أحد الأشخاص كانت تشغله فكرة الموت والمرض وتستحوذ على جانب كبير من تفكيره وهذا تعبير مهذب قصدنا به عدم التصريح علانية أنه كان لا يخاف شيئاً في حياته مثل خوفه من الموت.. فكان عندما يسمع أن أحد الأشخاص فقد بصره كان يسارع لزيارته ومؤاساته قائلاً: الحمد لله ربنا ريحك.. وهو في حاجة بشوفوها؟ حتى الفضائيات أصبحت كلام فارغ. وكان عندما يسمع بأن قريبه صار يعاني من حبس البول كان يؤاسيه قائلاً: أهو كدا إنت تريحت على الآخر.. مافي داعى الواحد كل مرة ماشي الحمام وجاي من الحمام. وكان عندما يسمع أن صديقاً له فقد السمع كان يسرع له مواسياً بلغة الصم :- والله يا أخي ربنا ريحك... وهو في حاجة بسمعوها اليومين دي غير راجل المرا حلو حلا . وحرامي القلوب تلب يقوم قلبك يقيف تبقى في مصيبة والخوة بقت عفانة وكدا.. ومن ناحية أخرى كان عندما يسمع بوفاة أحد الأشخاص يسارع الى مكان العزاء ثم يسأل أقارب المتوفى عن سبب وفاة فقيدهم فإذا قالوا له مات بعد أن عانى من مرض السكر ينفجر قائلاً هو مش عارف إنو أكل السكر والكنافة البحبها والحلويات بجيب مرض السكر؟؟ ومنو القال ليهو أملأ بطنك بالسكر أو أي شيء من هذا القبيل. ثم يسمع بشخص آخر توفي في حادث مروري.. فيصيح :ومنو القال ليه أسرع وتهور؟ هو مش عارف السرعة قاتلة؟وإذا قيل له إن الفقيد لم يكن سائقاً بل كان راجلاً ويمشي بعيداً عن الشارع عندما داهمته سيارة يقودها سائق متهور كان يصيح أيضاً: هو القال ليهو أمرق من البيت منو؟ ما يقعد في بيتو.. هسع الصدمو دا كان لقاهو وين؟ ولو عرف أن أحد الأشخاص مات بسبب ارتفاع ضغط دمه وأصابته جلطة أو نزيف في الدماغ كان يسارع بالقول: ومنو القال له اكل حتى لحدي ما شرايينك تنسد؟ ليه ما يتجنب الوجبات البتحتوى على نسبة عالية من الكلسترول؟ زي ما قالوا الدكاترة؟ ولكن أطرف شيء وأغرب مسائل أنه كان يسهر مع أحد أصدقائه وامتد سهرهما الى الساعات الأولى من الفجر وعند انتهاء السهرة أوصل صديقه لمنزله بسيارته وودعه وذهب. وفي الصباح اتصل بصديقه يسأل عنه فقيل له إنه تعيش إنت- مات. فصاح: مات مش معقول ومات كيف؟ فأجابه أخ المتوفّى: بعد مشيك كان عايز يقلع جلابيته.. فك الزرارة .. جاته زغطة وشهقة وطوالي مات. بس؟ بس لا حول ولا قوة إلا بالله .. ربنا يرحمه.. إلى أن كان يوم وجاء هو متأخراً في الساعات الأولى من الفجر وأراد أن يخلع جلابيته ففك الزرارة وجاءته زغطة وشهقة. فأسرع بإرجاع الزرارة الى مكانها وهو يقول: لا بالله!!! مريسة بدون كحول الصيحة التي انطلقت في جميع أنحاء العالم بعد ارتفاع أسعار النفط، هي الحصول على نوع آخر من الطاقة أقل تكلفة وأكثر نظافة. فاتجهت الأنظار إلى إنتاج الإيثانول أو الكحول الإيثيلى. واشتهرت البرازيل بأنها من أكثر الدول إنتاجاً للإيثانول من قصب السكر. ولذلك حظرت الدول تصدير إنتاجها من القمح والأرز وتسببت في نقص حاد في الغذاء الإنساني في