لا ينفذ إليها الضوء وليس كما يعرض في بعض البقالات حالياً تحت أشعة الشمس!! مؤكداً أن هذه الطريقة تحدث تفاعلات وتغيرات كيميائية في الزيت. أن استعمال الزيوت بطريقة خاطئة يسبب أمراضاً خطيرة مثل السرطان بسبب تكرار التحمير كما قال شلقامي ويسترسل : إن إضافة ربة المنزل الزيت الطازج لزيت سبق استخدامه تشكل خطراً كبيراً على الصحة، وأكد أن المؤشر الأول لنفاد الزيت هو تغير لونه من الذهبي إلى الداكن، وفي حال خروج دخان بعد وضعه على النار، وفي حال حدوث لزوجة في الزيت بعد (التحمير)، كلها تدل على انتهاء صلاحيته، أما إذا لم تحدث كل هذه المؤشرات فيجب أن يحفظ الزيت في علبة مغلقة ويمكن أن يستعمل مرة أخرى دون (خوف)، ومن المحاذير يجب قراءة البطاقة التعريفية أولاً، ومعرفة محتوياته، ونوعه، وتاريخ صلاحيته، قبل شرائه. وحذر شلقامي من استعمال الزيوت (الفلت) بسبب تعرض العبوة للتأكسد، كما أنها تصبح أكثر عرضة للتلوث. شكاوى رسمية داخل نيابة حماية المستهلك؛ أكدت مولانا نعمات محمد الأمين ل«الأهرام اليوم» القبض على (9) حالات غش تجاري في مجال الزيوت تمت إحالتها للمحاكمة، وقالت: خلال هذا العام لم ترد إلينا حتى الآن شكوى عن الغش في زيوت الطعام، ونوصي المواطنين بإبلاغ السلطات حال ظهور مخالفات في زيت الطعام. قلنا: وكيف نتخلص من الزيوت الفلت؟ فقالت: نناشد الجهات المسؤولة عدم السماح للمصانع والشركات عرض بضاعتهم مكشوفة، بتعبئة الزيوت في عبوات صغيرة في أكياس و(برطمانيات)، حتى البلح والفول المصري والفاصوليا. ونجحت هذه الطريقة في تعبئة الشاي، ونتمنى أن تنجح في كل المواد الغذائية المكشوفة. تحذيرات وأكدت رئيسة قسم صحة وسلامة الأغذية بكلية الصحة العامة وصحة البيئة بجامعة الخرطوم د. نازك الطيب ل«الأهرام اليوم» أن علماء الصحة حذروا من استعمال زيت الأولين بكثرة لأنه من أكثر الزيوت المشبعة بالدهون. ونوهت إلى أن الإكثار من تناوله يسبب أمراض القلب وتصلب الشرايين ويحدث بعض الأمراض السرطانية. وأشارت رئيسة قسم صحة الأغذية بجامعة الخرطوم إلى أن الغش التجاري قد ينتج من خلط الزيوت المعدنية التي تستخرج من البترول، وهي شبيهة بالشحوم، بالزيوت النباتية الطازجة، مبينة أن بعض الحالات حدثت في بعض الدول مما دفع بعض البلاد إلى وضع إجراءات مشددة على موانئها، ومن بينها السودان، لضبط وارد هذه السلعة، حيث تقوم إدارة الرقابة والموانئ والمحاجر وإدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة بأخذ عينات من وارد الزيوت لفحصها. مشيرة إلى أن بعض الكميات تدخل عن طريق التهريب.