((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوق دعم الطلاب.. إلى متى يغط في نوم عميق؟!
نشر في الأهرام اليوم يوم 13 - 04 - 2010

كشفت جولة «الأهرام اليوم» بمجمع داخليات الصندوق القومي لدعم الطلاب بجامعة الخرطوم عن الأوضاع المعيشية والصحية البائسة التي يعاني منها آلاف الطلاب الذين أكدوا في حديثهم ل«الأهرام اليوم» إهمال إدارة الصندوق لتلك المرافق، وأشاروا إلى أن الصندوق أسقط أسماء العديد من الطلاب من قائمة الدعم وقالوا لم نتسلم الدعم الشهري والبالغ قدره (50) جنيهاً منذ أغسطس الماضي، وأكدوا أن المبلغ رغم تواضعه لكنه كان يسهم في التخفيف عليهم.. وخاطبوا عبر صحيفة (الأهرام اليوم) باستعجال صرف تلك المتأخرات.
في الزمن السابق كانت داخليات جامعة الخرطوم أشبه ما تكون بفندق خمس نجوم إذا ما قورنت بداخليات جامعات هذا الزمن الذي تدهورت فيه أوضاع داخليات طلاب الجامعات بصفه عامة إلى حد لا يمكن أن يوصف؛ حيث أن الوضع بتلك الداخليات، كما صورته «الأهرام اليوم» خلال جولتها هناك، يفتقر إلى أبسط ضروريات الحياة كالماء والإنارة والخدمات الصحية، والطعام بداخل المطاعم والكافتريات يمثل كل الرداءة، أما وسائل الترفيه فهي خارج قائمة ضروريات الحياة، أما تعاطي المخدرات على أسطح هذه الداخليات وترويجه من اتجاه آخر فقد أضحى أمراً واقعاً.
كل هذه التفلتات عبرت من خلال بوابات الداخليات التي لا تضبط جيداً حركة الداخل اليها والخارج منها، الأمر الذي حوّل هذه الداخليات إلى وكر لجرائم المخدرات والسرقات.
«الأهرام اليوم» فتحت هذا الملف للوقوف على حقيقة الأوضاع داخل الداخليات التي يديرها الصندوق القومي لدعم الطلاب.

٭ إهمال.. وإهمال
فضاء واسع تتوسطه شجرة «دقن الباشا» وشجرة نيم تدلت فروعها متمددة خارج المبنى وكافتريا صغيرة متناثرة تلك هي داخلية «أبودجانة» حيث ولجتها باتجاه شارع الجامعة وهي إحدى داخليات جامعة الخرطوم، مررت بالاستقبال وجدت شخصين يجلسان على مكتبيهما، لم يعترضا طريقي ولم يسألاني عن وجهتي حتى ظننتُ أن لا علاقة لهما بوظيفة الاستقبال! التقيتُ على الكافتريا ببعض الطلاب، تعرفتُ على طالب الهندسة «م. ي» الذي ذكر ل«الأهرام اليوم» أنه من قاطني داخلية «أبودجانة»، وأشار إلى أنها تضم طلاب الهندسة عامة، وهي تتكون من أربع وتسعين غرفة تقع جميعها في مبنى من ثلاثة طوابق، شكلها الخارجي لا غبار عليه، وحينما أرسلتُ بصري هناك تبيّن لي أن مساحتها كبيرة قياساً بداخليات أخرى، إلا أنها تحتاج إلى الكثير، فهي مزدحمة إلى حد كبير بالطلاب المقيمين وسكان آخرين من خارج الجامعة صعدت مع طالب الهندسة إلى الطابق الثاني من هذه الداخلية حيث توجد غرفته، لاحظت أن الغرفة تبدو ضيقة ورغم ذلك تضم سبعة طلاب يقيمون بها وهي لا تتسع لهذا العدد الكبير، كما تفتقد إلى أبسط مقومات النظافة. وأشار الطالب في حديثه ل«الأهرام اليوم» الى أن الطلاب يشرفون بأنفسهم على نظافة الغرف بالداخلية، كلٌ في سكنه، مستدركاً أن جُل هذه الغرف يضم أيضاً طلابا كُثر من ولايات السودان وطلاب ملاحق لا حصر لهم، وأكد أن قطوعات الكهرباء تتكرر بشكل مستمر مما جعل الطلاب يعانون كثيراً بسبب عدم انتظامها في استذكار دروسهم، وذكر أن الداخلية تنعدم بها كافتريا أو مطعم كبير يلبي طلبات الطلاب الغذائية عدا مطعم صغير لا هو بالكافتريا ولا المطعم، وهو أكثر فقراً ولا يستطيع أن يقدم وجبة عذائية متكاملة، كما أن الصندوق لا يقدم أي دعم يذكر يساعد الطلاب في وجباتهم الغذائية.
