ظلت مسألة وضع دستور دائم للبلاد موضوع الساعة في الأوساط السياسية والاجتماعية. ويمثل الحديث عن عدم الوصول إلى دستور يتوافق عليه الجميع أمراً مقلقاً، ويخشى البعض أن تكون القضية من قضايا الوطن الشائكة التي يخشى المراقبون أن تؤدي إلى إفرازات وتعقيدات جديدة. وتتقافز أسئلة هل سيعبر السودان أو يعبر به أبناؤه هذه المحطة الحساسة والمهمة؟وهل ستلعب المرجعية الدينية والسلف والأبوة الروحية دورها هنا؟ وأقيمت ورشة التوافق الوطني حول قضايا المرأة في الدستور الدائم التي نظمها مركز المرأة لحقوق الإنسان، وبمشاركة أعضاء من المجلس الوطني وعدد من الدستوريين من منظمات المجتمع المدني، وأبدى وزير الدولة بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي إبراهيم آدم القبول بالمشاركة من كافة التنظيمات السياسية والقوى السياسية في وضع الدستور الدائم حتى يعبر عن متطلبات الشعب السوداني، ودعا إلى الشفافية في وضع الدستور واستيعاب كل الآراء حتى يعبر عن رضاء الجميع وحقوق المرأة والعدالة وإرادة الشأن السوداني. وناقشت الخبيرالقانونية عائشة أبو القاسم حاج حمد ورقة حول مفاهيم قضايا المرأة في الدستور الدائم، ووصفت الدستور بأنه مجموعة من القواعد والمبادئ القانونية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات العامة الأساسية بها، مبينة أن تحديد المرجعيات الدولية من حقوق إنسان ومواثيق دولية كما هو الحال في الدستور الوطني الانتقالي لسنة 2005م كغيره من الدساتيرالماضية، أمر مهم واستند على دستور السودان لسنة 1998م واتفاقية السلام، وأن مصادره سوف تظل كما هي الشريعة الإسلامية، حيث أن الشمال هو السودان ككل بعد انفصال الجنوب، ولا نزاع في ذلك، وأشارت إلى أن هنالك ما يفوق الخمس وثلاثين مادة في الدستور تستحق الحذف والتعديل لبعضها، لصلتها الوثيقة بمؤسسات جنوب السودان وما يتعلق بها من حقوق والتزامات، وتساءلت هل الدستور الحالي بعد الانفصال يلبي متطلبات المرحلة القادمة؟ وأجابت قائلة إنه يعجز تماماً عن تلبية المتطلبات المستقبلية، حيث أن المستقبل مرهون باستكمال استحقاقات التحول الديمقراطي بغرض إرساء قواعد الحكم الراشد. وشددت وزير التربية والتعليم سعاد عبد الرازق على ضرورة مشاركة الجميع في وضع الدستور الدائم، والاتفاق على منهجية عمل استصحاب الجميع، ودعت إلى الارتكاز على الثوابت والإرث السوداني حتى يصبح الدستور متواصلاً للأجيال القادمة. وأكدت المبادرة السودانية على التزامها بثلاثة مبادئ أساسية حول عملية صناعة الدستور، تتمثل في المشاركة والشمول والشفافية لأهمية تنوع الشعب في قضاياه واحتياجاته الآنية والمستقبلية، وأمن المشاركون على أهمية تبسيط الدستور وتوحيد الصف النسائي لحل قضايا المرأة، وبذل الجهود لوقف النزاعات، ووضع «كوتة» لكل حزب للتمثيل المتوازن، وإدماج قضايا المرأة في كل مراحل الدستور، بجانب التوافق على مشاركة كل فئات المجتمع وإنشاء مفوضية لها، ووضع آلية دائمة لتعديل الدستور وآليات تلزم بتنفيذه، مطالبين بإنشاء مفوضية للدستور وإعادة الانتشار والدمج والتسريح والمرأة والطفل وحقوق الإنسان، بجانب المفوضية القومية للخدمة المدنية وحقوق غير المسلمين، كما تضمنت الورشة توصيات وآراء كل المشاركين بأن تكون صناعة الدستور شفافة وشاملة وبمعايير دولية بمشاركة كل الأطراف، لتعكس التنوع في السودان.