التخطيط الإداري والسياسات العامة بالبلاد يجب أن تكون كلية لا تتجزأ، وما تقوم به ولاية الخرطوم من سياسات ومعالجات في كثير من الأمور لا سيما ضبط السوق محل تقدير وإن كانت تهزمها التفاصيل المهمة ممثلة في المتابعة والضبط في تنفيذ الخطة والرؤية.. نمسك خطة معالجة غلاء السكر ونحن البلد الأكثر صناعة لهذه السلعة ونمتلك الريادة بدون مزايدة ليس في السكر وحده وإنما الصناعات المصاحبة له من إنتاج الإيثانول والكهرباء والعلف الأخضر»، والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر وضع سياسات عبر آلياته حددت سعر السكر ووجه المواطنين بعدم شراء جوال السكر عبوة «10» كيلو بأكثر من «35» جنيهًا ومن يخالف ذلك من التجار يعرض نفسه للمحاكمة والمصادرة، الآن أي دكان أو بقالة يبيع بسعره.. بعضهم ب «37» والبعض ب «38» والبعض الآخر ب «39» في تباين واختلاف واضح في الأسعار وتحدٍ للسلطات، والفوضى تبلغ مداها بعد تفنن شركات التعبئة في تقسيم ال «10» كيلو إلى أكياس صغيرة وربطها كحزمة أو طرد «10» كيلو وذلك لتبرير زيادة السعر في سلعة السكر التي أصبح طعمها مُراً من خلال سيطرة السماسرة والمضاربين وغياب السيف الذي يعصم المجتمع من هذا الشبح، وأصبحت الحكومة الحيطة القصيرة بسوء متابعتها لسياساتها وضعف قدرة الولايات على السيطرة.. تبقت أقل من شهرين تفصلنا عن شهر الرحمة «رمضان» وهو شهر السكر وقد بدأت شوارع الولايات تقرع طبول الخوف من تزايد سعر هذه السلعة، وهنا يبرز السؤال لماذا المعالجات جزئية..؟؟! فقط ولاية الخرطوم تسن تشريعات وتخفض السلع وتطاردها «أي السلع» حتى لا تنفذ إلى الولايات..؟! المعالجات يجب أن تكون كلية وتعمّم لكل الولايات مع المواءمة لقوانينها وتشريعاتها خاصة فيما يتعلق بأمر المعيشة وتخفيف أعبائها ونحن البلد الذي تجاوزت فيه نسبة الفقر الرقم المرصود عند وزارة المالية والتي قالت إنها بلغت ال «46 بالمائة»، نحن بحاجة إلى سياسات وضوابط كلية تخلصنا من فوضى السوق وأن يتم توزيع السكر وفق قواعد عادلة ومنصفة لكل الولايات، نقول هذا وندرك أن الولايات تعاني من الترهل الإداري وهي أيضاً بحاجة إلى مراقبة بذات رقابة السوق وأن الفوضى فيها سلوك أفراد وجدوا المساحات خالية وأصبحوا يلعبون وقد سجلوا أهدافاً كثيرة في مرمى المواطن أغلبها «أوف سايد» وتجد الواحد منهم يقول ليك دي سياسات دولة في الوقت هي سياسة مصلحته الخاصة وتشريع ذاته!! الولايات ضعيفة ولا تملك قدرات ولاية الخرطوم الاقتصادية فهي الولاية الوحيدة التي يتحرك فيها اقتصاد السودان، والملاحظ أن كل مرتبات الدستوريين ومعظم البرلمانيين وموظفي المؤسسات القومية تصرف داخل أسواق ولاية الخرطوم، هذا بجانب حركة الأسواق والصناعة والضرائب والزراعة والجمارك والترحيلات والمطار.. كل هذه الأموال يتم تداولها وتحريكها داخل ولاية الخرطوم، وهذه ميزة تفتقر إليها الولايات وخصوصية تسهم في دعم ولاية الخرطوم في سياستها التي يعوزها فيها حسم التنفيذ الفوري، الولايات لا تمتلك مقومات كولاية الخرطوم وأحسب أن النصاب غير قانوني في توزيع السكر وكذلك الإجراءات رغم أن الولايات أيضاً عاجزة والمفروض أن تبادر بوضع اللوائح والتشريعات. ضبط السوق بكل أصنافه يجعل البرلمان يعجل بإجازة قانون حماية المستهلك وهو قانون يساعد المواصفات والنيابات في الضبط والمتابعة، وكذلك المواطن لأن المواطن الآن يلاحظ فرق الأسعار من مكان لآخر ولو كانا متجاورين، لكنه يصعب عليه متابعة إجراءات بلاغ في فرق سعر اثنين أو ثلاثة جنيهات في السلعة، لكن مثل كما يقول أهلنا «الحكومة إيدها طويلة» فهي بمقدورها ملاحقة الإجرام والمخالفات لأنها بيدها القدرة والكادر الذي يمكن أن ينفذ المهمة بدون ما يشعر بضياع الوقت بل يشعر بالنجاح والفلاح!! نحن لا نرغب أن تقلد الولايات ولاية الخرطوم وأن تستنسخ التجارب الخاطئة ولو كانت في التطبيق لكن الولايات عليها الأخذ بتجربة ولاية الخرطوم وتحسينها بمراعاة مظاهر الخلل سواء كانت في تجربة أكشاك البيع المخفض أو إعلان الوظائف أو تحديد الأولويات في التنمية وتوزيع الخدمة، نحن نعترف بأن الخرطوم رائدة الآن وسباقة في المبادرات لكنها بحاجة إلى مراجعات تصحيحية بدلاً من طرح الأفكار بالصورة الهتافية أو المظهرية. الحكومة المركزية مطالبة بإجراءات حاسمة قبل رمضان في موضوع السكر الذي هو سلعة يمكن استخدامها في السياسة والضغط، وأي تهاون فيها سيكلف الدولة ثمناً غالياً وربما تدفع الثمن فاتورة أكبر من فاتورة الحرب والقمح، لا بد من معالجات حقيقية ومستدامة وكلية وليست بأسلوب التجريب الذي يُقدم عليه البعض من الولاة وهو أمر أشبه كما يقول المثل: بمن يتعلم الحلاقة على رؤوس اليتامى!!