أوفدتُ وخمس مرشدات من الخرطوم وعطبرة، هن: أم سلمة سعيد، وإنجيل ميخائيل، وصبحي مرقص، وإيزابيل «من أصل أرمني»، وبولين «يونانية»، إلى معسكر دولي في المملكة المتحدة عام 1953م، وحضرنا تتويج الملكة أليزابيث، وكانت هذه بداية الانطلاق للتعرف على شباب العالم، حيث ضم مخيم أقيم لنا فتيات من كل دول العالم، ما عدا الدول الشيوعية التي لا توجد بها كشافة أو مرشدات حيث لا يوجد نشاط فكري أو شبابي حر. معرض دمشق الدولي: انتدبتُ مع السيدة نفيسة عوض الكريم للإشراف على معروضات وزارة التربية والتعليم في معرض دمشق الدولي عام 1956م، وشمل المعرض كثيراً من المهن السودانية وإنتاج المدارس من الخياطة والتطريز والأعمال اليدوية. وقد احتوى المعرض على بعض الزواحف، كالتماسيح الحية، وضعت داخل بركة في جناح المعرض مما لفت أنظار جميع الزائرين، وقد كانت شلوخ السيدة نفيسة تثير تعليقات السوريين فيسألون عنها، وتجيبهم بروح النكتة والسخرية بأنها موضة قديمة في السودان، فيشيرون بيننا هذه موضة قديمة وهذه موضة جديدة!! حلقات دراسية في العمل الطوعي: نظم المكتب العربي للمرشدات دراسة في التنظيم والإدارة لرئيسات وأصحاب المال من المرشدات في الوطن العربي في مدينة الكويت الشقيقة، فحضرت هذا السمنار بصفتي أمينة المال لجمعية المرشدات السودانية، وكذلك حضرت أم سلمة سعيد - رئيسة الجمعية - وقد استفدنا كثيراً من خبرات واختصاصات هذا السمنار من المكتب العالمي. في عام 1959م حضرت حلقة نقاش دراسية في نيويورك بالولايات المتحدةالأمريكية بدعوة من جمعية الصداقة والمراسلات العالمية : Friendship International Communication Society ، وقد حضرت هذه الدراسة سيدات من الهيئات النسائية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط من مصر، وتونس، والمغرب، وليبيا، وسوريا، والأردن، ولبنان، والكويت وتركيا، ومن السودان السيدة ثريا أمبابي وشخصي. وعند نهاية السمنار أعدت لنا برامج زيارات لدور العلم والمتاحف والجمعيات الخيرية والطوعية، وتجولنا في مناطق أثرية وسياحية في ولايات أمريكية عدة، وقمنا بزيارة سيدة البيت الأبيض الأمريكي آنذاك الليدي أيزنهاور في واشنطن، فأعجبت بالثوب السوداني أيما إعجاب وقالت لي:
أنت بثوبك الأبيض تبدين كالملاك you look like an angle ، فقلت لها هذا ثوب زفافي لبسته خصيصاً لزيارتك ويسمى عندنا بالسودنة، وشرحت لها معنى السودنة، فقالت لي إحدى المرافقات: هذه دبلوماسية سودانية. في طريق عودتي قضيت ثلاثة أيام مع مرشدات هولندا في أمستردام لأن الطائرة التي أقلتنا من نيويورك غيرت اتجاهها بسبب التيار البارد، وكانت الطائرة المتجهة إلى روما ثم باريس قد غادرت المطار، فاتصلت تلفونياً بالمرشدات الهولنديات، فرحن بي وبمقدمي وأخذنني إلى دارهن بعد أن سلمن جواز سفري إلى سلطات المطار واحتفين بي، وشاهدت كثيراً من مناشطهن الكشفية بمناسبة عيد الزهور في بلدهن. في باريس رحبت بنا الأستاذة سعاد علام «حرم المرحوم الدبلوماسي إسماعيل المليك»، ووجدت في ضيافتها الأخوات نفيسة المليك، ومحاسن جيلاني اللاتي حضرن بدعوة كريمة