من (شيوخ) هوليوود الذين أضاءت نجوميَّتهم السّينما في القرن العشرين، وإن لم يضيئوها بأبعادٍ إنسانية عميقة، كان (جاري كوبر)، (كلارك جيبل)، (بيرت لانكستر)، (ميكي روني)، (ألن لاد)، (روبرت متشم)، (راندولف سكوت)، (روي روجرز) الذي تحمل اسمه سلسلة مطاعم شهيرة، مثل سلسلة مطاعم ماكدونالد، أيضاً هناك (جون وين) الذي يحمل اسمه مطار في مدينة لوس انجلوس، إضافة إلى (كيرك دوجلاس). عاش أولئك الشيوخ (الهوليووديُّون) حياة حافلة مثيرة، كانت إحدى أحفلها بالإثارة بدايات الفصل الأخير من حياة كيرك دوجلاس. بعد نجومية باهرة في (28) فيلماً، بدأ كيرك دوجلاس دراسة التوراة، عندما بلغ السبعين من عمره. في كتاب (الصعود إلى الجبل ... بحثي عن المعنى)، الذي صدر عن دار نشر (سايمون آند شوستر)، يحكي كيرك دوجلاس رحلته الروحية الطويلة في العودة إلى الديانة اليهودية ودراسة التوراة. كتاب (الصعود إلى الجبل) ليس سيرة ذاتية، أو قصة حياة. فقد كتب كيرك دوجلاس سيرته الذاتية ومذكراته من قبل. كتاب (الصعود إلى الجبل) أقرب في المنهج إلى كتاب (المنقذ من الضلال) وكتاب (معارج القدس في مدارج معرفة النفس) للإمام أبي حامد الغزالي، وأقرب في الموضوع إلى كتاب كولن ويلسون (رحلة نحو البداية) وكتاب (رحلتي من الشك إلى الإيمان) لمصطفى محمود. كما يبتعد (الصعود إلى الجبل) عن (البحث عن اليقين) ل (جون ديوي)، ويقترب من (الجذور) ل (أليكس هيلي)، غير أن جذور (هيلي) إثنية وجذور (دوجلاس) روحيَّة. وفي كتاب (المرآة المكسورة) كتب كيرك دوجلاس للأطفال، حيث يصوِّر كفاح صبي يهودي أنكر يهوديته، ثم عاد إليها تدريجياً. وبعد أن أكمل (كيرك دوجلاس) كتابيه الخامس والسادس، تعاون مع ابنه الأكبر مايكل دوجلاس في فيلم بعنوان (أغنية لداؤود). حيث يركِّز الفيلم على العلاقة بين والد، اكتشف يهوديته بعد أن طعن في السِّن، وابنه مدمن العمل. كما تناول كيرك دوجلاس موضوعاً يهودياً في فيلم آخر بعنوان: (WAITING IN THE WINGS). كيرك دوجلاس، الذي يرتحل، ب (طفقته) الشهيرة على (حَنَكِه)، إلى جذوره اليهودية، إبن لمهاجر روسي فقير أمِّي، إسم كيرك دوجلاس الأصلي (إيشور دانيلوفيتش). مثلما تسَمَّت عواطف محمد عجمي ب (نجوى فؤاد)، ومحمد عبد العال الحمامصي ب (محمد فوزي)، وجانيت غالي ب (صباح) الشحرورة، ومحمد جابر عبدالله ب (نور الشريف)، ومحمد بوخرُّوبة ب (هواري بومدين ... الرئيس الجزائري)، هواري بومدين الأصلي من أولياء الله الصالحين، ومحمد عبد الرحمن القدوة تسمَّى ب (ياسر عرفات ... الرئيس الفلسطيني)، كذلك تسمَّى (إيشور دانيلوفيتش) ب (كيرك دوجلاس)، أيضاً تسمَّى الزعيم الشيوعي اليهودي الرُّوسي (زيدر بلوم) ب (فلاديمير لينين... الزعيم البلشفي الشهير). نجوميَّة كيرك دوجلاس أتاحت له أن يصبح ضيفاً على البيت الأبيض، بدعوة من الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، الذي أضاء أوَّل شمعة في عيد (الحانوكا) اليهودي. في إدارة كلنتون كان مستشار الأمن القومي الأمريكي صمويل بيرجر (ساني بيرجر)، ووزير الدفاع وليم كوهين، ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، كان ثلاثتهم من اليهود الصهاينة، كان للرئيس كلنتون غرام باليهود. وقد قلبت المتدرِّبة (مونيكا لوينسكي) سمعته رأساً على عقب بالفستان الأزرق والسجائر الكوبي. وقد أثار المليونير اليهودي الأمريكي (مارك ريتش) الهارب من العدالة، والذي أنقذه (الموساد) من الإعتقال، ضجّة في أمريكا بسبب العفو الرئاسي الذي أصدره عنه الرئيس بيل كلنتون في آخر يوم في ولايته. وكان رئيس الوزراء إيهود باراك قد اتصل عدة مرات يتشفَّع لدى كلنتون للعفو عن (ريتش)، لذلك من الطبيعي أن يصبح نجم في حجم كيرك دوجلاس ضيفاً على البيت الأبيض في عهد الرئيس كلنتون. سبق لكيرك دوجلاس أن أعدّ ثلاثة أفلام في إسرائيل، وزار إسرائيل أكثر من ذلك. في إطار الإستعداد ليوم الرحيل وحسن الخاتمة، شرع كيرك دوجلاس في تلقِّي كورسات لدراسة الديانة اليهودية، برفقة اثنين من الأحبار، كما بدأ ينتظم في حضور الصلوات في بيعة (HIGH HOLIDAYS). ويواظب كيرك دوجلاس على صيام يوم كيبور (يوم عاشوراء) كلّ حياته، كما يواظب على إضاءة شمعة كل يوم سبت. وشهدت مطاعم هوليوود على حرص كيرك دوجلاس على عدم تناول طعام لا يتماشى مع ديانته. لم يتبق لكيرك دوجلاس الذي ظل يعيش أجمل أيام حسن الخاتمة (الصهيونية)، إلا أن (يقدل) حافي حالق في ساحات الحرم الإبراهيمي!. محاورات (الفرد نورث هوايتهد) ومذكرات (شارلي شابلن) و(الصعود إلى الجبل) وغيرها، هل تحرك ساكناً في رموز السياسة والثقافة السودانية، لتقديم إضاءات عن رحلاتهم الروحية... هل تشرق شموسهم المتوارية؟.
