منذ قيامها قبل «30» سنة قامت كلية الطب بجامعة الجزيرة على أساس الانتماء للمجتمع.. ترسل طلابها منذ السنة الأولى للأرياف فتتحسس مشكلاتها وتضع الحلول مما جعلها تتميز على غيرها من كليات الطب في الجامعات الأخرى، وهي في هذا لا تنفصل عن منهج جامعة الجزيرة ككل، ولعل الكلية هي أول من أدخل برنامج طب الأسرة وقسم الطالب الجامعي، ذلك أن طلابها يرتبطون بالمستشفيات والأسر منذ اليوم الأول حتى التخرج.. «الإنتباهة» جلست لعميد كلية الطب البروفيسير علي بابكر حبور الذي حدثنا عن منهج الكلية ومبادراتها التي تجاوزت المحلية إلى العالمية. * كلية طب الجزيرة لديها شراكة مع كليات طب عالمية ما هي تلك الكليات وفيم تتشارك؟ هي كليات طب تنتمي للمجتمع وكنت قبل قليل على اتصال بهم عبر «الفيديو كونفرانس» وقد ابدينا رغبتنا في الانضمام لشبكتهم فوافقوا لاستيفاء كليتنا لشروط الانضمام وبعثنا طبيبين للنمسا وعقدنا مؤتمرًا هناك ودعوناهم لاجتماع عندنا في مايو وهي «12» كلية طب أمريكية، كندية، ماليزية، فلبينية ومن نابال، بلجيكا واستراليا، وكلية ووتر سوسولو من جنوب إفريقيا.. والسودان هو الدولة الوحيدة من الشرق الأوسط التي انضمت للشبكة، وهنالك كليات تريد الانضمام ولكن لم تستطع نسبة لشروطهم الصعبة. * ما هي شروطهم أن يكون المنهج منتميًا نحو المجتمع ويعمل التكامل بين المعلومة الأساسية والسريرية ولديه شراكة مع الجهات ذات الصلة كوزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، وهذا هو منهجنا منذ قيام الكلية قبل «30» سنة، فالكلية قامت على منهج جديد يسمى المنهج المتطور «تدريس الطالب في المواقع التي سيعمل بها مستقبلاً» وهذه ميزة غير موجودة في النظام * ما هي مقررات هذا المنهج المقرر الأول زيارة القرى حيث يقيم الطلاب في القرى لمدة شهر في السمستر الأول يحصرون عدد السكان والدراسات الديموغرافية والأمراض المتفشية فيها ومشكلات القرية سواء كانت في الماء أو المركز الصحي أو القابلة أو المدرسة ويصممون برنامجًا لمعالجة المشكلة بعد اتصالهم بالجامعة والكلية والحكم المحلي، وبعد سنة أو سنتين يذهبون مرة للقرية المعنية ليروا أثر تلك الزيارة والمعالجات التي تمت ومثال لذلك كانت هناك قرية انتشر فيها داء الجرب فذهبوا ووجدوا القرية كلها «بتنكرش» واكتشفوا مشكلة في الصابون فعملوا مصنعًا للصابون في القرية يبيع بأسعار مخفضة، وعندما ذهبوا لزيارتهم مرة أخرى لم يجدوا ولا حالة.. وآخر مجموعة جاءت من شمال الجزيرة وعملوا مشروعات كلفت «150» مليون جنيه أسسوا منها أسوار تشجير ونعطيهم درجات على المشروعات التي نفذوها.. أما المقرر الثاني الإقامة بالمستشفى الريفي لمدة شهر فيتعرفون على طبيعة المستشفى الريفي من الناحية الاقتصادية والأمراض الأكثر انتشارًا وبعد ذلك نذهب بهم للمراكز الصحية ويعملون في المعمل ومع الزائرة الصحية. الكورس الثالث هو الأسر فيجلسون معها «3» سمسترات ويعرفون المشكلات الصحية والنفسية والاجتماعية التي