من المجلس الثقافي البريطاني، فوجدت عندهن كل حفاوة وتكريم، فكانت رحلة أوروبية ممتعة لم أخطط لها ولكنها جاءت بسبب تأخير الطائرة. مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي International Women Alliance وصلتني دعوة من الاتحاد النسائي العالمي لحضور هذا المؤتمر الذي ضم نساء يعملن في مجال العمل النسوي الطوعي من جميع أنحاء العالم، من أفريقيا وأوروبا، وآسيا، وأمريكا. كان ذلك عام 1969م، وعقد هذا المؤتمر بأديس أبابا وفوجئت بحضور الدكتورة سلمى محمد سليمان - إحدى عضوات المؤتمر- ناقشت نساء العالم موضوع وضع المرأة في الدول النامية وقدمتُ بعض المقترحات الجميلة لمساعدة نساء تلك الدول من حيث الخبرة والمادة، والاتصالات عن طريق الزيارات والنشرات والدورات التدريبية في العمل الطوعي. استقبلنا بأديس أبابا الإمبراطور الراحل هيلاسلاسي في قصره، وعند مرورنا في الطابور أمامه بالثوب السوداني بدون انحناءة منا نحن الاثنتين كما فعلنا في المؤتمرات طلب منا الوقوف بجانبه، فتحدث إلينا ذاكراً حبه للخرطوم التي عاش فيها فترة من الزمن بالقرب من ميدان أبو جنزير في شارع القصر وطلب من ابنته هيلي مريام إهداءنا «فرو» من جلود القرود النادرة التي تعيش في غابات أثيوبيا ففعلت مشكورة. مؤتمرات المرشدات العالمية: حضرت مؤتمر المرشدات العالمي التاسع في أثينا في اليونان عام 1962م ، وقد أضفى حضور الليدي بادن باول صدىً واسعاً لهذا المؤتمر في وسائل الإعلام والصحف الأوروبية واليونانية خاصة لما لهذه السيدة من مكانة خاصة بين نساء العالم العظيمات. وفي هذه المؤتمرات العالمية التي تعقد كل ثلاث سنوات في قطر ما، توضع السياسات والبرامج الكشفية وتنتخب اللجان التي تسير العمل الكشفي في أرجاء العالم. في هذا المؤتمر تعرفت على سيدة هندية شاركتني الغرفة في الفندق فتعلمت منها الرقص الهندي وعلمتها الرقص السوداني، فكانت لفتة أشادت بها المؤتمرات بتطبيق أحد قوانين المرشدات: المرشدة صديقة للجميع وأخت لكل مرشدة أخرى، كما نال الثوب السوداني كذلك إعجاب ملك اليونان عند زيارتنا له في قصره بأثينا، فعبر عنه بالتحدث عن الزي السوداني في كلمته للوفود. كنت كذلك عضواً في مؤتمر المرشدات العالمي الحادي عشر في هلسنكي في فنلندا، ومن ذكرياته اللطيفة أن صحونا والأخت أم سلمة سعيد عضو - المؤتمر- التي كانت تشاركني الغرفة، وما أن رأينا الشمس في كبد السماء حتى ارتدينا الملابس الرسمية وخرجنا مسرعات لحضور افتتاح المؤتمر المزمع قيامه في التاسعة صباحاً، ولكن توقفنا عند مدخل الفندق عندما عرفنا أن الساعة تدق الثانية عشر عند منتصف الليل. في هذا المؤتمر حظينا بمشاركة ملك الدنمارك في جلسات المؤتمر كما اصطحبنا في رحلة بحرية في بحر البلطيق. ونواصل.. { مدخل للخروج: وهُنا قي الدار سيبقى أبت للصبر مداداً للهم عزاء.. وسنبقى أبداً بعد رحيل (زكية) خير الدنيا عشقاً ينبض كيف يشاء.. برحيلك أمّي جف سحابي وانشطر القمر بذات مساء.. والشمس امتصت لون نهاري وانفجر الكون عليك بكاء.. وبفقدك أمي كل الأنجم عني غابت والفجر توارى في الظلماء..