رسالة نبعثها إلى المحترمين الأعزاء الكرام أبناء الكرام إخوتنا وأعمامنا وأبنائنا سائقي الحافلات في خط طريق الفاتح من سبتمبر (سوبا - العيلفون - أم ضواً بان - الدبيبة - العسيلات - كترانج ...الخ) وإلي كل سائق حافة. اليكم أعزائي نرسل هذه الرسالة التي نهدف من خلالها إلى إثبات وتأكيد احترامنا وتقديرنا لجهودكم الجبارة وأنتم تنقلون المواطنين الى أعمالهم ومدارسهم ومتاجرهم ومستشفياتهم ومناسباتهم الخاصة والعامة.. التحية لكم وأنتم تؤدون واجبكم المقدس فتنالون الأجر والثواب وتتقاضون الرزق الحلال الطيب بإذن الله، وترفعون المسغبة وتكفون الأذى وتساهمون في ترقية مجتمعنا وبلادنا. لعلكم تعلمون بالتوسع السكاني الذي حدث في المدن المذكورة، حيث كان من الطبيعي أن يزداد عدد الركاب وعدد السيارات التي تستعمل هذا الطريق اليتيم جيئةً وذهاباً، وعدد السكان والعاملين الذين يعبرون الطريق من جهة الى اخرى لأغراض لا حصر لها. كذلك تعلمون أن المستوى المعرفي بفنون عبور الطريق للمشاة متدنٍ للغاية، لأن معظم ساكني الأحياء الجديدة (المحيطة بجانبي الطريق) قد جاءوا من مناطق وقرى بعيدة لم تكن فيها هذه الثقافة ذات أهمية لعدم وجود الطرق المعبدة ولقلة مرور السيارات، وهذا شيء طبيعي ولا عيب فيه.. ولذا فإنكم كثيراً ما تفاجأون بعربات (الكارو) تعبر الطريق أو تسير فيه نهاراً أو ليلاً وهي تفتقر الى الأضواء العاكسة أوالإضاءة المعتبرة لتنبئ عن وجودها في هذا الطريق الخطر.. أويفاجئكم أحد المشاة بعبور الطريق من إحدى الجهات الى الأخرى دون أن يضع في اعتباره أن هناك مركبات تسير فيه وتهدد سلامته بطريقة أو بأخرى، كما أنكم تعلمون تماماً افتقار الطرق علامات المرور أو العلامات التي تحذر من أعمال الإصلاح الطارئ والتحويلات بألوانها المميزة والطلاء الفسفوري أو العلامات التي تحذر من الحفر والمطبات الكبيرة مثل كباري التصريف التي تتفاوت نسب الاستواء في سطوحها مسببة شركاً مميتاً لسائقي السيارات، وكلها تتطلب وعياً خاصاً يقلل من معاناة الراكب المسكين الذي ترج الحافة جسمه وما حوى رجاً لا رحمة فيه، ونحسب أنكم تعلمون مدى تدني الوعي بالسلامة المرورية لدى كل السائقين بشكل عام، حيث لا يذهب صاحب السيارة الى الصيانة إلا عند حدوث عطب كهربائي أو ميكانيكي يعطل حركتها نهائياً، أي أننا لا نصين سياراتنا إلا في أشد حالات الاضطرار، الشيء الذي يجعلنا دوماً نركب على متن آلات الموت، وربما نشرع في الانتحار دون أن ندري، وفي ذلك إهدار لقيمة الإنسان البشرية التي كرّّّّّّّّّّمها الحق عزّ وجلّ في قوله (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) صدق الله العظيم. من الأعطال ما لا يحتمل الانتظار الطويل مثل أعطال أجهزة التعليق (المساعدات والريش واليايات) وأجهزة الاتزان (الضراعات والدركسون والشباحات والبلالي) والمكابح (الفرامل) ومقود السيارة (الدركسون) وإطارات السيارة (اللساتك).. ودعونا نطلق عليها اسم الأجزاء الحيوية من المركبة، مضافاً إليها قوة وعزم دوران الموتور الذي يعتمد على سلامة وجودة: التزييت والتشحيم المبرمج وفق جدول دقيق، مصفي الزيت، مصفي الهواء، مصفي الوقود، وكفاءة مضخة الوقود (الطرمبة). لماذا يمثل الموتور واحداً من أهم عناصر السلامة؟ الإجابة: تصور أنك تريد تجاوز سيارة أخرى وسيارتك تعاني من مشكلات في التزييت أو الفلاتر، أو في مضخة الوقود (الطرمبة)، من المؤكد أن سيارتك ستكون عاجزة عن التخطي السريع (وخصوصاً في حالة تخطي عربتك سيارة من نفس الماركة)، وأنها ستسير في محازاة السيارة الاخرى لفترة زمنية قد تطول في أغلب الأحيان كما ثبت بالتجربة اليومية التي يراها الناس، وهنا تبرز أهمية الموتور السليم في التخطي الآمن. عزيزي سائق الحافلة: هل تعلم أن قوة الاصطدام لسيارة سرعتها 30 كيلومتر في الساعة (فقط) بأخري غير متحركة أو بأحد المارة، مساوية تماماً لقوة سقوط إنسان من الطابق الثالث لإحدى العمارات، وأن قوة الاصطدام لسيارتين متقابلتين (سلام ملوك) تسيران بسرعة 30 كلم في الساعة (فقط) تساوي سقوط انسان من الطابق السادس لإحدي العمارات؟! وهل تعلم أن القيادة بإهمال