٭ ترويج المخدرات
أشار الطالب في حديثه ل«الأهرام اليوم» إلى أن الاستقبال لا يعتمد أبداً الرقابة الصارمة لضبط حركة القادم أو الخارج، متطرقاً إلى أن ارتخاء قبضة الاستقبال التي تمثلت في غياب الرقابة سببت حالة من الفوضى؛ إذ وفد إلى هذه الداخلية كم هائل من أناس نجهل نحن الطلاب هوياتهم ولا علاقة لهم أصلاً بالجامعة مما أسهم في حدوث العديد من السرقات بفعل هؤلاء المتسربين عبر الاستقبال الذي أصبح مشرعاً في وجه العابرين، وأشار في معرض حديثه الى أن سطوح هذه الداخلية أضحت حرماً مستباحاً لمدخني (الحشيش والبنقو) حيث أن هنالك على حد ذكره شريحة كبيرة ممن يقيمون بهذه الداخلية يقومون بترويج المخدرات وأضحى أمراً شائعاً بالعديد من داخليات جامعة الخرطوم. وتحدث إلي بشيء من التفصيل أن هناك زواراً يقيمون بهذه الداخلية ويستغلون عدداً كبيراً من الطلاب للترويج للمخدرات. وفي سؤال استنكاري قال هل المسؤولون عن حفظ الأمن بجامعة الخرطوم يجهلون كل ذلك؟ أم أنهم يغضون الطرف عن هذه الممارسات الخطيرة؟
٭خدمات رديئة
وتكشف لنا أن بهذه الداخلية ثلاثين حماماً الصالح منها للاستعمال سبعة حمامات فقط يتزاحم عليها ثلاثمائة واثنان وستون طالباً يقيمون بالداخلية بصفة رسمية بالإضافة إلى الضيوف من الزوار. «الأهرام اليوم» وقفت على أوضاع الداخلية من الزوار حيث تلاحظ أن الحمامات رديئة طافحة تصدر منها الروائح الكريهة، كما أن الحمامات الصالحة للاستعمال أصبح الضغط عليها كبيرا وفوق الاحتمال أمام العدد الكبير من الطلاب. بيئة هذه الداخلية غير مناسبة للطلاب، ولاحظنا أيضاً بداخلها مبنى كبيراً تبلغ مساحته 400 متر يقبع خالياً وغير مستغل البتة كان يمكن أن يستغل كمكتبة أو كافتريا أو صالة كبيرة للاستذكار إلا أنه ظل مغلقاً ينام بداخله بعض الخفراء فقط وغرف الداخلية تكتظ عن آخرها بالطلاب!!
وأكد الطلاب أن مياه الشرب بهذه الداخلية لا تكفي ل«400» طالب ناهيك عن الزوار والضيوف؛ إذ يوجد بها عدد «2» كولر فقط و«سيركل ماء» صُنع من الفخار قامت بتصنيعه كلية الفنون الجميلة وهو لا يبرد الماء بشكل منتظم لأن الضغط عليه أيضاً كبير. طلاب الداخلية يعانون كثيراً في الحصول على ماء الشرب البارد رغم أن الطلاب يدفعون للصندوق مبلغ «110» جنيهات للطالب الواحد، مشيراً إلى أن هذه الداخلية تضم نوابغ السودان بأجمعه ممن تحصلوا على «90%» وما فوق، كما لاحظت أن الأسرِّة قديمة وغير مريحة مصنوعة من سيخ الحديد العريضة يضع الطلاب قطعاً من الكرتون على هذا السيخ يفرشونه على المراتب حتى لا تؤلمهم وطأة الحديد، كما أن الحوائط مشوهة بالرسومات والكتابة بالأحرف الكبيرة البارزة وأكل عليها الإهمال.
وطالب الطلاب في حديثهم ل«الأهرام اليوم» أن يراقب موظفو الاستقبال الغرباء الذين يقتحمون مداخل هذه الداخلية سداً لتلك الثغرات حتى لا يدخلها مروجو المخدرات، وربما المجرمين الأكثر خطورة المندسين بين صفوف طلاب الداخلية.
