رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    العطا في استقبال كباشي .. بعد زيارة لدولة جنوب السودان    الرئيس التركي "اردوغان" يستقبل رئيس مجلس السيادة "البرهان" بأنقرة    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    عملية منظار لكردمان وإصابة لجبريل    بيانٌ من الاتحاد السودانى لكرة القدم    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    الكتلة الديمقراطية تقبل عضوية تنظيمات جديدة    ردًا على "تهديدات" غربية لموسكو.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية    لحظة فارقة    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    وداعاً «مهندس الكلمة»    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مِن «مِنَحِ» «المِحَن» «1/2»: وضع «العنصرية القبلية» تحت الأقدام..د. عارف عوض الركابي
نشر في الانتباهة يوم 23 - 04 - 2012

في مقالي السابق «وفي المصائب والمِحَنِ مِنَحٌ» تحدثتُ عن الجانب الإيجابي الواقع والمتوقع من أحداث اعتداءات دولة الجنوب على منطقة هجليج، وبينت أن نظرة التفاؤل يتضح من خلالها أن مِنَحَاً كثيرة سيجنيها هذا المجتمع الكريم من هذه المصيبة الكبيرة التي خسرنا فيها أرواحاً وجرحى وأموالاً، نحتسبها عند الله تعالى، ومن تلك المِنَح «اللُّحْمة» بين أفراد المجتمع والشعور بأن العدو يستهدف الجميع وأن آثار عدوانه يتضرر منها الجميع. وتأكيداً لهذا الأمر المهم لهذا الجانب الضروري في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا فإني أُعيد نشر هذا المقال للتذكير بضرورة التخلي عن هذا الداء العضال الذي ابتلي به بعض أفراد المجتمع، وهو بلا شك من المهددات الكبيرة لهذا المجتمع، وهو«العنصريات القبلية»، وفي المقال القادم بمشيئة الله تعالى أتحدثُ عن أضرار التحزب بوصفه مهدداً آخر، نرجو أن يكون من المِنَح من التي تعقب هذه المِحَن المعافاة من دائه.. وما أُريد إلا الإصلاح ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله.ولا يخفى علينا أن أعداءنا ومنهم الحركة الشعبية التي تريد تنفيذ مخططاتها الخبيثة ومخططات أعدائنا من اليهود والنصارى يسعون للوصول إلى غاياتهم المنشودة والتي أصبحت ظاهرة مكشوفة ترى بالأعين وتشاهد وتزداد وضوحاً بمرور الأيام.. وبلا شك أن صاحب الهدف والغاية يسعى للوصول إلى غايته عبر أفضل الوسائل والأساليب.. فهل أدركنا وأدرك هذا المجتمع على اختلاف أفراده أن أعداءهم أجادوا وأتقنوا استخدام وسيلة «إثارة العنصرية والنعرات القبلية» لتحقيق أهدافهم من تمزيق المجتمع وتمرير مخططاتهم.. حتى رأوا نتائج مآربهم؟!! وهل علم «الكثيرون» أنهم قد تم استغلالهم فزُيّنت لهم أشياء وتم تسليط الضوء عليها لأنها فتيل يسهل إشعاله.. ويستمر ويكبر إحراقه ودماره؟!! إن الدعوة إلى إثارة القبلية والعنصرية هو من أكبر مخططات الأعداء لتفتيت هذه البلاد وإثارة الحروب والدمار فيها، وإيقاد نيران الحرب في جهاتها المختلفة.. إن النصرانية المحرفة المتناقضة في أصول عقائدها «الصلب والفداء والتثليث» لم تجد ما تزين به الدعوة إليها أفضل من ادعاء قضية الخطيئة والفداء وتخليص المسيح للبشرية المزعوم، وأن الله تعالى عن قولهم قد حكم بصلب ابنه «الذي هو في نفس الوقت أحد الثلاثة