كشفت جولة «الأهرام اليوم» بولاية الخرطوم عن وجود مخالفات داخل مخابز الولاية، من بينها مخالفات تتعلق بأوزان الخبز، رغم تحديد وزارة المالية ل(100) جرام وزناً لقطعة الخبز. وطرق التداول والعرض وصحة وسلامة البيئة داخل المخابز والأفران البلدية تحديداً، وطرق استخدام المحسنات التي أنكر أصحاب المخابز استخدامها في صناعة الخبز، مؤكدين استخدامهم لمحسنات مسموح بها، قالوا إن عددها بلغ (60) محسناً. «الأهرام اليوم» طرقت أبواب الجهات المسؤولة، والتقت بأهل الشأن، فماذا قالوا؟ المحسنات الضارة تباع سراً في أحد المخابز بمنطقة بحري، المحطة الوسطى، لاحظت «الأهرام اليوم» تعوُّد الباعة على عرض الخبز بطرق غير صحية، وقذرة في بعض الأحوال، على الأرض دون مراعاة لما على الأرض من (بصاق) و(تمباك) وبقايا سجائر وأتربة و(ناس رايحة وناس جاية). قال صاحب أحد المخابز ل«الأهرام اليوم»: «نقوم بصنع الخبز بمحسنات غير ضارة بصحة الإنسان، ولا نستخدم مادة برومات البوتاسيوم إطلاقاً». لكنه عاد وقال: «هنالك من يستخدم البرومات سراً دون علم أحد!». عيش الطعميَّة وخلال جولة «الأهرام اليوم» داخل أحد المخابز بمنطقة الفتيحاب (الشقلة)، أخبرنا المواطنون أن هنالك ما يعرف (بخبز الطعمية)، يخبز خصيصاً للطعمية، وهو مليء ب(اللب)؛ كي لا تُملأ قطعة الخبز بقطع الطعمية!! طريقة العرض سيئة وفي أحد المخابز بمنطقة الكلاكلة شرق (مدينة الأمل)، كشفت «الأهرام اليوم» أن هنالك ما يعرف بخبز (البيت)، ويزن (70 جراماً) للقطعة الواحدة. وخبز الدكان الذي يزن (50 جراماً) للقطعة. والفرق بينهما بالطبع أن الأخير أقل حجماً. طريقة عرض الخبز عند استخراجه من الفرن غير جيدة، إذ تُفرش الجوالات البلاستيكية على الأرض مباشرة، ويفرغ عليها الخبز. من المعروف أن استخدام برومات البوتاسيوم في الخبز يسبب السرطان إذا تجاوز التركيز المطلوب، ويسبب خطورة على خلايا الكلى، مما يؤدي إلى الفشل الكلوي، كما يؤدي إلى الضعف العقلي عند الأطفال وفقدان السمع، ويمثل خطورة على الأذن الداخلية والطبلة، ويؤدي إلى تسمم الدم، وتسمم فوري في نخاع العظام. رقابة قبلية أيضاً لاحظت «الأهرام اليوم» انحسار حملات محاربة استخدام هذه المادة. مكتب إعلام هيئة المواصفات أكد أن الهيئة خاطبت لجنة دستور الأغذية لعام 1996م للاستفسار عن المادة، وثبت حذفها تماماً من قائمة مضافات الخبز، كما خاطبت الهيئة وزارتي الصحة والتجارة لاستصدار قرار لمنع استيراد واستعمال مادة برومات البوتاسيوم في الخبز، وفي الإطار أكدت أن الهيئة عقدت بمشاركة اتحاد أصحاب المخابز عدة ندوات عن مضار برومات البوتاسيوم، وطرحت عدداً من المحسنات البديلة التي تمت إجازتها عالمياً، ووجهت الهيئة أجهزتها الرقابية في الموانئ البرية والبحرية والجوية بمراقبة دخول أية مادة غير مجازة. وعلمت «الأهرام اليوم» أن الهيئة ناشدت بنك السودان بعدم فتح اعتمادات بنكية لأي مستورد لمحسنات الخبز قبل أن يراجع الهيئة، ونفذت الهيئة حملات على المخابز بولاية الخرطوم مع الجهات ذات الصلة؛ للتأكد من عدم استخدام المادة في الخبز. وهنالك تفتيش دوري على المخابز بالولايات، ونظمت الهيئة حملات إعلامية متكررة لتوعية الخبازين والمستهلكين بمضار استخدام برومات البوتاسيوم في الخبز. (10) أجهزة لكشف برومات البوتاسيوم تمتلكها معامل هيئة المواصفات، لكن هل فُعّلت في إطار محاربة هذه المادة بالأفران بعد أن تم توزيعها على أفرع الهيئة المختلفة بالعاصمة والولايات؟ دكتور شلقامي رئيس جمعية حماية البيئة أكد ل«الأهرام اليوم» أن إمكانياتها المحلية لمراقبة الخبز والمخابز ضعيفة، وقال: لكننا نسعى لحث أصحاب المخابز على تغليف الخبز في أكياس يُكتب عليها اسم المخبز وصاحبه، حتى نستطيع أن نتعرف على الذين يخالفون الأوزان، والذين يستخدمون مادة بروميد البوتاسيوم التي حرمت دولياً. وأشار إلى أن الأجهزة الرقابية غير كافية، ولا تستطيع فحص مادة بروميد البوتاسيوم؛ إذ يوجد في ولاية الخرطوم (4) آلاف مخبز لتصنيع الخبز. وتساءل: كيف يمكننا إجراء فحص دوري لهذه المخابز دون تأهيل المحليات تأهيلاً جيداً؟ ونطالب في ظل هذا الوضع الحالي بمخاطبة الضمير الإنساني عبر المساجد والندوات لإيقاظ الناحية الدينية والأخلاقية وتسليح المواطن العادي بالمعرفة. ونوَّه شلقامي إلى أن بعض ضعاف النفوس داخل بعض المطاعم يستخدمون هذه المادة في عمل (القرَّاصة)، وثبت ذلك في بعض الولايات الشمالية. مخالفات واضحة للعيان داخل المخابز الحديثة والبلدية معاً، تداول «الخبز» بالأيدي منذ خروجه من الفرن إلى أن يتناوله الإنسان، والأخطر من ذلك استخدام مادة برومات البوتاسيوم، التي شاع استخدامها عنصراً محسناً للخبز، ومن خصائصها الاحتفاظ بغاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن تفاعل الخميرة مع السكريات لأطول فترة ممكنة؛ مما يساعد على زيادة حجم وخفة وزن الخبز، وتحسين مظهره. وقال شلقامي إن المواصفات والمقاييس تقول إن مادة برومات البوتاسيوم أجازتها لجنة دستور الأغذية التابعة للأمم المتحدة في الستينيات بعد أن أكدت البحوث عدم وجود أي بقايا للمادة بعد انتهاء عملية التخمير، وتم تحديد الجرعة بحد أقصى لا يتعدى (0.06) ملجم لكل كيلو جرام. لماذا تم حذف هذه المادة؟ أكدت المعلومات التي تحصلنا عليها من الهيئة أن معلومات توفرت للجنة دستور الأغذية في العام 1996م وكانت نتائج بحوث وتحاليل مختبرية كافية، بعد استخدام الأجهزة الحديثة ذات الحساسية العالية، وكشفت أن إضافة مادة برومات البوتاسيوم بالنسبة المذكورة يترك بقايا واضحة في الخبز، كما أن حيوانات المعامل بعد إجراء التجارب ظهرت عليها أمراض سرطانية. وعلى ضوء ذلك أصدرت المنظمة قراراً يقضي بحذف برومات البوتاسيوم من قائمة مضافات الخبز. مخالفة للأوزان!! وقال نائب رئيس اتحاد المخابز ل«الأهرام اليوم» إن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وضعت (100جرام) وزناً لقطعة الخبز، ولكن بمرور الأيام تراجعت إلى أقل من 50 جراماً وسط غياب تام للجهات المختصة. { عقوبات غير مفعلة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم أصدر قانوناً لعقوبة وردع مستخدمي برومات البوتاسيوم بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ولا تتجاوز 10 سنوات، إلى جانب غرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 20 ألف جنيه، وإلغاء الرخصة وإغلاق المخبز. كما أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى بتحريم مادة برومات البوتاسيوم في الخبز. رئيس اتحاد المخابز، الطيب العمرابي، أكد ل«الأهرام اليوم» أن الاتحاد يعتبر هيئة خدمية مثل أي اتحاد، وهو حلقة وصل بين أجهزة الدولة وأصحاب المخابز، ويتمثل عمل الاتحاد في استخراج الرخصة، وهو الراعي لأصحاب المخابز، كما يقوم الاتحاد بمخاطبة أصحاب المطاحن. وقال العمرابي إن سياسة التحرير تركت الحبل على الغارب في ما يتعلق بالأوزان. داخل وزارة الصحة إدارة صحة البيئة وسلامة الأغذية بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، التي طرقنا أبوابها بوصفها جهة مسؤولة عن سلامة الخبز بالولاية؛ طالبتنا بكتابة الأسئلة على ورق، دون تقديم أي إجابات؛ مما دفعنا إلى التساؤل: ما هو دور هذه الإدارة؟ وكيف تؤدي المهام الموكلة إليها في إطار الرقابة على الأطعمة؟ ولماذا تحجب معلومات وإحصاءات بعينها عن أعين الصحافة؟ أسئلة تتمنى أن ترد عليها الإدارة!