هي سبب مباشر للوفاة والاصابات الخطيرة من شلل وعاهات مستديمة وجروح خطيرة، وأن الضحايا ربما يكونون من الأطفال والنساء والشيوخ، علاوة على الشباب الذين هم أمل الأمة في المستقبل وأمل آبائهم وأمهاتهم وذويهم. فضلاً.. لا تكن السبب في هذه الكارثة لك أو لغيرك، لأن الحساب سيكون عسيراً أمام جبار السموات والأرض يوم يقوم الأشهاد وتشهد الأيدي والأرجل وتخرس الألسنة.. والإهمال محرّم لأنه في الشرع إما شروع في القتل أو شروع في الانتحار (في أفضل الحالات) بدون مجاملة. (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله الاّ بالحق) صدق الله العظيم. وهل تعلم أن معالجة الجرحى والمصابين بالكسور لا تتم إلا في قسم الحوادث؟ فضلاً: قم بزيارة مركز الحوادث بمستشفى الخرطوم وتأكد أنها ستكون زيارة مفيدة للغاية.. فهل تعلم أنك قد تمضي في انتظار الطبيب (راقداً على الارض وتتألم وتصرخ) ما لا يقل عن الساعة (60 دقيقة) في أفضل الحالات؟ فضلاً: اسأل عن سبب تأخر الطبيب عن علاجك! وهل تعلم أنهم سينقلونك بالنقالة إلى (5) أو (6) أقسام في سياحات مفيدة جداً جدا لتحديد الضرر الذي أصاب جسدك واحتمالات المضاعفات وصور الأشعة والرنين المغنطيسي وربما الموجات الصوتية والصور المقطعية بالكمبيوتر وغيرها للتأكد من دمك وتنفسك ونسبة السكر في جسمك وضغطك والجبائر والضمادات والمضادات الحيوية والحقن والشاش القطن و... و... وكفى! وهل تعلم أن كل العائلة ستكون في المستشفى عاجلاً أم آجلاً وسيعطلون أعمالهم وأرزاقهم ومصالحهم ومصالح من يعملون عندهم للاطمئنان عليك؟ فلا تلقي باللوم على من تأخر في زيارتك لسبب ما والتمس له عذراً يغفر الله لك. وهل تعلم أن أسباب معظم الحوادث هي: سوء التقدير للمسافات، الثقة المطلقة في تقدير الكمساري، مفاجأة السائقين الآخرين بالانعطاف دون إنذار كاف، الضغط على السيارات المجاورة في حالة فشل محاولة التخطي.. ويكون ذلك دائماً باسلوب فرض الأمر الواقع، ولعلها من أسوأ وأخطر التصرفات علي الإطلاق وتتكرر يومياً بشكل مأساوي، وعدم احترام الأولوية في المرور، وعدم احترام الإشارات الضوئية، وتظليل معظم الزجاج الأمامي وتصغير مدى الرؤية وكثرة الزينة على الزجاج الأمامي الجانبي وعدم توازن الإضاءة مع مدى الرؤية، والاعتماد الدائم على تنازل الآخرين، حيث تتوقع دائماً حضورهم الذهني ومثالية تفاعلهم وخضوعهم التام لتصرفاتك المفاجئة، وعدم التنازل في حالة ارتكاب الآخرين للأخطاء، والعصبية، والقيادة في حالة صحية أو نفسية سيئة؟ تذكر أنك تحمل ما لا يقل عن (25) روحاً في سيارتك، وأن الضوضاء الناتجة من الموسيقي الصاخبة تقلل من التركيز، وأن تعاطي المخدرات والمنبهات والمسكرات مصدر رئيس من مصادر الكوارث المرورية، كما أن إهمال تنظيف الزجاج يضاعف من احتمال الخطر، حيث تساهم الأضواء المنعكسة والمنكسرة والغبار المتصاعد على أرضية الطريق في خلق أطياف ضوئية تضعف من جودة الرؤيا إلى أقصى الحدود، وتأخير وجبة الإفطار تقلل من التركيز وهي سبب معروف للحوادث في الفترة الصباحية وفقاً للتقارير العالمية، بجانب أن افتقار المركبة الي المرايا العاكسة ذات الابعاد المخصصة والمناسبة سبب في سوء التقدير للمسافات وسبب في الحوادث، والسرعة الهائلة تتسبب في ضعف التحكم في المركبة. خاتمة: من المؤكد أن من يقرأ هذه الإرشادات سيستبعد حدوث ما ذكرناه له، وسيعتبر نفسه (دائماً) هوالأقدر والأفضل في حالة التفاعل لتجنب الحوادث.. هذه التزكية الجائرة للقدرات والاستهانة بالأخطار هي في حد ذاتها من أكبر مصادر الأخطار في عالم المرور، ولكن الدلائل والتجارب أثبتت أن الحادث المروري يحدث دائماً في ظروف غريبة من نوعها فريدة في عناصرها، والحلّ الامثل أن نقلل من الأخطار بقدر الإمكان إذا وقع الحادث (لاقدر الله) والالتزام ببعض ما ذكرناه يضمن لنا بعض السلامة، وفوق كل هذا وذلك عناية المولى الكريم اللطيف الخبير بنا، فهو المنجي وهوالواقي. اللهم الطف بنا، اللهم سلمّنا ونجّنا من بأس الحديد الشديد، اللهم نسألك الغنيمة من كل برّ والنجاة من كل شرّ. آمين. مهندس سلامة مدير إدارة السلامة - وحدة تنفيذ السدود