اصبح تعليم الأبناء في المدارس الخاصة موضع تفاخر وتباهٍ و«بوبار» بين بعض الأمهات دون الاكتراث للتحصيل العلمي وإنما للتباهي بأنها تعلم أبناءها في المدرسة الفلانية وتدفع لهم رسومًا باهظة الثمن وتتفاخر بذلك بين زميلاتها في العمل أو جاراتها وان المدرسة التي يدرس بها أبناؤها يدرس بها أبناء فلان وفلان من المشاهير، ونجد حتى أصحاب الدخل المحدود يدخلون أبناءهم المدارس الخاصة نسبة لغيرة زوجاتهم من الجارات أو الصديقات لأن أبناءهن يدرسون في المدارس الخاصة دون مراعاة لأوضاعهن الاقتصادية، «البيت الكبير » استطلع بعض الآباء حول هذه الظاهرة فكانت الحصيلة التالية من الآراء. نهاية البوبار يقول «ع» والد التلميذة «م»: نسبة لرلحاح زوجتي عليّ بأن ندخل «م» مدرسة خاصة لأن جارتها ادخلت بنتها هذه المدرسة وهي ليست أقل منها قمت بادخال «م» هذه المدرسة وهي مدرسة ذائعة الصيت ورسومها الأعلى بين المدارس الخاصة وبعد مرور خمس سنوات أي انها صارت في الصف الخامس اكتشفت أن ابنتي لا تستطيع القراءة أو الكتابة بصورة جيدة مع ان نتيجتها السنوية وفي كل السنوات ممتازة فقررت أن أذهب بها الى مدرسة أخرى وعندما اختبروها في المدرسة الأخرى كانت النتيجة بأن مستواها متدنٍ للغاية خاصة في اللغة العربية فجلبت لها معلمين في المنزل حتى تلحق بأقرانها في التعليم والآن وبحمد الله هي في المرحلة الثانوية. تفاخر وتباهٍ تقول شادية محمد «موظفة وربة منزل»: ظاهرة المدارس الخاصة انتشرت بصورة أصبحت شبه مخيفة وأصبحت مصدر تفاخر وتباهٍ للآباء والأمهات وأصبحت الونسة «ولدي بقرا في مدرسة كذا وبندفع رسوم كذا بالمليون طبعاً» وأحياناً كثيرة تأتي السيدة فلانة وتلزم زوجها ان كان يستطيع أو لا وهل ظرفه تسمح أم لا كل ذلك غير مهم المهم أن نسجل ولدنا زي ما ولد ناس فلانة سجلوه في المدرسة الفلانية ولم يعد تفكير الأمهات والآباء ينحصر في مصلحة الأولاد ودرجة تحصيلهم الأكاديمي بل مصدر تفاخر و«بوبار».. وفي أحيان كثيرة قد لا يحتاج الأبناء لالحاقهم بمدارس خاصة كأن يكون مستواهم جيدًا وكذلك المدرسة الحكومية قريبة من المنزل ولكن ليس المقياس عند بعضهم المصلحة بل اهتمام بأشياء انصرافية وتصب سلباً في مصلحة الأطفال، ومن المفترض ان ينظر اولياء الأمور لهذه القضية بعين حكيمة وترك «البوبار» جانباً والتعامل بعقلانية أكثر حتى نعمل من أجل مصلحة الأبناء وهذا السلوك أي التفاخر والتظاهر صفة ذميمة نهى عنها الإسلام ونبذها المجتمع. صفة ذميمة وتقول مرام الحاج «ربة منزل»: ان التفاخر صفة ذميمة نهى عنها رسولنا الكريم فالانسان العاقل الناضج لا يتعالى على الآخرين لكن الآن التفاخر أصبح سمة في المجتمع ونجد كثيرًا من النساء خاصة في أماكن المناسبات يتباهين ومن ضمن هذا التباهي مثلاً تذكر كل واحدة منهن اسم المدرسة التي يدرس بها ابناؤها وأنها تدفع اليهم مبلغًا كبيرًا جداً من المال فتذكر كل واحدة المبلغ الذي تدفعه لأبنائها تباهياً وتفاخراً باسم المدرسة والمبلغ الذي تدفعه، وأنا أعتقد أن هذه العادات دخيلة على مجتمعنا السوداني فالأصل في التعليم ليس التفاخر والتباهي وانما التحصيل الأكاديمي فنجد أن بعض الأسر أصبحت تتجاهل ذلك. عدم وعي يقول د. عوض أحمد أدروب/ خبير تربوي: أعتبر عدم الوعي من قبل أولياء الأمور بالتفاخر والتباهي بتعليم أبنائهم في المدارس الخاصة كعادة اجتماعية هو مفهوم خاطئ وعدم الوعي ادى الى التباهي بتعليم الأبناء في المدارس الخاصة، لا أمانع أن أدخل ابنتي مدرسة خاصة لكن يجب أن أقف على حال هذه المدرسة من حيث المباني وكفاءة المعلمين وأسأل عنهم في مستواهم العلمي لكن لا يكون من أجل التباهي لأنه يدل على الجهل وليس عن علم أضف الى ذلك يجب أن تتدخل الدولة في المدارس الخاصة بتحديد سقف معين لرسومها الدراسية السنوية وتلزمها برسوم معينة لا تتعدى مبلغ كذا حسب المنطقة والولاية، واعتبر التباهي بتعليم الأبناء في المدارس الخاصة عادة دخيلة وغير مقبولة. محاربة الظاهرة ويوضح «د. أدروب»: لا بد للدولة أن تهتم بالمدارس الحكومية لأنها أصبحت فقيرة وطاردة وغير جاذبة لمحاربة مثل هذه الظواهر السالبة، وفي الأقاليم هذه الظواهر غير موجودة فالمفترض أن تكون هذه الظاهرة غير موجودة في العاصمة لأنها مكان الوعي وفي الأقاليم هنالك شخصيات كبيرة ومعروفة أبناؤهم يدرسون في المدارس الحكومية والذي دفع بابنه لمدرسة خاصة ليس للتباهي ولكن لسمعة المدرسة وما فيها من أساتذة أكفاء وبيئة جاذبة وفي تقديري هنالك بعض المدارس الخاصة في بيئتها أفضل من المدارس الحكومية ولكن معظم المدارس الخاصة بيئتها غير صالحة للتعليم ومنشأة في منازل وليس بها مساحات للعب والأنشطة وهذا يتنافى مع المعايير التربوية التي يجب أن تتوفر في المدارس.