٭ عمال الكافتريا يقيمون بداخلية الطلاب
مررتُ بمبانٍ متعددة ومطاعم وكافتريات تحتل مساحات واسعة من مجمع داخليات الوسط بجامعة الخرطوم، داخل إحدى الغرف بداخلية الأصيل حيث التقت «الأهرام اليوم» الطالب حامد محمد آدم من كلية العلوم، رحب بي حين أعلمته هويتي والغرض من الزيارة، لاحظت أن الغرفة يقيم بها أربعة من الطلاب وهي ضيقه لا تسع لأكثر من طالبين، وأشار إلى أن الأسرِّة قديمة ومتهالكة مصنوعة أيضاً من السيخ القوي الذي يؤلم حين الاستلقاء عليه. وأكد الطلاب بأنهم يستخدمون قطع الكرتون فوق هذا السيخ ويفرشون عليها المراتب التي استجلبوها من منازلهم، وأشاروا إلى أن الحمامات غير صالحة للاستعمال، مشيراً إلى أنهم يضطرون إلى استخدام حمامات داخلية «الرهد»، مشيراً إلى أن الطالب إذا لم يستيقظ عند الخامسة صباحاً لن يمكنه قضاء حاجته أو الاستحمام على أسوأ احتمال!! وأكدوا أن عدد حمامات داخلية الرهد ثمانية حمامات فقط ولا تسع ألف طالب، كما أن غالبية هذه الحمامات غير صالحة للاستعمال وطافحة بالمخلفات وتصدر منها روائح كريهة، مشيراً إلى أن عدد الطلاب كبير بالإضافة إلى من يقيمون معهم داخل هذه الغرف من عمال الكافتريات، والضيوف الآخرين، وأشار إلى ندرة مياه الشرب الباردة بأغلب هذه الداخليات حيث يلجأون إلى الشرب عبر الكافتريات، ونسبة لعدد الطلاب الكبير ممن يتهافتون على الشرب من هذه الكافتريات فإن ماءها ينفد سريعاً ونظل في البحث عن الماء البارد خارج دائرة هذه الكافتريات ولا توجد بتلك الداخلية مكتبة للقراءة والاطلاع أو أية وسائل للرياضة أو الترفيه، لافتاً إلى نقطة مهمة، قائلاً نقوم نحن بإصلاح دواليب الغرف كأنّ إدارة الداخلية غير معنية بهذا الأمر.
٭ أين الدعم؟
الطلاب أكدوا ل«الأهرام اليوم» أن رسوم هذه الداخلية «110» جنيهات، كما يتلقون دعما من الصندوق قدره «50» جنيهاً وهي مساعدة رمزية، أشار الى أنهم لا يقبضونها إلا بعد أن يمر عليها ثلاثة أشهر، كما أنها غير منتظمة الدفع، وأشاروا في حديثهم إلى أن بداخل حرم هذه الداخليات عدد كبير من الكافتريات وطعامها ليس بالقدر المطلوب والمقبول، مؤكدين غياب الرقابة عليها من قبل الجهات المسؤولة أو حتى من وزارة الصحة أو من المحليات على أسوأ افتراض، ورغم كل ذلك يرتادها العديد من الطلاب لتناول وجبتي الأفطار والغداء باعتبارها أكثر قرباً من الداخليات.
