انهيار الاتحاد السوفيتي فتح الباب واسعاً أمام الولاياتالمتحدة لتحكم وتتحكم في العالم طوال العقدين الأخيرين حيث لم تتوان أوربا في مساندة أمريكا للحد الذي جعل المراقبين يشككون في الأوربيين دعاة الأخلاق فما حدث للعراق والعراقيين من قتل وتعذيب وتنكيل لم يشهده التاريخ إلا في عصر الامبراطورية الرومانية الباطشة المستبدة، فغياب التوازن وظفته أمريكا لخدمة مصالحها وكذلك تنصيب من يرعى هذه المصالح فانشغل رؤساء وزعماء دول العالم بكسب رضا الأمريكان أكثر من انشغالهم بشؤون بلدانهم.. احتفى الأمريكان أيما احتفاء بانهيار الاتحاد السوفيتي وتشتته ولم تعد روسيا حسب اعتقادهم أكثر من دولة إقليمية كالبرازيل والهند، فلقد جاء على لسان كولن باول في مؤتمر ميونخ قال على روسيا ان تنسى أن لها مصالح في دول الاتحاد السوفيتي القديم، ولعل ذلك التصريح كان سبباً لحسم جورجيا المدعوم من الغرب فلقد أدرك بوتن رجل روسيا القوي ضرورة حماية مصالح روسيا في العالم، ويحمد للرجل أنه ترك المنصب وتقلد منصب رئيس الوزراء من أجل إعادة روسيا لمواجهة أمريكا والغرب وتم إعداد ميزانية خاصة للدفاع بلغت 134 بليونًا، فعندما نصبت أمريكا الدرع الصاروخي نشرت روسيا صواريخ اسكندر المعروفة. روسيا بوتن تختلف كثيراً عن روسيا قبل إعادة انتخاب بوتن حيث الصراع القادم في مجمله صراع مصالح وليس صراع إيدولوجيات فأمريكا ليست في أفضل أحوالها اقتصادياًَ وكذلك المشكلات الكثيرة في منطقة اليورو وفوق ذلك الغاز الروسي يصل إلى باريس وتؤمن روسيا ما يزيد عن «40 %» من احتياج أوربا للغاز. بوتن رجل مواجهة من الطراز الأول ولن يدع أمريكا تتمدد على حساب مصالح روسيا وتجلى ذلك في مواقف روسيا تجاه الأزمة السورية وسوف تكون عقبة أمام استخدام أمريكا لمجلس الأمن ومنظمة الأممالمتحدة لتحقيق مصالحها فالروس نادمون أشد الندم على ما جرى في ليبيا والذي لن يتكرر في سوريا التي لها مصالح مشتركة معهم فلقد فقدوا العراق وليبيا... المنطقة العربية صريعة لأمريكا رغم عداء أمريكا الشديد للعرب مما يعني أن إيران النووية ستظل مسنودة بثقل روسيا العسكري كوريا الشمالية حليف للروس. فالصراع سيكون في إفريقيا القارة البكر ذات الموارد الطبيعية الهائلة فالصينيون بات لهم وجود كبير في إفريقيا ويعملون على استخراج الكولتانك بترول القرن الواحد والعشرين لاستخدامه الواسع في العديد من الصناعات. إذن فالصين وروسيا رغم أنهما قوتان توحد بينهما إيدلوجية واحدة لكنهما سيتوجهات توجهاً اقتصادياً وهذا يعني أن النفوذ الأمريكي في العالم سينكمش إذا ما وضعنا في الاعتبار الصعود الاقتصادي للصين مع تراجع الاقتصاد الأمريكي والأوربي بصفة عامة فالسمة الغالبة للصراع العالمي هي حوافز وميزانية وهذا ما يجعل أمريكا تقدم الجزرة وتتخلى عن العصا نهائياً والسودان الآن تتوفر أمامه فرصة ثمينة باعتباره أغنى دول إفريقيا من حيث الموارد غير المستغلة وهذا الوضع يهيئ له اختيار المعسكر الذي يضمن له الدعم الاقتصادي المهم من خلال مده بالتقنية المعينة على الاستفادة من الموارد الطبيعية فالعالم الآن يشهد مخاضًا يدعونا لنراجع مصالحنا وألا نمشي في الزفة ونتبع دول الإقليم في توجهاتها علينا أن نختار في إطار حساب المصالح هذا أين نقف ومع من.