هذه الورقة قدمت في مؤتمر الدبلوماسية الروسية الذي انعقد في موسكو في الفترة ما بين السابع والثامن من شهر يونيو 2012م. حركات التحرر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تزايد دور الرأي العام كمحدد للسياسات وهذا أمر كان غائبًا في كثير من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأمر الذي يدفع السياسة الخارجية نحو الشعوبية ومعارضة الغرب الذي تقوده أمريكا.. هذا أمر ينال الاستحسان لدى الشعوب العربية التي تراجع دورها الإقليمي والدولي. تزايد النفوذ الإسلامي في كل من مصر وتونس وليبيا والانتخابات التي جرت في مصر وتونس تؤكد ذلك.. هذا بدوره يؤثر على علاقات هذه الدول بالولاياتالمتحدة لرفض الإسلاميين الاعتراف بإسرائيل وموقفهم غير المحسوم تجاه اتفاقية كامب دافيد.. ولن يتخلى الإسلاميون عن مواقفهم فهي تمثل مصدر الشرعية والقوة في الشارع المصري والتونسي. إعادة تشكيل العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد مؤشرات التوتر بين البلدين على خلفية أزمات ما بعد الثورة.. وهنا يجب على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تفكك الرابطة بين علاقاتها مع أمريكا التي تتحسن وتسود حسب علاقات تلك الدول مع إسرائيل، فعلاقات مصر مثلاً مع أمريكا ليست علاقات ثنائية كما هو الحال بين الدول بل هي علاقات ثلاثية وأن هناك مقولة تقول إن العلاقات بين القاهرةوواشنطن يبدأ الطريق إليها من تل أبيب.انفتاح مصر على الدول الإقليمية في نظر واشنطن أنه مناوئ لها، فالعلاقات مع إيران وكذلك مع تركيا حليفة أمريكا والمعارض لكثير من سياساتها في المنطقة، لهذا بدأ الحديث في الأوساط الأكاديمية والبحثية الأمريكية عن مساعٍ حصرية لإعادة تشكيل العلاقات المصرية الأمريكية. السياسات الأمريكية المحتملة تجاه مصر قضية التمويل الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في مصر ستؤثر سلبيًا على العلاقات المصرية الأمريكية.. السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون أعلنت أمام مجلس الشيوخ أن «600» منظمة مصرية تقدمت للحصول على منح مالية أمريكية لدعم المجتمع المدني، وأضافت أن أمريكا قدمت «40» مليون دولار خلال خمسة أشهر لمنظمات المجتمع المدني لدعم الديموقراطية في مصر بمعدل «8» ملايين دولار شهريًا. وفي مجلس الشعب وأمام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب المصري قالت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا إنه في الفترة من مارس وحتى يونيو «2011»، «4» أشهر قدمت أمريكا لمنظمات المجتمع المدني «175» مليون دولار بينما لم يتجاوز التمويل خلال «4» سنوات «2006 2010» «60» مليون دولار. هناك أربع منظمات تتهمها مصر وهي المعهد الجمهوري الدولي ويترأسه جون ماكين المرشح الجمهوري السابق والمعهد الديموقراطي الوطني الذي أسسته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومنظمة بيت الحرية والمركز الدولي للصحفيين، كل هذه المنظمات متهمة باختراق القوانين المصرية وممارسة أعمال سياسية وليست حقوقية ودفع أموال طائلة لشخصيات مصرية حسب إشارة قضاة التحقيق في ملف المنظمات غير الحكومية ماذا يمكن أن تفعله أمريكا تجاه مصر؟ اتهام منظمات أمريكية مقربة إلى مؤسسات صنع القرار في أمريكا مثل المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديموقراطي الوطني وهما يتبعان حسب التسمية إلى الحزب الجمهوري والديموقراطي لارتباطهما بعلاقات قوية بأعضاء الحزبين أسسته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومنظمة بيت الحرية والمركز الدولي للصحفيين، كل هذه المنظمات متهمة باختراق القوانين المصرية وممارسة أعمال سياسية وليست حقوقية ودفع أموال طائلة لشخصيات وأن اتهام هذه المنظمات في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المصرية بعد الثورة تعتبره الولاياتالمتحدة تعارضًا مع مصالحها في مصر والمنطقة.. وهذا قد يؤثر على العلاقات بين البلدين وكذلك على التعاطي مع التحولات التي حدثت وستحدث خلال الفترة القادمة. هذا الأمر قد تعالجه الولاياتالمتحدة بسياسات رد الفعل التي ربما تتركز في تعليق المساعدات العسكرية لمصر هذا العام «2012» وتبلغ «1,2» مليار دولار بحيث يتم فرض شروط على المجلس العسكري تنفيذها وهي الحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل وانتقال السلطة لجهة مدنية وحماية الحريات الأساسية.. كما يضيف مشروع قرار الكونجرس فقرة إلغاء هذه الشروط لأسباب أمنية حتى تستمر مصر في تلقي المعونات يجب على وزيرة الخارجية الأمريكية أن تقدم للكونجرس ما يفيد بأن المجلس العسكري يلتزم بتنفيذ تلك الشروط.. وهذا أمر يصعب تنفيذه وحتى إلغاء الشروط لأسباب أمنية غير ممكن.. فالمجلس العسكري ليس لديه مؤيدين داخل الكونجرس بعد الأحداث الأخيرة كما أن الكونجرس وجّه انتقادات لشركات العلاقات العامة التي تعتمد عليها القاهرة في تحسين صورتها أمام أعضاء الكونجرس وفي مقدمتهم جون ماكين وجوزيف ليبرمان. هذا بالإضافة لفقدان النظام المصري لجماعة ضغط مؤثرة جدًا على القرار الأمريكي وهي منظمة آيباك والتي كانت تدافع عنه داخل الكونجرس.. ومؤخرًا شهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية حالة من التوتر على خلفية أحداث السفارة الإسرائيلية في القاهرة.. هذا إضافة لتقارب النظام المصري مع مع حماس وتدعيم الخطوات الفلسطينية لنيل عضوية الأممالمتحدة وفتح معبر رفح وتعرض خط الغاز المصري لإسرائيل لهجمات مسلحة متكررة ثم إلغاء العقد المتميز لمدها بالغاز، الأمر الذي يثير استياء اللوبي الإسرائيلي. أما الاحتمال الثاني وهو إلغاء المساعدات الأمريكية فقد بدأ هذا الأمر يتردد في واشنطن وهو يدعو إلى وقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر ويستند إلى الحجج الآتية: الأزمة المالية العالمية التي تضرب الاقتصاد الأمريكي. إلغاء المساعدات يعفي أمريكا من انتقادات دافعي الضرائب حيث تقدم هذه المساعدات لدولة تكِن العداء للولايات المتحدة.. وقد أظهر استطلاع لمركز جالوب للاستطلاعات أن «71%» من المستطلعين يعارضون المساعدات الاقتصادية و«74%» يرفضون توجيه مساعدات أمريكية مباشرة إلى منظمات المجتمع المدني المصري.