٭ حمامات طافحة
سرتُ داخل ممر طويل، تجاوزتُ داخليات عديدة، صعدتُ السلم إلى الطابق الثاني حيث توجد داخلية «كسلا» بجامعة الخرطوم، داخل إحدى الغرف التقت «الأهرام اليوم» الطالب «ش. أ. م»، أجلتُ نظري نحو الغرفة، وجدتها غير مرتبة، يوجد بها فقط سريران من طابقين صُنعا أيضاً من الحديد المقوى، أشار إلى أنهم جلبوا (المراتب) من منازلهم، وتحدث عن تردي الخدمات داخل هذه الداخلية حيث لديهم عشرون حماماً، الصالح منها للاستعمال خمسة فقط، وأشار إلى أن من أراد قضاء حاجته أو الاستحمام يجب أن يصحو مبكراً تفادياً لهذا الازدحام، مشيراً إلى أن هذه الحامات طافحة أيضاً كسائر دورات مياه الداخليات الآخرى بالجامعة وننتظر أن «تُلجّن» على وجه السرعة لئلا يُصاب أحدنا بأمراض نجهلها!! وزاد أن المقاهي تقع قرب الحمامات ولا توجد رقابة صحية على المطاعم، مشيراً إلى أن الطلاب كونوا لجنة أشرفت على رقابة الخضار المعد للطبخ وصادرنا كمية كبيرة من الخضار الفاسد والفاكهة، وحُوربت لجنتنا هذه بشراسة وحتى هذه اللحظة التي أتحدث فيها اليكم الوضع بالمطاعم في غاية الرداءة، وقال نحتاج بقرب هذه الداخليات إلى مكتبة الكترونية لإعانتنا في استخراج البحوث إلا أن إدارة الصندوق فضّلت تأجير معظم هذه الدكاكين لأصحاب (النت) كاستثمار بدل أن تكون خدمة مجانية للطلاب، كما أن الكافتريات لا تراعي المواصفات الصحية، وأكد الطلاب أن هذه المبالغ الضخمة تؤول لصندوق دعم الطلاب الذين أكدوا أن لديهم متأخرات كفالة صندوق لأكثر من أربعة شهور، مشيرين إلى أن الصندوق لم يقم بصرف كفالة الخمسين جنيهاً التي تُمنح للطالب شهرياً خلال المدة المشار إليها آنفاً، كما أن موظفي الصندوق يسقطون العديد من أسماء الطلاب وهناك الآن كم هائل من الطلاب قد أسقطت أسماؤهم دون وجه حق.
٭ مسجد واحد
ورغم أن عدد الطلاب كبير إلا أن لديهم مسجد واحد وهو المكان الوحيد وفق ما أشاروا الذي يستذكرون فيه دروسهم، كما ليس لديهم أية وسائل للترفيه، وذكروا أن هناك تلفزيون واحد بإحدى الكافتريات يتزاحم عليه عدد كبير من الطلاب. جولة «الأهرام اليوم» قرب الداخليات كشفت عن وجود تل كبير من النفايات وتأكد لي أنه لا توجد عربة مخصصة لأخذ هذه النفايات، وهذا يشكل ظاهرة غير صحية.
أحد الطلاب أشار في حديثه ل«الأهرام اليوم» بأن الوحدة الصحية بالجامعة لا تتوفر فيها علاجات الملاريا، وبالأخص الحقن الزيتية التي من المفترض أن نبتاعها بالبطاقة الصحية بربع القيمة ولكنها تسوّق سراً خارج نطاق الجامعه بالقيمة الكاملة، وأكدوا أن داخلية «كسلا» ضيقة أكثر مما يجب ولا تستوعب أعداد الطلاب الضخمة وهناك العديد منهم يفترشون الأرض، وآخرين ينامون على مسرح الطلاب ومنهم من ينام على الشارع وجزء منهم ينام قرب «الكوشة»!! وفي ذات الوقت أشاروا إلى أن صندوق دعم الطلاب يقوم بتأجير بعض الغرف بهذه الداخليات لطلاب من جامعات آخرى بواقع «250» جنيهاً للشهر مما أدى لاختلال موازين إسكان الطلاب بهذه الداخليات ليخرج عدد هائل منهم من غرفهم مستولين على فضاءات الجامعة المتعددة، وأشاروا إلى تسرب خبر بيع داخلية «السنتر» قبل سنة كاملة مما أدى إلى أن يُقذف حينها بالطلاب إلى الشارع مباشرة، وأكدو أن لديهم متأخرات كفالة صندوق منذ أغسطس وحتى ديسمبر طالبنا بصرفها ولكن دون جدوى، مشيرين إلى أن البيئة المحيطة بالداخليات غير صالحة لأن نتعايش معها، بجانب وجود العديد من الغرباء ممن يقيمون بداخل هذه الداخليات ولا علاقة لهم البتة بالجامعة.
