كانت تقيس حبّه لها بالسجائر التي لا يدخنها. تقول “ كلّ سيجارة لا تشعلها هي يوم تهديني إيّاه. يضاف إلى عمر حبّنا. كم منّت نفسها بإنقاذه من النيكوتين. لكنّه يوم أقلع عن التدخين، أطفأ آخر سيجارة في منفضة قلبها. تركها رماد امرأة. وأهدى أيّامه القادمة لامرأة تدخّن الرجال. { المستشفيات (الخاصة) التي تم إنشاؤها مؤخراً في الخرطوم مثل (الفيصل)، و(فضيل)، و(الزيتونة)، لا تقل من ناحية فخامة المباني ونظافة الغرف وسعة المصاعد الكهربائية عن معظم المستشفيات الكبرى في «القاهرة»، أو «عمان»، أو حتى «لندن»، لكنها تفتقد إلى أهم عنصر في روشتة (الطريق) إلى العلاج، ألا وهو الأطباء..!! { اهتم مُلاّك هذه المستشفيات، وغيرها، بالمباني، وتجاهلوا المعاني، واستجلبوا جهازاً أو اثنين من أجهزة التشخيص غير المتوفرة في المستشفيات العامة، غير أنهم وللأسف استجلبوا ذات الأطباء (الاختصاصيين) المنتشرين في شارعيْ (الاستبالية) في الخرطوموأم درمان، العاملين في عدة مستشفيات حكومية وخاصة، فضلاً عن التزامهم بمحاضرات في كليات الطب من الخرطوم، إلى جوبا، إلى جامعة «مأمون حميدة»..!! { والنتيجة أن المرضى لا يمكنهم أن يصادفوا نعم يصادفوا أحد كبار الاختصاصيين مرابطاً في المستشفى الفخيم الكبير في قسم الطوارئ، أو الأقسام الأخرى (جراحة، باطنية، مسالك بولية، ...إلخ). { كبار أو صغار الاختصاصيين يتوفرون فقط في عياداتهم الخاصة، الكائنة بذات مبنى المستشفى، في أوقات العيادة فقط، أو لحظات أكرر لحظات مرورهم على مريض طريح الفراش الأبيض بالمستشفى.. ثم يغادرون في سرعة البرق؛ لأن أوقاتهم موزعة بين مستشفيات وعيادات أخرى وكليات..!! { والسودانيون (المساكين) لا يسافرون إلى مصر والأردن وبريطانيا، حباً في التسفار، ولكنهم يتزاحمون على العيادات والمشافي (الخاصة) في الخرطوم، ويدفعون آلاف الجنيهات، ثم لا يجدون علاجاً، أو حتى اهتماماً.. { و(الدكاترة) في مصر أو الأردن أو بريطانيا وحسب تجربتي الشخصية ليسوا أكثر (شطارة) أو أعلى كفاءة من الأطباء السودانيين، لكنهم أكثر اهتماماً ورقةً، ومتابعةً لمرضاهم.. { والمتابعة والاهتمام و(طول البال) في تلقي إفادات المريض، واستقبال شكواه؛ هي أهم مراحل العلاج.. { ليس مفيداً لا للمستشفى ولا للمرضى، أن يدور في ذات الدائرة (المغلقة).. دكتور «فلان» في الباطنية.. ومستر «فلان» في الجراحة.. وبروف «علان» في أمراض القلب.!! لماذا لا يتفرغ كل اختصاصي لمستشفى واحد ومحدد، بدلاً من التمزُّع بين المستشفيات والعيادات والكليات؟! { ثم ما هو الجديد الذي يقدمه مستشفى خاص من (15) طابقاً جدرانها مكسوة بالألمونيوم، وأرضها مفروشة بالسيراميك، بينما لا تجد في قسم الطوارئ غير طبيب عمومي، وممرضتين من دول (شرق آسيا)..!! { وفي ظني أنه لولا «السيراميك» والمصاعد الكهربائية والممرضات (الآسيويات) اللائي يقمن بكل الأعباء في ظل غياب الأطباء؛ لكان أي مركز صحي في بحري أو أم درمان أو الخرطوم أفضل من هذه المستشفيات باهظة التكاليف، ففي بعض مراكز (التأمين الصحي) قد تجد اختصاصياً، أو نائب اختصاصي. { كنت أتوقع وما زلت أرجو أن يسعى أصحاب هذه المشافي (الفنادق أربعة نجوم) للتعاقد مع أطباء سودانيين اكتسبوا خبرات وعلوماً مقيمين في بريطانيا، أو الولاياتالمتحدة أو السعودية، فهناك المئات من الأطباء السودانيين في «لندن» وغيرها يرغبون في العودة إلى الوطن، وللدكتور «كمال عبد القادر»، وكيل وزارة الصحة، تجربة في استقطاب بعض هؤلاء مقابل مرتبات قد لا تتجاوز ألفين.. إلى «ثلاثة آلاف دولار» مع التفرغ للمستشفى جهة التعاقد. { إنه «بزنس» فاشل، وخدمة طبية قاصرة، تعمل بأفق محدود، (جهاز موجات صوتية واحد، وجهاز أشعة واحد، وعشر ممرضات آسيويات، وعشرين حارساً وموظف استقبال، وشوية أطباء عموميين)..!! { لماذا لا تتعاقدون مع أطباء سودانيين مهاجرين، أو أطباء (أجانب) مصريين.. أو عراقيين.. أو كرواتيين.. أو باكستانيين..؟! { لماذا تهدرون مليارات الجنيهات على الطوب والسيخ والأسمنت والألمونيوم ثم لا تصرفون «خمسين ألف دولار» شهرياً على «15» اختصاصياً يعملون طوال اليوم بالمستشفى، يتفرغون تماماً لمقابلة المرضى وتشخيص الحالات!! { كل مستشفى (جديد) وأنتم بصحة وعافية.