من المؤكد أن المهرجانات ترفد الحركة الثقافية بحراك يضخ في صالح عافية المبدعين، ومهرجان أيام البقعة المسرحية في دورته العاشرة الذي انطلقت فعالياته في 27 مارس وحتى 4 أبريل 2010م بأم درمان يمثل علامة فارقة، ومنح أمسياتنا عطره المتميز. لذلك نالت فعالياته وافراً من الاهتمام من جمهور المسرح عموماً وقبيلة المثقفين والمسرحيين على وجه الخصوص، إذ أنه يحمل في ثناياه رؤية مستقبلية بلورت أهدافها في شعار المهرجان (المسرح في معركة بناء الأمة). وإجمالاً ما جاء في الافتتاح الذي استصحب أعمالاً متميزة جعل «الأهرام اليوم» تطرح أسئلتها في استبيان وسط جمهرة المسرحيين من داخل مسرح البقعة فوضعوا ما يرونه حافزاً لهذه الدورة التي تمر على المسرح في منعطف مختلف مما كانت عليه الدورات السابقة.
{ نار الدراما حية الأنور محمد صالح (مخرج)، أوضح أن هذه الدورة أثبتت أن قدرات القائمين على مسرح البقعة بحجم فكرة المسرح والدراما، وأشار الى أن المهرجان جاء متزامناً مع اليوم العالمي للمسرح وهذه بشارة خير، وأضاف: أهنئ في هذا اليوم كل مسرحيي السودان، داعياً لهم بعام جديد من الكفاح والاجتهاد والبحث في أن يجدوا لهم موقعاً في الحياة المعاصرة وإبقاء لنار الدراما حية حتى يلتفت المثقف والسياسي السوداني لضرورة الخطاب الدرامي واستصحابه في التغيير الاجتماعي وصنع حياة تتسم بالرفاهية لشعبنا المعلم الصابر. وأكد أن هذا العام من أصعب الأعوام التي تمر على الدراما السودانية، لافتاً إلى أن استمرار هذا المهرجان لمدى العشر سنوات يثبت أن الدراما السودانية قادرة على قيادة المجتمع السوداني وتتفاعل معه بصورة مباشرة وهذا ليس غريباً إلا أنها تجمع نخباً لصيقة بالسياسي وإن لم تكن هي سياسية. وأبان الأنور أن المرحلة التي نمر بها في كامل تجلياتها تضع بعض الصعوبات للدراما السودانية وهي مرحلة كبيرة وعميقة أشبه بالديمقراطية وعلى الدراميين التغلب عليها رغم أنهم يحملون تراكماً من المشكلات، ملمحاً أن المهرجان جاء في منعطف أعتقد بأنه أثر عليه من خلال الغياب الإعلامي للمهرجان، وأوضح أن القائمين لم يوفقوا أن يسعوا بالإعلان لهذا المهرجان بالصورة الكافية وقد يعود إلى أمر اجتماعي أو سياسي. { فعالية المهرجان وعلى ذات السباق تحدث الناقد مهدي آدم حسين مبيناً أن المهرجان يستمر لمدى عشر سنوات وهو بالأساس مهرجان أهلي تتطور في فعاليات ويضيف أن دعم الدولة للأنشطة الثقافية والفنية يعد أول لبنة أساسية نحو حرية التعبير وأن المعيار الوحيد للدعم هو الابداع الذي يعبر عن ثقافة المجتمع وذلك بتيسير كل الوسائل للمبدعين حتى يتمكنوا من انتاج إبداع لصالح أنفسهم ولصالح المجتمع. { نسيج وحده من جانبه أكد الفنان عبد الرحمن الشبلي بأن مهرجان أيام البقعة المسرحية خط لنفسه طريقاً ليكون الأول واستمرار دوراته لعشر سنوات متتالية يؤكد ذلك مما جعله يضع اسمه على خارطة المسرح السوداني بأحرف مضيئة رغم ما يقال عنه، فعروضه تتميز ومعظمها من الهواة، وأضاف: استطاع أن يجذب الكثير من الرواد والمحترفين الكبار، لافتاً أن مهرجان أيام البقعة المسرحية من الناحية التنظيمية أثبت بأن هناك إدارة واعية ومجموعة مارست كثيراً فعل المهرجانات. وأشار إلى أن هذا المهرجان جاء أكثر تنظيماً إذ أن الدورات الماضية أكسبت القائمين عليه الخبرة والمعرفة التامة بشؤون هذا المهرجان واستفادوا في كل الأخطاء لتصبح فعلا ايجابيا، موضحاً أن المهرجان استطاع أن يقنع الدولة بأن تدعمه ويقف الناس على ذلك، أضف أن المهرجان استقطب بعض الشركات لتدعمه ويعتبر ذلك نجاحاً للوسط المسرحي.. وقال: المشاركات الأجنبية أضفت للمهرجان بعداً يجعله يتجدد كل عام وفي عيد المسرحيين. { التنظيم مميز أما الناقدة الاستاذة سهير عبد الرحمن صديق فأوضحت أن ما يحمد لمسرح البقعة استمراريته لعشر دورات متصلة ليتيح ذلك تواصلاً وتفاكراً حول المسرح ما له وما عليه وهذه تعد صفة ايجابية. وأشارت الى أن ما يميزه على مستوى العروض يصعب الحديث عنه إلا بعد نهاية المهرجان إلا أن مستوى التنظيم للمهرجان كان مميزاً، وقالت: ومن الايجابي المطبوعات المصاحبة والفرق الوافدة مما أتاح لنا مشاهدة مسارح أخرى حولنا. وأبانت أن فكرة احتكارية الأعمال هذه صفة أزلية والصراع القائم بين المثقف والسلطة، وهذا لا يخص البقعة على وجه التحديد بل كل قطاع الثقافة والفنية، فهناك من يحتكرون مواقع محددة بحسب انتمائهم للسلطة.