حلم كل زوجين جديدين أن يُرزقا بطفل، وما أن تهل البشائر، تتم الاستعدادات على قدم وساق لإطلالة الفارس المغوار أو الأميرة ست الحسان.. يكون هذا اليوم بداية حياة هذه الأسرة.. وتقوم الدنيا ولا تقعد باختيار اسم يحمل دلالات أما دينية أواجتماعية أوسياسية، فهل تحمل هذه الأسماء تلك الدلالات؟ وهل هنالك عوامل دينية أو اجتماعية أوسياسية تساهم بشكل أو بآخر في تنمية هؤلاء المواليد.. مثل غاندي، ناصر، فهد، حمد بن خليفة، جعفر النميري؟ وهل هناك بعض الأسماء الدينية تلاشت في عصر العولمة الإعلامية والفضائية؟.. هذه مساحة قصيرة نقف عندها برهة نتأمل هذا الموضوع خاصة لمن باح ل(الأهرام اليوم) بذلك فماذا قالوا؟ الطاهر محمد الزين «أب» قال هذا الموضوع عاد بي إلى الوراء.. حين إلتقيت «الحاجة» في بيت الزوجية.. كان يوماً مختلفاً جداً، ومنّ عليّ الله سبحانه وتعالى بابننا البكر «نميري» فكانت فرحة الأسرة الكبيرة وأراد له «الوالد محمد زين» أن يحمل اسم فخامة الرئيس الأسبق «جعفر محمد نميري» بعد أن وضعنا لكل واحد (عود) وأغمضنا عيون والدته لتختار، فوقع اسم «نميري» لأربع مرات فسميناه «نميري» تيمناً بالرئيس. وأشار إلى أن كل أفراد الأسرة تمنوا أن يرافق النجاح «نميري» الصغير والآن من الناجحين وأتمنى له كل تقدم ورفعة. أما ست الزين يسن «أم» تقول: (سميت بنيتي مريم حتى تكون في أخلاقها مثل مريم البتول.. وسبحان الله طلعت مريم صلاية وأخلاقها جميلة وكل البلقاها بقول ليها عفارم عليك).. إذن.. كما يقول «أهلنا» الاسم دليل الفعل.. فهل الأسماء تدل على مسماها؟؟ نرى ونسمع عن أسماء «تحيّرك» وتربكك. فهناك من يسمى وليده باسم «غرائبي» اعتقاداً بأن «يشيل» الشؤم هذا ما أورده د. زهير أبو القاسم. ويشير بأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى فاطمة بأم أبيها، لذا نجد من كُن ذوات مجد فهو مجيد والجمع أمجاد. ومن زاد على غيره في طلب العلا ونيل المجد فهو أمير وهو من يتولى الإمارة وأميرة ذات شأن في أهلها وقومها والاسم يحمل لك البشارة والمنزلة العالية والإلفة والمحبة. ويؤكد زهير بأن الوالدين يعبّران عن مشاعرهما الطيبة تجاه مولودهما بفرحة توحى بالسرور كله والانشراح. وأشار كثيراً ما يُسمى المولود باسم يعبّر عن طلب الوالدين للنصر وتحقيقه فمثلاً إذا سُمِّي المولود «بأرجوان» فيعني شجر له نور حسن الحمرة وصنيع شديد الحمرة. ويُقال أحمر أرجواني قاني. وتجليات الأسماء لها دلالات تظهر من اسم لآخر.. إذا كان الناس يبحثون في كل مكان على الأصل والعراقة والجود وابتكار الأسلوب من شرف وحسب، ولكن نجد بعض الأسماء تحمل أسماء الأنبياء فهل تشكّل شخصية المولود؟ أكد الشيخ عبد اللطيف مصطفى أن الأسماء التي لها علاقة بالدين تؤكد أن رب البيت ذو علاقة متينة بدينه السمح وذلك تيمُّناً بمن أحبهم حتى يخرجوا أبناءً صالحين يفيدون والديهما ومجتمعهم ووطنهم. لذا نرى مثل إسحق، ويسن، وموسى، وإبراهيم، وإسماعيل، ومريم، وعائشة، وكلها أسماء إسلامية وهذا نهج يجعل العبد مرتبطاً بخالقه وما خلّفه لنا رسولنا الكريم. ويعبر تسمية الأسماء بالصفات الإسلامية عادة سمحة تربط الأمة بدينها الحنيف. وثمّن الأستاذ أحمد بلال الجعلي «علوم سياسية» بأن ارتباط الأسماء بأسماء الزعماء والرؤساء والأمراء والملوك هو حب سياسي يجعل مريدي السياسة والأيدلوجيا أن يحرصوا في تسمية أبنائهم بمن يروه قدوة حسنة كما يسمى الإنسان المتدين أولاده قدوة بمنهج الرسائل السماوية وقائد الغر المحجلين سيدنا محمد عليه صلوات الله وسلامه عليه. فتسمية المواليد بالقادة والزعماء ليست بدعة ولكنها روح المرحلة التي يعيشها الفرد في مجتمعه. وهنا يلعب العامل السياسي المعين دوراً مهماً يسهم في اختيار اسم المولود.. وأبان د. زهير جمعان باحث اجتماعي أن للمجتمع دوراً في اختيار اسم المولود وتُسهم الأسرة بشكل فاعل في وضع هذا الاسم قيد الفعل. ويشير فنجد أن هناك من يحمل خُلق جميل فيتبارى الناس في التسمية عليه سواءً كان رجل دين أو سياسي أو رجل أعمال. وفي مجتمعنا الشرقي يتأثر اختيار الاسم بما حوله وهذا بالطبع يشكّل دلالة. وعلى ذات الإطار تحدث أ. مأمون خلف الله باحث نفسي قائلاً هناك عوامل تؤثر في نفسية الأبويين مما يجعلهما يميلان كل الميل إلى اختيار اسم له دلالة نفسية لديهما لمولودهما القادم. فأحياناً يكون الاسم جميلاً وأخرى يكون قبيحاً ورغم ذلك يظل جميلاً لدى المولود لأن والديه هما اللذيْن اختاراه له. وتبقى لكل وطن أسماء خاصة، وفي السودان ابنعوف ، كوكو، كوه، كُنّه، أبكر، كافي، مرداس، أوشيك ، أوهاج، قرنق، دينق، سلفاكير، أموم، ملوال، حمدنا الله، عطا المنان، عطا الله، سيد أحمد، وهذه لا يعرفها باقي العالم.