{ جاء في أخبار الأيام الفائتة أن مجموعة «عارف» الكويتية التي تملك بالتضامن مع شركة «الفيحاء» (كويتية الأصل سودانية الجنسية) نسبة 70% من أسهم الخطوط الجوية السودانية (سودانير) قد عرضت لشركتي الطيران المصرية والقطرية شراء النسبة المذكورة أعلاه ..!! { وكانت مجموعة «عارف» قد باعت - على طريقة (التشليع) - قبل نحو عامين خط «الخرطوم - هيثرو» ذا القيمة المادية والتاريخية العالية، وذلك مع بدايات تنفيذ صفقة شرائها للناقل الوطني السوداني بسعر (مخجل)، استحى وزير المالية السابق أن يعلنه للناس كافة، ليعلموا كيف أهدرت وزارته ممتلكات الشعب، فباعت «سودانير» بثمن بخس يقارب قيمة صفقة (الخرطوم - هيثرو)!! { وأذكر أنني انفردت - عندما كنت أعمل بصحيفة (آخر لحظة) - بنشر خبر بيع «عارف» لذاك الخط (الأثري)، حيث لا يتسنى للكثير من شركات الطيران الهبوط ب «هيثرو» إلا (السابقات).. تاريخاً ومجداً، أما طائرات بعض الشركات فتهبط بمطارات أخرى بعاصمة الإنجليز. { تعرض «عارف» الكويتية ناقلنا الوطني للبيع بعد أن فشلت في شراء طائرة واحدة لتطوير العمل في «سودانير»، في وقت أعدت فيه شركة «طيران الإمارات» العدة لشراء (146) طائرة جديدة، منها (32) طائرة ايرباص بقيمة 11.5 مليار دولار.. بينما تعمل بالشركة حالياً (142) طائرة .. حققت أرباحاً بلغت نحو «مليار دولار» هذا العام ! { وكان لابد أن تفشل «عارف» لأنها - غض النظر عن إمكانياتها المالية - لا تتوفر على خبرة بأدنى المستويات لإدارة شركات الطيران. { وعندما كتبنا معارضين بيع «سودانير» في ذلك الحين، أوضحنا أن تنقيبنا عن أنشطة واستثمارات مجموعة «عارف» أكد أنها تنحصر بصورة أساسية في مجال تجارة العقارات، وأنها لم تعمل في مجال الطيران مطلقاً..! ورغم ذلك أصرت إدارة «سودانير» الأسبق ووزارة المالية على بيع (70%) من أسهم الشعب السوداني (بتراب القروش)..!! { ويبقى السؤال دائماً: كيف تنجح دول فقيرة - لا تملك بئر بترول واحدة - مثل كينيا واثيوبيا، في الحفاظ على شركات الطيران الوطنية عاملةً.. ومنافسةً ورابحة..؟! { إنه حسن الإدارة.. وليس المال.. فعلى قلّة عدد الطائرات بالخطوط الكينية أو الأثيوبية فإنها لا تقل كفاءة في خدمة زبائنها عن الخطوط الاماراتية التي تملك (146) طائرة.. فقد تتأخر حقيبتك في «دبي» يومين عبر الأخيرة مثلما حدث معي في رحلة إلى «بكين»، مما يؤكد أن العمل الإداري هو الأساس لنجاح أي (بزنس). { بيع «سودانير» (للمرة الثانية) في الأسواق العالمية فضيحة.. بل جريمة لا تغتفر للحكومة السودانية .. ولذا فإن الأوجب أن يلتقط وزير المالية والاقتصاد الوطني (الجديد) الأستاذ «علي محمود» قفاز التحدي في أول امتحان (وطني) له، لاستعادة أسهم «سودانير» إلى أحضان السيادة السودانية عبر (أقساط مريحة) مثلما كانت صفقة مريحة ومربحة للإخوة الكوايتة، ثم العمل على تطوير الشركة عبر شراكة استراتيجية مع شركات طيران عالمية مقتدرة بالاستفادة من تجربة الخطوط الكينية مع الخطوط الملكية الهولندية (K.L.M).