٭ احتجاجات بسبب رداءة الطعام
سلكتُ طريقاً واسعاً أشبه بردهة كبيرة يفضي إلى ممر ضيق حيث داخلية «الرهد»، لاحظتُ أن مبانيها قديمة في معمارها ترجع إلى العهد الإنجليزي، ولجتُ إحدى الغرف حيث التقت «الأهرام اليوم» الطالب (ق.ع) وهو يدرس بكلية العلوم الإدراية، الذي أشار إلى أن رجل الاستقبال بهذه الداخلية لا يتحرى بدقة عن الداخل إليها أو الخارج منها مما سهل أن يخترق هذه الداخلية أعداد كبيرة من الناس ممن ليس لهم علاقة أصلاً بالجامعة ويطلقون عليهم «الطيارات» وهم يقيمون بغرف هذه الداخليات لأشهر متعددة وربما يمتد ذلك إلى سنوات وسنوات، وأشار إلى غياب الرقابة باستقبال هذه الداخليات مما يتسبب في اختلال الأمن وأدى إلى حدوث العديد من السرقات بداخل هذه الغرف سرقة ملابس، موبلايات، أجهزة لاب توب وخلافه. وحين طفتُ بالحمامات وجدتها أكثر رداءة وغير نظيفة وأغلبها طافح بالقاذورات كما أن الماء مقطوع في أغلب الأوقات. وقال الطالب في حديثه إن أي مجمع سكني بهذه الداخليات به أربعة وعشرون حماماً، الصالح منها للاستعمال فقط ثمانية حمامات، وهذه لا تتسع لهذا العدد الكبير من طلاب الداخليات، كما يحتاج جزء كبير منها الى صيانة، والصالح للاستعمال تنبعث منه روائح كريهة، وأشار إلى أن ماء الشرب البارد غير متوفر بهذه الداخلية مما يضطر معظم الطلاب للبحث عنها في الكافتريات. وذكر في معرض حديثه أن الداخليات لا توجد بها ثلاجات كافية، علماً بأن خمسة وسبعين غرفة بها مبرد ماء واحد وأبلغنا الإدارة بنقص ماء الشرب البارد ولكن لا حياة لمن تنادي، وكل سكان الداخليات من الطلاب أو زوار وضيوف عابرين يعانون من نقص الماء، وأشار إلى تكرار القطوعات الكهربائية، وذكر أن لديهم كافتريا واحدة قرب الداخلية إلا أن طعامها رديء بل وغير مستساغ إلى الحد الذي تذوقنا فيه الحصى وقطع الزجاج الصغيرة داخل هذه الأطعمة مما دفع ذلك إلى مزيد من الاحتجاجات الطلابية ولكن لم تلتفت إدارة الصندوق لكل وسائل الرفض هذه، فذابت مواقف الطلاب كقطعة جليد داهمتها الشمس. وأشار في حديثه إلى أن الطلاب عادوا من احتجاجاتهم تلك مقهورين ليرضخوا للأمر الواقع كأن شيئاً لم يكن!! كما تطرق في حديثه ل«الأهرام اليوم» إلى انعدام مكتبة للقراءة والاطلاع بالداخليات أو مساحات تخصص كميادين يمكن أن يمارس فيها الطلاب النشاط الرياضي، مشيراً إلى أنه يدفعون رسوم داخلية وقدرها «110» جنيهات في السنة، وليست هناك أية خدمات نقبضها مقابل هذه الرسوم، كما أن مساهمة صندوق دعم الطلاب لنا لا تتجاوز ال«50» جنيهاً شهرياً، وهذا المبلغ الزهيد غير منتظم الدفع وقد تمر علينا ثلاثة أو ربعة شهور لا نتسلم هذا المبلغ، وننبه إلى نقطة جوهرية تتمثل في أن هناك بعض الطلاب يتعاطون الخمر ونشم رائحتها في أفواههم وربما يحتسونها بداخل غرفهم أو يأتون مخمورين من الخارج. وتحدث إليّ بعض الطلاب ذاكرين أنه تأكد لهم من مصدر خاص بأن بعض الطلاب يجلبون الخمر إلى داخل غرفهم ليتعاطونها في سطح المبنى ليلاً بعيداً عن أعين الرقابة وأعين الفضوليين على حد ذكره وقد يحدثون موجة كبيرة من الصخب والضوضاء مما يسبب الكثير من المضايقات للطلاب الآخرين.
وتكشّف لنا أن أغلب المراوح بهذه الداخلية متعطلة وبالأخص في الصيف حيث يصعب احتمال الجلوس على الغرفة للاستذكار لمجرد دقائق معدودات، وشاهدتُ أن الحوائط مشوهة وتحتاج إلى إعادة ترميم بشكل عام.