الذين هم واحد!!!» حكم بصلبه على يد اليهود أشد أعدائه ليغفر لبني آدم خطيئة أبيهم آدم وهي أكله من الشجرة التي انتقلت إليهم بالوراثة!! فيفدي عيسى «الإله» بزعمهم «بني آدم» وهم ليسوا من جنسه بدعواهم!! فجمعوا مجموعة من المتناقضات وما لا يستقيم عقلاً وما يترتب عليه إلزامات لم يجدوا لها إجابة.. لأجل تزيين هذه الديانة المحرفة ونشرها بين الناس ووجود من يتقبلها في وقت يشهد فيه بعض قساوستهم بأنهم لم يدركوا معنى «التثليث» كما أنهم لم يقتنعوا بقضية «الصلب والفداء». وعلى هذا المنوال فإن من المعلوم بالاضطرار أن كل صاحب قضية محقاً كان أم مبطلاً يستخدم من الوسائل ما يراه مناسباً. وفي الفترة الماضية أصبحت قضية «العنصرية القبلية» تحتل حيزاً واضحاً.. وتستثمر استثماراً كبيراً.. وإن من المؤسف حقاً أن تجد أرضاً خصبة ينبت فيها نبتها السيء .. فتستعصي المسائل وتصعب الحلول.. ويكثر اللهيب.. ويتناثر الشرر.. ويضيع ويفسد بذلك الحرث والنسل.. هزمت دعوات العنصرية كثيرين.. والمؤسف حقاً أن من أكثر المنهزمين لهذه الدعوة المنتنة.. بعض من يوصفون ب «المثقفين» و«المتعلمين».. ولك أن تتصفح بعض المواقع والمنتديات الإلكترونية لترى ما تشيب بسببه الرؤوس.. وعندها تيقن بأن عدونا ومن يشمت بنا قد أحسن استخدام الوسيلة.. وهو فرح مسرور بما يرى من نتائج.. وما يشاهده من سرعة تحقيق أهدافه كسرعة انتشار النار في الهشيم.. وقد عرف الصغير قبل الكبير موقف الإسلام من الدعوة إلى العنصرية وحسمه ودواءه لدائها الفتّاك.. إلا أن الكثيرين قد استجابوا لهذه الدعوات وأصبحت شغلهم الشاغل.. فكانوا في وادٍ وتوجيهات الشرع في هذا الأمر في وادٍ آخر!!. من يا ترى المستفيد من إثارة العنصريات والقبليات والقذف بالأنساب والطعن فيها وتقطيع المجتمع المسلم بذلك؟!! للإجابة عن هذا السؤال يجب أن يدرك الجميع أن البيئة التي ينتشر فيها داء العنصرية القبلية يكون الجميع فيها خاسر!! ولك أن ترى أو تسمع أو تقرأ حواراً بين شخصين عنصريين.. خاصة في عالم المنتديات الإلكترونية!! لتدرك ما أريد شرحه.. فهذا يقول للآخر يا «جلابي» كمثال ويرد عليه الآخر بقوله يا غرباوي وآخر يعيِّر الثاني بقوله يا رطاني ويرد عليه الآخر يا عربي.. وهكذا الحال.. قذف بعنصرية جاهلية.. فتجد أن من يشكو من العنصرية يرد على الآخر بعنصرية هي أكبر من أختها!! وهو بعينه العلاج بنفس الداء فيزداد المرض فتكاً بصاحبه!! وهو موقف متكرر بين المصابين بمرض العنصرية في بلادنا هذه أو غيرها من البلاد.. تبادل إطلاق عبارات «جاهلية» «منتنة» وفي النهاية لا يوجد من يفيد من هذا الأمر إلا العدو الذي أجاد تزيين الأمر وإشعاله بينهما.. فهل نطمع في وعي وإدراك لخطورة هذه القضية الحساسة الشائكة.. والتي هي من أهم وسائل أعداء هذا المجتمع؟! وهل نتوقع أن يفيق الكثيرون ممن وقعوا في هذا الشَرَك المحكم؟! لا بد من بذل الأسباب لتفويت الفرصة على أعدائنا.. وحتى ننعم بحياة طيبة.. في ظل توجيهات هذا الدين العظيم.. الذي حسم هذه القضية وقطع نبتها الخبيث من أصوله واجتثها.. وحذّر منها بل أكّد التحذير.. وشنّع بمن يقع فيها ووصفه بأوصاف ذميمة.. وقد قطع الله تعالى دابر هذا البلاء الذي تقطع به الصلات وتمتلئ به القلوب بالشحناء والبغضاء.. ويزداد الغل بسببه إلى أن يبلغ القتل والدمار والخراب ..«إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، «لا يسخر قوم من قوم»، «ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب»، «خلقكم من نفس واحدة» ... فهل سيستجيب المجتمع، ونحن نعيش هذه الأيام فترة خطيرة وحرجة أشعلت فيها نار الحرب في بعض الجهات، هل يستجيب لدعوة الشرع والحكمة والعقل.. فينبذ القبلية والعنصرية، ويعتصم بالكتاب والسنة ويتآلف أفراده فيما بينهم.. وينظرون للمصلحة العامة ويضعون الفخر بالأحساب والانتصار للقبليات في محلها الذي وضعه الإسلام «تحت الأقدام»؟! لقد كان من أهم أسباب نصرة النبي عليه الصلاة والسلام وانتشار هذا الدين رغم محاولات أعدائه من «اليهود والنصارى والمشركين والمجوس والمنافقين» هو اجتماع كلمة المسلمين وموالاتهم لبعضهم البعض ورحمتهم ببعضهم، والأخوة التي تحققت بينهم وكانوا عليها.. وقد جاءت النصوص الكثيرة والتشريعات التي تم تحقيق هذا الجانب المهم بها.. وفي المقابل فقد علم النبي عليه الصلاة والسلام أن إثارة القبلية من أكبر مهددات المجتمع وفساد حياته الطيبة ومن ثَم سهولة نصرة أعدائه عليه.. فبلّغ في ذلك كما في غيره البلاغ المبين وأوضح الأمر وفصّل فيه بما لا يبقي به حجة لمن يقع في هذا «المستنقع» المظلم المدمّر.. وهذا «الدرك» الذي تضيع به حسنات صاحبه فيتضرر الأفراد.. ويسهل التفريق به بين الناس فيتضرر المجتمع.. وأشير هنا إلى بعض ما ورد عن نبي الهدى والرحمة عليه الصلاة والسلام في هذه القضية المهمة: قال عليه الصلاة والسلام: « .. من قاتل تحت رايةٍ عُمِيّة يدعو إلى عصبيةٍ أو يغضب لعصبية، فقتل، فقتلته جاهلية»، رواه النسائي، وفي لفظ: «.. ومن قتل تحت رايةٍ عُمِيّةٍ يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة فليس من أمتي». أخرجه مسلم في صحيحه..والعصبة: بنو العم، والعصبية أخذت من العصبة. وقال: « من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية» رواه مسلم.
وقال: « .. ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم» رواه الإمام أحمد. والدعوة للعصبية هي من الدعوات الجاهلية كما جاء في حديث «ما بال دعوى أهل الجاهلية ؟!» لما اختلف رجل من المهاجرين وآخر من الأنصار فقال المهاجري يا للمهاجرين، وقال الأنصاري يا للأنصار، ثم قال : دعوها فإنها خبيثة» متفق عليه، وكما في قوله لأبي ذر رضي الله عنه : «يا أبا ذر إنك أمرؤٌ فيك جاهلية» متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام: « ليس منا من دعا إلى عصبيةٍ ، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبيةٍ » رواه أبو داود وله شاهد، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «صحيح مسلم».
والأحاديث الواردة في هذه القضية كثيرة في «أعدادها»، وواضحة في «مدلولاتها ومعانيها»..
هذا هو التوجيه الرباني العظيم.. والمنهج النبوي الكريم.. في هذه القضية «الواضحة»، فلنجتهد جميعاً لردم هذه الحفرة التي وقع فيها كثيرون ولا يزال هدمها مستمراِ ويهدد بقية أجزاء أرضنا وديارنا وأفراد مجتمعنا .. «يا أيُّها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم». وليكن المعافاة من هذا الداء من مِنَح هذه المصائب والمحن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.