وقع قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته (63) الخاص بتمديد ولاية الخبير المستقل لمدة عام آخر، برداً وسلاماً على حكومة السودان التي تترقب القرار الأمريكي الخاص برفع العقوبات الاقتصادية في هذا الشهر، ونص القرار الذي صدر أمس الأول على تمديد ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان ارستيد نونوتسي لمدة عام آخر، واستطاعت الخرطوم في سبتمبر 2009م الخروج من البند الرابع، بند الوصاية والرقابة الذي وضعت فيه منذ العام 1993م والدخول في بند الإشراف والدعم الفني تحت رعاية الخبير المستقل. *تطور إيجابي ورحب القرار بالسياسات الإنسانية الجديدة التي تنتهجها حكومة السودان بوصول المساعدات الإنسانية بلا إعاقة، وشجع الحكومة على تمديد إعلان وقف إطلاق النار وطالب الحركات المسلحة بإعلان وقف الأعمال العدائية بدون قيد أو شرط وأن تتفاوض بحسن نية للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.وأشار إلى (التطورات الإيجابية) مثل فصل مكتب المدعي العام عن وزارة العدل والعفو الرئاسي عن (259) من أفراد حركة التمرد المسلحة في دارفور.كما نبه إلى العفو الرئاسي لاثنين من القساوسة حكم عليهما بالسجن (12) عاماً، وكذلك العفو العام الصادر أخيراً عن ممثلي المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وحث القرار حكومة السودان على التعاون مع الخبير المستقل والمفوضية السامية والجهات الأخرى صاحبة المصلحة، وقال: (لعل التحسن المتواصل والمضطرد لحالة حقوق الإنسان في السودان، يسهم في انتقال الولاية في نهاية المطاف من الخبير المستقل إلى آلية أخرى مناسبة من آليات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان)، وعلى الرغم من ذلك نجد أن الخبير المستقل في تقريره الذي قدمه أمام المجلس، أبدى قلقه حيال وقوع انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية وقعت بعد إجراء عملية الحوار. *ترحيب ورفض على الرغم من أن مندوب أمريكا بالمجلس كيث هاربر أقر بتقدم الخرطوم في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه قال: على الرغم من التقدم المحرز في عدد من المجالات، إلا أن الولاياتالمتحدة تشعر بالقلق من الاستخدام المفرط للقوة والتعذيب من قبل الحكومة والاعتقالات المستمرة للنشطاء وتدمير الكنائس ودور العبادة، الأمر الذي رفضه مندوب السودان الدائم في جنيف د.مصطفى عثمان إسماعيل، مؤكداً أن أمريكا نفسها لديها انتهاكات في مجال حقوق الإنسان، ورحب مصطفى في الوقت ذاته بقرار تجديد ولاية الخبير المستقل لعام آخر وأبدى استعداد السودان للتعاون. *طلب عضوية رئيس لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان بالمجلس الوطني عثمان نمر أبدى ارتياحه للقرار الذي يشير في حيثياته لإدانة السودان ووصفه بالمحمدة، وقال إنه وقع برداً وسلاماً، واعتبر نمر تصويت (20) دولة من بين (26) دولة بالمجلس لصالح السودان، والمطالبة بإنهاء ولاية الخبير المستقل نصراً وإضافة له، مؤكداً إيفاء الحكومة بالتزاماتها الكاملة تجاه حقوق الإنسان بالبلاد، وقلل في الوقت ذاته من القلق الذي أبدته بعض الدول وقال ل(آخر لحظة) إن مرحلة القلق لا ترقى لمستوى الإدانة، نمر كشف عن اتجاه الخرطوم لتقديم طلب العضوية في مجلس حقوق الإنسان في العام القادم لإنهاء ولاية الخبير المستقل، موجهاً انتقاداته للمجلس الذي قال إنه لم يوفِ بالتزاماته تجاه السودان ولم يقدم أي دعم فني طوال السنوات الماضية. *دعم عربي مندوب مصر في مجلس حقوق الإنسان خاطب جلسة المجلس ممثلاً للمجموعة العربية، وأكد في كلمته أنه وطوال الست سنوات الماضية، لم يقدم المجلس أي مساعدة فنية للسودان، مشيراً إلى أن قرار الخبير المستقل احتوى على فقرات تؤكد التزام السودان بالتعاون مع الخبير وتسهيل مهمته، كما أنه احتوى على التحسن المطرد في حالة حقوق الإنسان، واعتبر أن قرار إبقائه في البند العاشر لا يلبي الطموح العربي الذي يأمل في خروج السودان من بند الإجراءات الخاصة، وقال إلا أننا كمجموعة عربية ندعم القرار ونطلب من المجلس الموافقة عليه. *إحراج سياسي أما مدير مركز الخرطوم لحقوق الإنسان د.أحمد المفتي اتفق في رؤيته مع عثمان نمر واعتبر أن القرار خطوة إيجابية تصب في مصلحة حكومة الخرطوم، وقال لأول مرة تحمل ديباجته ترحيباً بالجهود التي يقوم بها السودان، مشيراً إلى الاعتراف بمخرجات الحوار الوطني ووقف إطلاق النار من جانب واحد، وقال إنه تطرق إلى الأشياء السلبية بطريقة موضوعية تختلف عن المرات السابقة التي كانت تعتمد على التشهير والإساءة للحكومة، وأرجع المفتي هذا التطور إلى الانفراج في علاقات السودان التي قال كان لها الأثر الكبير بأن يخرج القرار بهذه الصورة، وينقد المفتي تدخل السياسة في تلك العلاقات وقال إنها كثيراً ما تظهر السلبيات وتغفل الإيجابيات من وجهة نظره، مشدداً على أهمية أن يتحرك الخبير المستقل في فترته القادمة في مجال تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية وبناء القدرات لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.هذه التطورات دفعت المفتي ليتوقع أن نهاية الخبير المستقل في العام القادم، ونصح الحكومة بأن تعمل على تجاوز السلبيات التي وردت في التقرير، وأكد أنه بمقدورها معالجتها، واعتبر أن أثرها السلبي يسبب إحراجاً سياسياً للحكومة، داعياً إلى تكوين مجموعة عمل لإيجاد الحلول والمعالجات الجذرية، كما أن المفتي يرى أن القرار سيكون له الأثر الإيجابي على قرار رفع العقوبات الأمريكية الذي تنتظره الخرطوم في الثاني عشر من الشهر الجاري.