أمير الكويت يعزى رئيس مجلس السياده فى وفاة نجله    خراب ودمار "بيت فاطمة" يُبكِّي السودانيين    دورتموند يصعق باريس ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.فيصل القاسم : كم ضحكوا علينا بأسطوانة القومية والعروبة والإسلام!
نشر في رماة الحدق يوم 16 - 11 - 2019

اليوم سأتحدث في بديهيات للأسف تغيب عن أذهان الكثيرين وهم يناقشون الأوضاع والعلاقات العربية العربية أو الإسلامية الإسلامية. نحن العرب والمسلمين أكثر شعوب الأرض حديثاً عن أواصر العروبة والقومية والإسلام. نتفاخر دائماً بروابطنا القومية والدينية والمذهبية، بينما على أرض الواقع نحن أكثر شعوب الدنيا صراعاً واشتباكاً وانتقاماً فيما بيننا. كثيرون يسخرون من جامعة الدول العربية لأنها لم تنجح في توحيد العرب وجمعهم على كلمة سواء. ولا شك أنكم تساءلتم وتعجبتم مرات ومرات: لماذا يا ترى علاقات بعض الدول العربية بالدول الأجنبية أقوى بكثير من علاقاتها بالدول العربية؟ لماذا التجارة البينية بين العرب والمسلمين أضعف بكثير من التجارة مع الآخرين؟ ولطالما حزن الكثيرون على هذا الوضع العربي البائس على صعيد التعاون والتضامن.
طبعاً من حق الشعوب العربية والإسلامية أن تحزن على غياب الروابط الدينية والقومية على الصعيد السياسي بين الدول العربية والإسلامية. لكن هذا الحزن الشعبي البريء يبقى مجرد تفكير ساذج وعواطف فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن السياسة أصلاً لا تقوم على العواطف والأواصر القومية والدينية والتحالف مع ذوي القربى، بل تحكمها المصلحة حتى لو تطلب ذلك التحالف مع الغريب ضد القريب. الأنظمة العربية تقيم تحالفاتها بناء على مصالحها الخاصة وليس بناء على الروابط العروبية. أيهما أقوى علاقات العرب مع بعضهم البعض أم مع الغرب؟ طبعاً مع الغرب، لأن مصلحة الكثير من الأنظمة مع الأجنبي وليست مع العربي.
لاحظوا مثلاً أن أمريكا غزت العراق البلد العربي المسلم المجاور لدول الخليج وغيرها من الدول العربية. من الذي قام بتمويل الغزو وحرض الغرب على اجتياح العراق وتدميره وإسقاط نظامه؟ العرب المسلمون طبعاً. وعندما زار جورج بوش السعودية بعد تدمير العراق استقبلوه بالأفراح والليالي الملاح ورقصوا معه رقصة السيف وحملّوه الهدايا الثمينة بعد أن قضى على شقيقهم العربي المسلم. ورأينا أيضاً كيف رفع المندوب السوري يده في مجلس الأمن مؤيداً الغزو الأمريكي للعراق، لا بل إن حافظ الأسد استغل تلك اللحظة التاريخية لتعزيز علاقاته مع أمريكا وإسرائيل، فأرسل قواته إلى جانب القوات الأمريكية الغازية للقتال ضد العراق العربي.
ولا ننسى أن النظام السوري العربي وقف مع إيران الفارسية ضد العراق العربي على مدار الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمان سنوات ضارباً عرض الحائط بالعروبة والقومية والوحدة العربية التي يرفع شعاراتها منذ عقود، لأن مصالحه مع إيران كانت أقوى بكثير من علاقاته مع العراق وحتى العرب الآخرين. وللعلم فإن النظامين السوري والعراقي تجمعهما عقيدة سياسية واحدة وهي عقيدة البعث، لكنهما كانا أشد على بعضهما البعض من شدتهما على العدو المشترك إسرائيل. لا بل إن نظام حافظ الأسد كان يكتب على جواز السفر السوري: «يُسمح لحامله بالسفر إلى كل بلاد العالم ما عدا العراق».
تلك هي السياسة التي لا تعرف عواطف ولا قومية ولا ديناً، وهذه العواطف الساذجة فقط للاستهلاك الشعبي والوجداني والإعلامي. ولو عمل حافظ الأسد بمشاعره القومية لما حمى نظامه. تصوروا لو كان النظام السوري متحالفاً مع العرب ولم يكن متحالفاً مع إيران، ماذا كان سيحصل له بعد الثورة؟ بعبارة أخرى فإن تحالفه مع طهران حماه من السقوط، والباقي تفاصيل.
أليست علاقات تركيا السنية مع إيران الشيعية أقوى من علاقات تركيا السنية مع السعودية السنية؟ ماذا قدمت تركيا للأقلية التركية المسلمة التي تعاني كل صنوف التعذيب والتنكيل من قبل الصين؟ هل قطعت علاقاتها مع الصين بسبب معاملتها الوحشية للأقلية التركية «الأيغور»؟ بالطبع لا، لا بل إن أنقرة عززت علاقاتها ومصالحها مع الصين بعد جرائمها السوداء بحق الأتراك الصينيين. المصلحة السياسية فوق العواطف القومية.
ولا ننسى أن المسيحيين قتلوا من بعضهم البعض في الحرب العالمية الثانية أكثر مما قتلوا من الديانات والقوميات الأخرى عبر التاريخ. لقد سقط أكثر من ستين مليون مسيحي في تلك الحرب. وبالمناسبة كانت حرباً مسيحية مسيحية، وخسرت روسيا المسيحية وحدها حوالي عشرين مليون مسيحي في مواجهة ألمانيا المسيحية. وأيضاً استمرت الحرب الباردة حوالي نصف قرن بين أمريكا المسيحية والاتحاد السوفياتي المسيحي. وكانت أوروبا وأمريكا تعاديان روسيا المسيحية أكثر مما تعادي القوميات والأديان غير المسيحية. وكيف ننسى حرب الثلاثين عاماً بين المسيحيين البروتستانت والمسيحيين الكاثوليك في أوروبا التي حرقت البلاد والعباد وقتلت وشرت الملايين.
لهذا عزيزي، لا تحزن كثيراً عندما ترى الدول العربية تتسابق على التقارب مع روسيا واستقبال بوتين بالأحضان والورود والصفقات بعد أن دمر سوريا وشرد شعبها ودعم نظامها القاتل والمجرم، فالسياسة لا دين لها، ومصلحة الدول والأنظمة والجماعات والتنظيمات فوق كل اعتبار، بدليل أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين السنيتين تتحالفان مع إيران الشيعية رغم أنها تحتل أربع عواصم عربية ورغم أنها قتلت من السوريين، ودمرت في العراق وسوريا ولبنان واليمن أكثر ما دمرت إسرائيل في فلسطين وسوريا ولبنان. إنها السياسة والمصلحة. لا تتفاجأ أيضاً عندما تسمع مرشدي حركة الإخوان المسلمين السنية وهم يكيلون المديح لنظام الخميني الذي يعتبر المسلمين السنة نواصب كافرين ويشتم أتباعه الصحابة ليل نهار.
السياسي مثل التاجر الذي يحكمه الربح بالدرجة الأولى حتى لو تاجر مع الشياطين الزُرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.