تتنافس شركات الاتصالات في استقطاب مشتركين جدد، فتعمد لطرح مميزات وحوافز بصورة مستمرة، مما يغرى العديدين للرغى والإكثار من مداعبة أزرار الموبايل بطريقة «أمسكنى يا زر وأطلقنى يا زر»، هذه المداعبات التى ستكلفك الكثير أقلها تلويح ابنك بورقة مالية أمام ناظريك لم تتبينها أخذها من جيبك المعلق فى الشماعة مستغلاً أنهماكك بمكالمة طويييييلة، كما أن اللخمة وضعف النظر مع انحلاج ألأزرار تجعلك تعانى من محن وتدخلك فى إحراجات، الزر المحلوج يقف أمام شخص لا تتصل به الا فى الأعياد، عندها ستضطر الى أن تسلم عليه وتسأله عن أحواله ثم تعتذر بشدة عن تقصيرك تجاهه لتتجنب سؤاله المسيخ : بالله طريتنا كيف الليلة؟. يمكن أيضًا أن يتصل موبايلك المحلوج بأمرأة لوامة متقدرة لها وزنها فى العائلة تنجضك نجاض، ولكي لا تعطيها هذه الفرصة عليك مخاطبتها بانبساط : عاد الليلة يا حاجة علوية قمت من الصباح قلت أتصل عليك، مشتاقة ليك ولحديثك السمح دا، وتستمري في المكالمة لتجدي رصيد العشرين جنيهًا راح شمار فى مرقة. أما في حالة أن يكون الشخص الذي وقف عنده زر الموبايل شخصًا لا تستلطفه وما عندك ليه «ايييي حاجة» كما يقول شباب اليومين ديل، فيمكنك الصياح كالمجنون : آلو آلو آلو...أنتو الموبايل دا وقع تانى والا شنو ؟ آآآآآلو، ثم براااحة تقفل وتقذف بالموبايل بعيدًا نتيجة لأن العيال يستعملون موبايلك دائمًا، فممكن جدًا أن تتصلى بصديقتك أسماء ليأتيك صوت ناعم لا يشبه صوت أسماء : آلو.... نعم يا مدام، فتعتذرين بأن الرقم خطأ فتقول لك : لا يا أستاذة ما خطأ... فرصة سعيدة نحن شركة « » لمستحضرات التجميل و....ثم تدش لك «حنك» المعلنات مدة من الزمن، فتعديها بأنك ستزورين الشركة فى أقرب فرصة ثم تنادى ابنتك بصوت مبحوح : قاشرة بتكتبى فى موبايلى أسامى ما بعرفها؟ هسة بتاعة شركة التجميل دى قرضت لى رصيدى. فترد أبنتك : أيواااا يا أمى عايزة لى قروش عشان أشترى منهم، حاجاتهم سمحة شديد وبالمناسبة عندهم الكريم بتاع التجاعيد البتفتشى فيه داك. قبل يومين وقف زر موبايلى أمام اسم، رفعت حاجبى تعجبًا وأنا أقرأ جار الاتصال مختار الجزار ؟؟؟ّّّ!!!، ويظهر أننى كنت قد سجلته لأبو العيال إبان عيد الضحية المنصرم داااك، الللليلة...... أقول ليه شنو وما فى أييي مناسبة لضبح خروف، كما أن بعض المكالمات رجالية بحتة «أى يجريها الرجال فقط»، يا ربى أقول ليه جهز لى لحمة فخدة لرمضان؟ ايه الفلاحة النزلت علي مرة واحدة دي ورمضان لسة؟ من الأفضل أن أقول ليه أبونا مسافر ويمكن نعمل ليه كرامة لمن يجى قلت نكلمك من هسة و.....عييييييك.------------- هل تحب أحد أبنائك أكثر من الآخرين؟ كتبت: سحر محمد بشير تصرفات الأبناء مصدرها الأساسي ما يتلقونه وما يتعلمونه من الوالدين داخل الأسرة فعندما يميل أحد الوالدين أو كلاهما ميلاً شديدًا تجاه أحد ابنائهم فإنهم يبذرون بداخله بدون أن يشعروا بذور الأنانية وحب النفس والانكفاء على الذات وهذه بحد ذاتها تمثل عوامل ضعف تكوين شخصيته مستقبلاً أضف الى ذلك الشعور بالغبن والكراهية والغيرة الذي يلازم إخوته تجاهه.. ولدينا مثل سوداني يقول «الزول في الجنا عندو جنا».. «البيت الكبير» قامت باستطلاع وسط فئات من المجتمع لمعرفة رأيهم في التفرقة في المعاملة بين الأبناء وتأثيرها السلبي على الابن المميِّز نفسه وعلى بقية أفراد الأسرة.. كما ختمنا استطلاعنا برأي ذوي الاختصاص من علمي الاجتماع والنفس.. بداية التقيناه في وسط سوق أم درمان وهو صاحب طبلية لبيع الحلويات وتحويل الرصيد رفض ذكر اسمه لكنه تحدث معنا كما أنه كان ينتظر منا أن نطرح عليه تساؤلنا : أنا أعتبر نفسي ضحية للتفرقة في التعامل بين الأبناء حيث توفي والدنا ونحن مازلنا صغارًا فكفلنا أعمامنا و«بحق أبونا» فنحن نمتلك الحواشات