محطتي الأخيرة هي داخلية المناهل فإلى هناك:
٭ صهريج معطوب
اتجهت ناحية الشرق من مجمع داخليات الوسط بجامعة الخرطوم، سرت وسط مطاعم، أشبه ما تكون بالكافتريات العشوائية، مررت بفضاء واسع وقد غمرته مياه متدفقة من صهريج معطوب يسرب قدراً كبيراً من المياه الطلاب في أمسّ الحاجة إليها، وصلتُ بصعوبة بالغة إلى داخلية «المناهل» ضمن هذا المجمع من الداخليات، صعدتُ إلى الطابق الثاني حيث التقيت الطالب (م. ح.ح) والطالب (م. أ) يدرسون علوم إدارية الصف الثالث، شاهدتُ بالغرفة سريرين فقط ودولاباً وذكروا أن المراتب أحضروها من منازلهم، وأشاروا إلى أن هنالك ازدحام كبير حول الحمامات، وهي فقط «18» حماماً يتزاحم عليها ما يزيد عن «500» طالب، مشيرين إلى أن نصفها معطل. ولاحظتُ أيضاًَ أن الفضاء الخارجي لهذه الداخلية مغمور بالمياه عن آخره بفعل المياه المتدفقة من الصهريج من كسر كبير لم تلتفت إدارة الصندوق إلى إصلاحه رغم البلاغات التي تقدم بها الطلاب، كما يوجد (كولر) واحد للماء يتزاحم عليه الطلاب، وأشار إلى أنهم يتناولون الماء من الحنفيات مباشرة طوال اليوم رغم سخونة الجو. وتطرق الطالب في حديثه ل«الأهرام اليوم» الى تكرار قطوعات الماء بشكل دائم بدورات المياه.
٭ صور لم يكتمل التقاطها
حينما كنت في مهمة صحفية لالتقاط صور تدعم هذا التحقيق التقطتُ صورة تشهد على تدهور البيئة بداخليات الصندوق القومي للطلاب بجامعة الخرطوم وقد بدت النفايات في شكل تل كبير، وماهي إلا لحظة حتى استدعاني أحد الحرس الجامعي واقتادني إلى مكتب حراس الجامعة، وهناك تعرضتُ لأقسى أنواع الاستفزاز من قبل هؤلاء الحراس، اتهمونني بالنفاق تارة، وبالجهل تارةً أخرى، ذكروا لي في غضب بأني مدفوع من جهات سياسية بعينها، وأني أهدف لخلخلة الأوضاع، ثم بعد فصل من الاستفزاز والتجريح الطويل الممل أُخذت عبر سيارة تاكسي إلى جهة لم أعلمها حقيقة كانت المسافة طويلة، والعربة تنهب بنا الطريق وبعد مشوار طويل، رست بنا العربة في مبنى بالخرطوم (2) أجهله، أدخلوني على أحد الضباط لا علم لي إلى أية جهة يتبع، تحرى معي بدقة عن التحقيق الصحفي الذي نُشر حول الحلقة الأولى متهماً إياي بعدم تحري الصدق والنزاهة. قلت له إن كان هنالك اعتراض على جزئية محددة فمن حقكم أن تردوا على صفحات الصحيفة «الأهرام اليوم» ويمكن أن يُنشر. إلا أنه ذكر لي أنهم لا يكتبون في مثل هذا الأمور التافهة!! وبعد نقاش طويل أمرني أن انتظر بالاستقبال، فاقتادني نفس الحرس الذي أتى بي إلى المكان الجديد، انتظرتُ لفترة طويلة أيضاً مرة أخرى تم استدعائي لأعود إلى مكاني الأول لأبدأ مرحلة جديدة من التحري، وجدت شخصين يتبعان لصندوق دعم الطلاب، الأول كان حاداً في حديثه معي موجِّهاً الاتهام لي.
كان اتّهامه محصوراً على الثلاثين حماماً التي ليس فيها سوى سبعة حمامات صالحة للاستعمال: قلت له بأني وقفت على أرض الواقع في كتابة كل بياناتي.
في خاتمة المطاف أصر مسؤول الصندوق على أن أطوف الثلاثين حماماً إذلالاً لي، وقد مارسوا معي ذلك متحججين بأن هذه الحمامات كلها صالحة للاستعمال. واتّهم مسؤول الصندوق المحقق والصحيفة وقال أنتم تريد خلخلة الصندوق وهدمه!! ولم نجد قسم تحقيقات يتغلغل بهذه الصورة. وقال لي تحدث عن الصورة الأخرى للداخليات. قلت له أنت تريد صفحة تسجيلية!!
من المحرر:
ونحن نتساءل: لقد صب الصندوق جُل غضبه على أوضاع الحمامات ودورات المياه في الداخليات.. أخذوني إلى هناك وأصروا أن أمر على الحمامات!! لكنهم لم يردوا على أسباب تأخر تسديد الدعم للطلاب منذ شهور ولا عن سوء الخدمات المعيشية الأخرى!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.