تعاني منها الأسرة ويكتب تقرير سري عنها ويساعدهم على الوصول للمستشفيات وأطباؤنا في كليات الطب على استعداد لاستقبال الحالات التي تحول من الطلاب.. كل تلك المقررات مدعومة دعمًا كاملاً من المجتمع الذي يستضيف الطلاب ويقوم بإعاشتهم وهذه لا توجد في كثير من دول العالم، وشمل البنامج طلاب التمريض والأسنان والبيئة واكتشفوا حالات سكري ونبت «مايستوما» وسل رئوي.. ويميزنا أيضًا شراكتنا مع وزارة الصحة الاتحادية في أعلى مستوياتها، وقد نتج عن ذلك قيام مركز الكلى والعقم وغيرها.. أيضًا يميز الكلية التقييم المستمر للطالب، فنحن نفعل ذلك منذ اليوم الأول حتى السمستر العاشر، فإذا أحرز الطالب المركز الأول في السمستر العاشر فهذا يعني أنه يتميز من السنة الأولى، ونحن تخرجنا في جامعة الخرطوم وبعض الطلاب كانوا «مركلسين» وقرب الامتحانات «يقفلوا نفسهم» ويأخذون جائزة كتشنر.. لكن إذا رجعت للخلف فلن تجدهم. هل أثمرت مبادرة الأمومة الآمنة في خفض نسبة الوفيات بالولاية؟ انخفضت بنسبة بنسبة70%.. والجزيرة بها أقل نسبة وفيات وسط الأمهات في السودان «انخفضت من 600 ل 200» حالة وأساسياتها تأهيل حجرة العمليات، تأهيل الأطباء، تدريب الدايات، وتسهيل عملية التحويل من القرى والمستشفيات الريفية للمراكز التي بها عمليات واختصاصيين، وأهّلنا المستشفيات باختصاصيين ودايات وأقنعنا الولاية بعمل مرتبات للدايات. * لديكم مبادرات مع مؤسسات عالمية، ما تفاصيلها؟ لدينا مبادرة مكافحة العمى، وهي مبادرة تقوم على تنفيذ مخيمات في الريف ولدينا تعاون مع مستشفى إيست إنجيلاند ببريطانيا ومع برنامج «2020»» مدعوم من بريطانيا، أيضًا لدينا مبادرة لمكافحة داء الصرع مع جامعة مانشستر لأن علاجه فيه «خزعبلات» كثيرة فدرّبنا الأطباء والشيوخ والمساعدين الطبيين، أيضًا لدينا برنامج العلاج المتكامل لأمراض السكري عند الأطفال «600»، ودربنا سسترات في إنجلترا، فالطفل عندما يأتي يوم الثلاثاء يتدرب على كيف وماذا يأكل الغذاء، وكيفية العلاج، ومنذ أدخلنا هذا البرنامج انخفضت نسبة وفيات أطفال السكري.. أيضًا لدينا تجربة المعلم الصحي الرائد ندربه على التعامل مع أطفال السكري والصرع والإصابات الخفيفة والأزمة في حال حدوث أزمة معها بالتعاون مع الصحة المدرسية بالولاية. * سابقة غريبة ابتدعتها الجامعة، إدخال قسم طالب الطب؟ نحن أول من أدخل هذا القسم لأن طلابنا يذهبون للمرضى منذ اليوم الأول في الكلية ويعطونهم أسرارهم وهو يختلف قليلاً عن قسم الطبيب، فنحن أول من أدخل منهج «الطبيب والمجتمع» يدرس فيه أخلاقيات مهنة الطب ويشترك أساتذة كليات الطب والشرطة ورجال الدين لأن هناك جدلاً قويًا حول زراعة الأعضاء ورأي الدين فيها، وكذلك الإجهاض ونقل الدم.. أيضًا لدينا علاقات مع إريتريا، فنحن نقوم بامتحان طلابها في السنة الأخيرة، وعندما زرناها وجدناهم مساكين جدًا فقمنا بإرسال أساتذتنا لتدريسهم وقد تبنينا كلية طب «أروتا» وفيها الجبل السري للثوار وأعطيناهم منحًا مجانية.