ولكن والدتي تصر على تمييز إخوتي علي لأنهم «بجوها على طوعها» كما تقول، أنا لست نشازًا من بقية إخوتي لكني أرفض أن يفرض أحد وصيته علي خاصة بعد أن بلغت الثلاثين من عمري فتركت النعيم و«عيشة الهناء» وأتيت الى هنا معتمدًا على نفسي ولي قرابة الخمس سنوات وأسرتي لا تعرف عني شيئًا ولن أعود لهم الأ وأنا صاحب شأن ومال. منى حسين طالبة بكلية التجارة جامعة النيلين استطلعناها فأجابت: أنا أكبر إخوتي من البنين والبنات ودائمًا ما تلجأ لي والدتي في كثير من الأمور المتعلقة بشأن المنزل مما يثير حفيظة إخوتي خاصة الشباب ولكني أحاول تهدئة الموقف وذلك بمناقشتي لهم بعيدًا عن والدتي التي لا تقتنع برأيهم وفي النهاية «نرفع التوصيات» بعد أن أعالجها وفق رؤيتي والتي غالبًا ما تتماشى مع رؤية والدتي. الأستاذ محجوب العاقب أب لأربعة أبناء في مراحل دراسية مختلفة أفادنا بقوله: أولادنا مثل الجوارح لكل وظيفته ولكل «حوبته» ولايستطيع أحدهم أن يحل مكان الآخر، لكن قد تجد أحدهم يكون مميزًا بطبعه الهادئ ومحافظته على شعائره الدينية وبالتأكيد هذا يكون الأقرب للقلب ورغم ذلك لا أجد نفسي أميز في التعامل بينهم ولا أظهر لهم ميلي لأحدهم دون الآخر حتى أحافظ على توازن الأسرة. الحاجة ست النصر تؤكد أن الابن هو الذي يفرض على والديه كيفية معاملته وتضيف قائلة: هنالك ابن «هدي ورضي» بطبعه وهنالك آخر مشاكس ومشاغب ويفتعل المشكلات ويثور لأتفه الأسباب ولا يقبل النصح والتوجيه وهذا الأخير أجد نفسي كأم مضطرة لمعاملته بطريقة حادة نوعًا ما حتى لا يتمادى في ما هو عليه ورغم أني أسمع من بعض أبنائي مقولة هذا ولد «المصارين البيض» لكن أرد عليهم كما أسلفت لك أن الابن هو الذي يفرض علينا طريقتنا في التعامل معه. في الاتصال الهاتفي الذي جمعنا بالأستاذة سارة مكي أبو من قسم الخدمات الاجتماعية الحماية الدولية في الأممالمتحدة للاجئين أفادتنا بقولها: لا توجد شخصية مطابقة للشخصية الثانية حتى ما يعرف بالأطفال التوائم المتطابقين عليه يكون هنالك اختلاف فردي في سلوكيات الأبناء مهما تربوا في بيئه واحدة ومنزل واحد، وحب الأبناء لآبائهم حب غريزي ولكن بالنسبة لحب الأمهات والأبناء تجاه الأبناء يكون ممزوجًا بالشفقة والخوف والأم عادة لاتنظر لهذا الحب بمفهوم الأنانية لكننا نجد أن هنالك طفلاً كثير الطلبات ولا يكف عن البكاء والصراخ فتضطر الأم لتلبية طلباته حتى يكف عن ماهو فيه وبالتالي تشعر بالتقصير تجاه الطفل الآخر والذي يكون هادئ الطبع بطبيعة حاله فلتجأ لإغداقة بالرعاية والاهتمام ولكن يجب أن تكون هنالك موازنة ونحن كسودانيين لدينا عبارات «صعبة شوية» مثل «ود الرضا الهدي ورضي» مما يورث الآخر جنوحًا وعنادًا، ومن ناحية علم النفس كانت لنا وقفة مع الأستاذة هاجر محمد سليمان والتى افادتنا بقولها: التفرقة في التعامل بين الأبناء مشكلة سواء كان التمييز في المعاملة أو حتى في شكل الطعام الذي يقدّم فالأبناء شركاء في مثل هذه الأشياء وعندما تأتي المفاضلة في التعامل تحدث المشكلات، والمشكلة الكبرى أن الأم لا تشعر بفداحة ما تقوم به فربما يصل الأمر إلى حد القتل بين الإخوة نتيجة للتفرقة بينهم، وإذا لم يصل إلى هذه المرحلة تكون هنالك مكايد ودسائس وغبن وكراهية بينهم ودونكم قصة سيدنا يوسف عليه السلام، ونحن هنا كمجتمع سوداني لدينا ثقافة أن الابن الأكبر دائمًا يكون محاطًا بالرعاية والاهتمام خاصة إذا كان صاحب مصدر دخل وهنا يبرز تساؤل من الأبناء الآخرين فينبري أحدهم ليقول لوادته «انا ما ولدك؟» كما أنه يحاول لفت الانتباه اليه بشتى السبل والتصرفات حتى لو كانت تصرفات سلبية ومنهم من يترك المنزل نهائيًا دون أن يحدد وجهته، فعلى الوالدين أن يكونوا أكثر وعيًا في التعامل مع ابنائهم وعدم التفرقة بينهم.