(وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم) من أجمل مخلوقات الإنسان وأجمل مافي الإنسان العيون، مصدر البصر والإلهام، والعيون جملية سوداء كانت أو زرقاء أو غيرها متألقة براقة بالحياة، وفي مرضها تجمع بين الجمال والآلام وبين الحزن والفرح، وبين تلألؤها وعلتها وطبيب العيون أكثر المحظوظين؛ لأنه خصه الله بفضله وسخره لعلاج هذه اللآلي التي تشكل «94%» من علم الأشياء، ومن أكثر المشكلات والأمراض التي تسرق الفرح هي الجلوكوما التي يصعب معرفتها من خلال الأعراض مثلها مثل غيرها من الأمراض فهي تكتشف عن طريق الصدفة عند كشف المريض على عينه بسبب علة أخرى غير الجلوكوما، غير أن ذلك المريض يلجأ في كثير من الأحيان لأماكن الكشف غير المؤهل علميًا (أماكن الكشف بالكمبيوتر) لذا يضل عندها المريض حتى يستفحل الأمر وقد يؤدي إلى التسبب في العمى خاصة أن علاجها لا يعني إعادة النظر لطبيعته وإنما الحفاظ على المتبقي منه.. حول الجلوكوما تحدَّث ل (الإنتباهة) د. الفاتح عمر مهدي استشاري طب وجراحة العيون قائلاً: حوار: رباب حسن ٭٭ ما هي الجلوكوما؟ هي الارتفاع في ضغط العين أكثر من المعدل الطبيعي وهو «21» مم زئبق وارتفاع ضغط العين يحدث لعدم مقدرة قناة اشليم داخل العين على تفريغ إفرازات العين مما يؤدي إلى تراكم هذه الإفرازات والسائل المائي داخل العين والضغط على العصب البصري. ٭٭ ما سبب حدوث الإصابة بالجلوكوما؟ قد يحدث ضيق قناة التصريف بسبب خلقي أو قد يحدث نتيجة لإصابة العين أو بسبب أورام داخل العين أو أسباب أخرى كنتيجة لمضاعفات الماء البيضاء (الكتراكت) في مرحلة معيَّنة مما يؤدي إلى جلوكوما حادة. ٭٭ هل للجلوكوما أنواع؟ جلوكوما الماء الأزرق قد تكون خلقية يولد بها الطفل وهنالك جلوكوما أخرى تسمى بجلوكومة الزاوية المفتوحة ونوع آخر يسمى جلوكوما الزاوية الضيقة وأيضًا قد تكون الجلوكوما ثانوية لبعض الأمراض كالسكر مثلاً أو نتيجة لإصابة العين وقد تكون بسبب أحد مضاعفات عمليات العيون. ٭٭ طالما أنها تصيب كل الفئات العمرية إذًا ما هي نسبة حدوثها بين الجنسين؟ كما ذكرنا أنها تصيب الأطفال والشباب والرجال والنساء ويزداد معدلها مع تقدم السن فبعض أنواع الجلوكوما مثل جلوكوما الزاوية الضيقة تحدث للنساء أكثر من الرجال نسبة للتشكيل الخلقي الدقيق في الإناث بالمقارنة مع الرجال، كما أن الذين يعانون من طول النظر هم أكثر عرضة لهذا النوع من الماء الأزرق. ٭٭ أعراض الإصابة بالجلوكوما هل يستطيع معرفتها كل مريض؟ عادة لا تكون هنالك أي أعراض في العين وتُكتَشف عن طريق الصدفة، حيث يبدأ تأثيرها من أطراف العين على الأعصاب الطرفية أي (يضيق مجال الرؤية في الأطراف بينما نظر المريض يكون في أحسن حالاته) «ستة على ستة» ومعظم المرضى الذين يقصدون المستشفى يشكون من أشياء أخرى غير الجلوكوما وتكتشف عن طريق الصدفة أن لديهم ماء أزرق وقد يكون في المرحلة المتأخرة لذا أصبحت الجلوكوما مشكلة حقيقية في العالم كله وبالأخص في السودان. ٭٭ لماذا؟ ذلك لعدم الكشف الدوري على العين وعدم التزام كثير من المرضى بتعليمات الطبيب. ٭٭ هل يعني ذلك أن الجلوكوما هي سبب رئيس للعمى؟ تعد الجلوكوما السبب الثاني للعمى بعد الماء البيضاء فالسبب الأول يمكن أن يعود البصر للمريض بعد إزالة الماء الأبيض ولكن علاج الجلوكوما سواء بالعقاقير أو الجراحة لا يعيد بصر الإنسان إلى طبيعته الأولى وإنما الهدف هو المحافظة على الوضع الذي يأتي فيه المريض للعلاج لذا تسمى سارقة البصر. ٭٭ ما هي أسباب زيادة مرضى الجلوكوما؟ إحدى المشكلات التي أدت لزيادة نسبة العمى من الجلوكوما هو إجراء كشف النظر فقط عند بعض أماكن البصريات دون الكشف على سبب تدهور النظر، أيضاً من أسباب الزيادة أن معظمها يحدث بسبب الخطأ التشخيصي المبكر وعدم أخذ الوقت الكافي للتفريق بين تكهف العصب البصري العادي والجلوكوما أو الخلط بين شكل العصب البصري في مريض قصر النظر ومريض الجلوكوما، وأيضاً عملية الجلوكوما يجب أن يجريها طبيب مختص ويجب أن يقوم بالتخدير اختصاصي عيون أو اختصاصي تخدير وليس ممرضًا أو «سستر» أو مساعد عملية وهذه الظاهرة تنتشر كثيراً في السودان ويجب العمل على إيقافها، أيضاً من أهم أسباب زيادة المرض غلاء الدواء وعدم توفره. ٭٭ ما مدى المضاعفات التي تترتب على الشخص المصاب بالجلوكوما؟ يؤدي الإهمال في العلاج أو التشخيص أو المتابعة إلى فقدان البصر لذا من أهم الأشياء التشخيص الصحيح المبكر والعلاج المناسب وكل حالة والمتابعة لحال المريض دوريًا. ٭٭ التشخيص هل هذا يعني أنه يمكن أن يحدد المشخص الحالة؟ تشخيص الجلوكوما يعتمد على الكشف على العصب البصري لمعرفة مدى تأثيره وهنالك علامات معينة نسميها تكهف العصب البصري لمرضى الماء الأزرق وهذا التكهف يمكن قياسه بالأشعة المقطعية للعين بجهاز (oct) أو بصورة ملونة لقاع العين ثم تأتي الخطوة الثانية لمعرفة مدى تأثير وظيفة العصب البصري ويتم ذلك عن طريق رسم ميدان أو مجال النظر بالكمبيوتر وعلى ضوء هذين التشخيصين مع قياس وحدة الإبصار يمكن معرفة نوع الجلوكوما وأيضًا يمكن معرفة إذا كانت جلوكوما زاوية مفتوحة أو ضيقة عن طريق المنظار الشقي مع استعمال عدسة خاصة وتسمى طريقة الكشف هذه goinscopy وبعد تحديد التشخيص يحدد نوع العلاج. ٭٭ العلاج كيف يكون؟ إذا كانت الجلوكوما في بدايتها نبدأ العلاج باستخدام العقاقير الطبية (القطرات) بخفض ضغط العين مع المتابعة. ٭٭ متى نلجأ للجراحة؟ أهم شيء في علاج الجلوكوما هو استمرارية العلاج مدى الحياة وقد يحتاج المريض إلى قطرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث قطرات وقد تكفي هذه القطرات المريض غير أن تكلفتها الشهرية قد تصل ل «150» جنيهًا لذا نراعي عند علاج المريض أولاً مقدرته المالية على توفير الدواء مدى الحياة وإلا فإننا نلجأ للجراحة كخيار أول، وأيضًا نلجأ للجراحة إذا كان المريض بعيدًا عن مناطق الرعاية الطبية للعيون وكذلك من الحالات الخاصة التي نلجأ فيها للجراحة هي أن المريض المهمل الذي لا يستعمل العلاج أو لا ينتظم فيه.. أما من الناحية الطبية فإننا نلجأ للجراحة إذا كان هنالك تدهور في النظر ومجال الإبصار وزيادة تكهف العصب البصري. ٭٭ هل يعني ذلك أن تكلفة القطرات عالية؟ القدرات المادية في السودان شحيحة لذا يقدَّر العلاج بالدخل الشخصي للمريض. ٭٭ كيف تكون جراحة الجلوكوما؟ الجراحة قد تكون في البدء عن طريق الليزر أو بعمل مجرى صغير لتصريف إفرازات العين. ٭٭ بعد الجراحة هل ينتهي الماء الأزرق؟ في كثير من الأحيان قد يظل ضغط العين في المعدل الطبيعي بعد العملية ولكن في بعض الأحيان وبالأخص في السودان ونسبة لبشرتنا السوداء ووجود خلايا الميلانين بكثرة فإن التجربة قد تفقد تصريفه (يغفل) وهنا نقوم بإعادة تسليك للمجرى أو إجراء عملية أخرى أو وضعه في العلاج بالعقاقير ثانية لذا فإن المتابعة الدورية من المريض بالماء الأزرق ركن أساسي في العلاج، هنالك نوع من الماء الأزرق يسمى بالجلوكوما الخبيثة والتي لا تجدي معها العقاقير أو الجراحة التقليدية لذا يلجأ الأطباء لزراعة نوع معيَّن من الصمامات التصريفية لتصريف إفرازات العين والحفاظ على البصر.