اي هوان ادخلوك فيه يابلدي .. تنطعوا وتشدقوا وسكبوا على رأسك التراب، سربلوك الذل وسقوك الهوان لم يطرف لهم جفن ولم تتحرك للنخوة فيهم شعرة يتلطفون في وجه العدو كأنه زوجة حسناء تضع يديها الناعمتين على وجه حبيبها، اجلسوك يا بلدي على النطع واعطوا الجلاد السيوف «الاربعة» الجلاد النتن الذي لم يرعَ يوماً عهداً ولا ذمة وطلبوا منك ان تسكت والسيوف تخترق اضلعك وتلامس عزتك وعليك ان تسكت فأنت لا تفهم ونحن لا نفهم هم الذين يفهمون، لانهم قوم يتطهرون، ونحن في نظرهم قوم «يتطيرون» وما علمو ان طائرهم معهم يحلق بهم واوهامهم في وادي الثعابين والعقارب. لم اعرف ولم اسمع يوماً ان عبدًا تحرر من الرق يعود للنخاس ليبيعه بثمن بخس الا انت يا وطني كأنما بعض بنيك قد عشقوا الرق او ان في الرق حلاوة لم نذق طعمها نحن «العنصريين» وهذه أيضاً لم افهمها منهم فكيف بنا نباع في سوق النخاسة ونسترق ونكون «الجلادين» وجاءوا بالعلوج الصنج ودعوهم لوجبة عشاء واجلسوا حرائرنا معهم آه يامعتصم وآه يا قوم المعتصم .تنظر للقوم يتبسمون فكأنما «الابْيَض» بالمريخ او زحل وكأنما جيشنا ينام على فرش الخدور وكأنما السودان يرفل فى النعيم .. لك الله يا وطني لك الله يا وطن ضيفه باقان وألور. وننظر نحن ونرتوي من كؤوس الذل حتى تسيل على شواربنا وتسكرنا ويطوف بخاطرنا حينها طيف الأحبة ود مزمل وابو دجانة ونزار وتطل اجمل الأيام ويلوح فى الافق الملا فارس النيل الازرق وانظر في القوم فلأجد الزبير ولا شمس الدين ولا ابو فاطمة واعلم حينها ان الحال تغير.. واني تغيرت وتبدلت وفارق ضفاف قلبي الم العشق .. وامتلكتني الدنيا فمن الوم من القوم. انظر لكل الكواكب التي تسللت الى السماء وتسيل دمعة على الخد وتحتشد في العين دموع الحسرة وانتبه ... وانظر لقومي وعلوجهم يمضغون الطعام واحس ان كبدي هي التي تُمضغ بل احس ان روحي موضوعة على فنجان احدهم تحترق الماً وحسرة واتذكر حينها قصة السفاح وهو يضع بني امية تحت الجلود وهم يغالبون الموت وهو جالس فوق اجسادهم يحتسي الشراب، لم اصدق هذه القصة ولكن من يقنعنى الآن بأن كتب التاريخ تكذب وان العين تكذب والقلب يكذب وحكومتنا لا تكذب من يقنع حكومتنا وسادتنا و«افهمنا» من يقنع هؤلاء القوم ان كل نفط الدنيا لا يساوي عندنا ان نحني قامتنا .. بل فلترق كل دمائنا نفطاً تحرق انابيب نفطهم ونفطنا بل تسيل كل الدماء ولا يداس لنا على طرف ثوب من احد علوجهم .. نحن امة أُرضعت العز والكبرياء امة رُبِّيت على ألا تعطى الدنية في دينها ولا تبيع اخرتها بدينها نحن ابناء النجومي والمك النمر، نحن امة اعتدنا ان نشرب الماء صافياً زلالاً ولا يشرب عدوها الا الكدر والطين والخبال، نحن علي عبد الفتاح والميل اربعين وابو دجانة نحن عشاق الموت في سبيل الله نحن من تفرح النساء حين الوغى بأنا بنوها نحن من اذا طعنّا لم نوجع واذا اكرمنا نشبع واذا حلفنا صدقنا.. فما بال القوم منا يريدون ان يحشوا افواهنا بعلقم الذل ما بالهم يريدون ان تعانق انوفنا التراب لغير الله.. فوالله ان كان خالط عقولهم شيء فالطب موجود وان كان السحر سنرقيهم وان كان تلبسهم احد سكان وادي عبقر فشيوخنا موجودون وخلاويهم موجودة وقيودهم وسياطهم جاهزة «للفلقة».