لم يكن حدثاً عادياً يمر مثلما تتداعى الموضوعات العديدة التي تزحم واقعنا، بل حدثاً تقشعر له الأبدان من هول صدمته، كما لعبت المفاجأة دوراً كبيراً في استكمال فصوله، كما أن الإهمال كان حاضراً لإنتاج الفجيعة، إذ دهس «لوري» ثلاثة مواطنين قرب مركز الانتخابات، فتوفي أحدهم في الحين ويدعى صابون أحمد بابكر وأصيب محمد توم حسن بكسر بليغ في (الترقوة) أما محمد عبد الله مصطفى فكانت إصابته في الرجل اليسرى متوسطة. وحينما وقفت على الحادث، أفادني المفتش الزراعي شرف الدين الرضي، رئيس اللجنة الشعبية بقرية صابون ريفي السوكي، أفاد بأن اللوري باغت هؤلاء الثلاثة على حين غرة، ولم يتوقع أحداً من الحضور أن ينفذ اللوري عبر ذاك الممر الضيق، حيث خيمة الانتخابات تحتل مساحة كبيرة منه، كما يزدحم بحركة الناخبين من رجال ونساء وأطفال، ورجال الشرطة الذين يشرفون على هذا المركز شاهدوا الحادث بكل ما فيه من فجيعة ، تحدث إليّ عن هذا الأمر المواطن يوسف محمد الزاكي الذي كان مرابطاً خارج المركز، مشيراً إلى أن الفقيد صابون أحمد بابكر كان شعلة نشاط متقدة داخل القرية له أدوار وطنية بارزة في جمع الصف الوطني حول كلمة سواء ونبذ الفرقة التي تفضي لتمزيق وحدة الوطن، كان يقف خلف الرئيس البشير لأنه يمثل شرف الأمة على حد ذكره، وكان محايداً في أفكاره ومواقفه، فهو دائماً ينحاز للحق، وقلبه على الوطن، فتجده مشاركاً قوياً في تنمية القرية وفي إنشاء المدارس، وبقية الخدمات الأخرى. إلى ذلك عدّد يوسف الزاكي محاسن الرجل، كما شهد تشييعه قدر غير مسبوق من أهل القرية والقرى المجاورة لها في موكب حزن، وزاد أن والي ولاية سنار والمعتمدين كانوا من أوائل المشاركين لثلاثة أيام، إلا أن يوسف محمد يوسف مرشح الدائرة الجغرافية بمحلية السوكي عصره الحزن كأنما أشياء كثيرة كُسرت بداخله، فرأيناه يتجزع كثيراً، ولم يحبس دموعه طوال أيام المأتم، إذ كان الفقيد يعد ساعده الأيمن في حملته الانتخابية هذه، فبذل الجهد الكبير في الإعداد لها منذ وقت مبكر من انطلاقتها. أهل القرية التهمهم الحزن، فكانوا يتحدثون والعبرة تسد حلقوهم، معددين مآثر الفقيد التي لا يمكن تجاوزها، كان طيب القلب، ذو صدر واسع، يتحمل أذى من ظلمه في صبر وإثرة، طالما تحمل مسؤولية شياخة القرية عن طيب خاطر، وكان حاضراً في مجالس الأجاويد والمشورة وسبّاقاً لفعل الخيرات على حد ذكرهم، فإن أتى الشيخ صابون من ضمن ضحايا انتخابات 2010م فإن التاريخ سيسجله كأول شهيد بولاية سنار لأنه رحل وهو يؤدي واجبه الوطني.