جميع دول العالم. والمعروف إحصائياً أن إنتاج العالم من الحبوب تتعرض نسبة كبيرة منه للتلف بواسطة الفئران والجرذان والجراد والطيور والآفات الأخرى. ولو استطعنا أن نقتلع نسبة مقدرة من إنتاجنا من تلك الآفات لاستطعنا أن ننتج الإيثانول دون أن يتأثر الغذاء ولكن كل مجهودات العالم باءت بالفشل. فما تأكله الفئران تتحصل عليه رضينا أم أبينا ولا نستطيع أن نفعل شيئاً. وقد ظهر عجز الإنسان أن يستنقذ ما يسلبه منه الذباب فكيف يستنقذ ما تسلبه منه الفئران والجراد؟ ولذلك آثر أن يحول جزءًا من غلاله للغذاء والجزء الآخر لإنتاج الميثانول لأغراض الطاقة وتوقف التصدير وانطلقت «الكواريك» في جميع أنحاء العالم. والحالة كذلك، وإذا جاز لنا أن نختبر حالتنا فإننا يجب ألا نستخرج الإيثانول من قصب السكر لأن قصب السكر يستهلك من الماء ثلاثة أضعاف ما تستهلكه الذرة. فإذا أردنا أن نتجه لإنتاج الإيثانول فخير ما نستعمله هو الذرة. نعم ًالفتريتة». وقد اعتاد أهلنا أن يستخدموها في بعض ولايات السودان لصنع المريسة تلك الخمرة المحلية التي تحاربها السلطات وتحاربها الشريعة لأنها مشروب مسكر.. وكل مسكر حرام. وبما أن فيها بعض الفوائد الغذائية فإننا يمكن أن ننقل ميدان محاربتها لوضع آخر. نحتفظ بالغذاء ونزيل الحرمة. وإزالة الحرمة تعني أخذها كإيثانول وبدلاً من بقائها داخل المشروب لتفعل فعلتها في بني البشر العصاة نصبها في «تنوكة» سياراتنا وآلياتنا وليس هناك من حرج ونُبقي على «المريسة» بدون إيثانول أو بدون كحول. لقد لاحظت أننا نستورد مستحضرات الشعير كالبارلي والمولت في شكل قوارير أنيقة مثل الباربيكان والموصى والبفاريا .. نفس الملامح والشبه إلا أنها لا تحتوي على كحول وبالتالي لا تحتوي على «حرمة». ولذلك فإننا يمكن أن نتفاعل مع الحركة العالمية لإنتاج طاقة رخيصة نظيفة من الإيثانول وذلك باستخدام الذرة واستخراج منتجات مصاحبة كالمريسة بدون كحول بينما نستخدم ما تبقى في شكل «مشك» بضم الميم والشين كغذاء للحيوانات. وقد لاحظت أيضاً أن «البهيمة» التي تعلف بالمشك تنتج إنتاجاً عالياً من اللبن - لذة للشاربين وكذلك اللحم الذي يكون له مذاق خاص يسر الآكلين. وبالطبع سيقول لي بعض الإخوة المتشككين أن لون المريسة غير سياحي لأنه «أغبش» ولا يشابه لون الباربيكان الرائق الأصفر العنبي. هذه ليست معضلة لأن المعامل يمكن أن تتجه نحو إزالة «الغبشة» وإضافة محسنات لونية كالكراميل وهو لون السكر المحروق وثاني اكسيد الكربون المضغوط الذي يجعل زجاجة المريسة بدون كحول تقدم في أرقى الفنادق العالمية «وهي تبزبز» عند فتحها وتحمل نفس الاسم الذي اخترعته الكيمياء الشعبية منذ أقدم العصور. وبالمناسبة هناك عدد من الخواجيات يحملن اسم «مريسا» دون أن يدرين عن كنه ذلك الاسم شيئاً. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع. واغلقه أو إجعله في وضع صمت إذا كنت في المسجد.