{ تأزّم الموقف السياسي بعد انسحاب عدد من المرشحين لرئاسة الجمهورية هم السيد الصادق المهدي، حاتم السر، ياسر عرمان، محمد إبراهيم نقد ومبارك الفاضل، ومقاطعة أبرز أحزاب تجمع جوبا للانتخابات، ما لم تتراجع الحكومة عن موقفها بشأن تأجيل الانتخابات ومطلوبات أخرى. { وغض النظر عن الأسباب الحقيقية وراء انسحاب ومقاطعة الأحزاب للانتخابات، وأهمها عدم توفر المال اللازم لتسيير الحملات الانتخابية، فإن الأهم الآن التأمل بواقعية في مشهد انتخابي تغيب عنه أكبر أحزاب المعارضة في السودان.. لابد من إمعان النظر دون أي توتر أو انفعال.. { صحيح أنها انتخابات شرعية وقانونية طبقاً لأحكام الدستور ومواقيت اتفاقية السلام، ولكن ما هي القيمة السياسية لفوز (المؤتمر الوطني) على (المؤتمر الشعبي)..؟! { حسابات «الشعبي» الداخلية تشير إلى إمكانية فوزه بمقاعد ولاة ولايات في جنوب دارفور (الحاج آدم)، والنيل الأبيض (إبراهيم يوسف هباني) رغم ترشحه مستقلاً، والبحر الأحمر (عبد الله أبو فاطمة)، إضافة إلى عدد من الدوائر الجغرافية والنسبية، والأخيرة يتصدر قائمتها الشيخ الدكتور حسن الترابي. { أما حسابات الحزب الاتحادي (الأصل) بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني فتقول بإمكانية فوزه بمقاعد ولاة ولايات شمال كردفان (ميرغني عبد الرحمن حاج سليمان)، ونهر النيل (البخاري عبد الله الجعلي) وسنار (التوم هجو)، وكسلا (مجذوب أبو موسى)، والشمالية (أبو الحسن فرح) وغرب دارفور (السلطان سعد بحري الدين). { غير أننا من واقع مراقبتنا للمشهد الانتخابي، نعتقد أن حسابات «الشعبي» و«الاتحادي الأصل» غير دقيقة، فقد ينال «الشعبي» مقعد الوالي في ولاية واحدة، فيما يمكن أن يحصل الاتحاديون على مقعدين أقربهما للترجيح شمال كردفان، وسنار أو كسلا. { ولكن بالمقابل، فإن الحزب الاتحادي الأصل لن يحصل على كثير مقاعد في البرلمان بسبب الأزمة ا لمالية الطاحنة التي واجهت مرشحيه في الدوائر الجغرافية والنسبية، وقد لا تتجاوز مقاعده في البرلمان ثلاثين مقعداً.. وأوفر مرشحيه بالدوائر حظاً هو السيد «طه علي البشير» في دائرة (مروي الدبة). { أما حظوظ «المؤتمر الشعبي» على مستوى مقاعد البرلمان، فهي أقل من الاتحاديين، ففي ولاية الخرطوم، تبدو دائرة (الدروشاب السامراب الحلفايا) الأكثر حراكاً للشعبي، حيث يترشح فيها الأستاذ «إبراهيم عبد الحفيظ» ضد الأمين السياسي للمؤتمر الوطني البروفيسور «إبراهيم غندور»، وتبدو المهمة صعبة بعد نقل «غندور» من «أم بدة» إلى «الحلفايا» في مهمة قتالية.. { حالة الارتباك السياسي بانسحاب عدد من الأحزاب والمرشحين ستصيب العملية الانتخابية بضمور وخمول ليس من مصلحة «المؤتمر الوطني» الذي يريد أن يؤكد شرعيته بالجماهير عند منازلة أحزاب كبيرة لها تاريخها ووزنها. { الموقف يحتاج إلى تدخل عاجل من السيد الرئيس «عمر البشر» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالاتصال بحزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي الأصل، أما موقف الحركة الشعبية فسنفصل في تحليله غداً إن شاء الله.