إن الأعراب رعاة الأبقار بالسودان من رزيقات وهبانية ومسيرية وبني هلبة وتعايشة وحوازمة وغيرهم يقولون وبإجماعهم عبر التاريخ إنهم ينتهون في نسبهم إلى قبيلة جهينة، وقد أجمعت كل الكتب والمصادر أن العرب ينقسمون إلى قسمين كبيرين عرب عاربة وهم أصل العرب من حيث اللسان ونقاء الدم وعرب مستعربة وهم الداخلون في العربية المتعلمون اللسان العربي والذائبون في الكيان المؤثرون والمتأثرون به، وقد حمل العرب جميعاً الإسلام وحضارته إلى المعمورة، والإسلام هو رسالة تعهدها بارئها بالحفاظ والحفظ والبقاء والخلود قال الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقبيل رسالة الإسلام بلغت القبائل العربية «360» قبيلة قيل إن لكل قبيلة صنمها الذي تعبده وعاداتها وتقاليدها ومضاربها ومناهل مياهها التي تردها وكيانها المستقل وتحالفاتها مع غيرها من قبائل وحروبها، ومن أقسام العرب العاربة عاد وثمود وطسم وجرهم الأولى والثانية وجريس والعمالقة ومنهم شعب قحطان وموطنهم الأصلي بلاد اليمن السعيد ومن شعب قحطان يعرب وينحدر من يعرب حمير ومن أشهر فروع بني حمير قضاعة ومن أكبر بطون قضاعة جهينة والمثل العربي الشائع يقول «وعند جهينة الخبر اليقين»، فيما اتصل من ذكر ذلك الثأر الذي خلده المثل هذا، وقد وجدت عدة مصادر تعرضت لنسب قبائل البقارة بالسودان وأوصلتهم جميعها إلى قبيلة جهينة وهي مصادر متواترة وكثيرة، منها المصدر الذي وُجد مكتوباً عند الناظر الراحل المقيم بابو نمر ناظر عموم المسيرية وأمين عام رعاة السودان، وقد تلاه في إحدى حلقاته التلفزيونية في ذلك المسلسل التلفزيوني التاريخي معه والذي أجري معه قبل وفاته بشهور، وهو نسب قال إنه تسلمه من جده علي الجلة ناظر عموم المسيرية في عهده وهو من مشاهير مجاهدي المهدية ورسولها لكثير من المهمات السرية الصعبة، وهذا النسب وُجد كذلك في كتاب عند جاد الله دخرو فضل الله بمنطقة خور برنقة على الحدود مع تشاد وهو مسيري غانمي، ووجد كذلك عند إمام جامع أبشي الكبير بتشاد وأن هذا النسب وُجد كذلك مكتوباً عند أحد المعمرين على جلد داخل ما يُعرف هناك بالسعن وأن هذا النسب كان متواتراً أيضاً عند كثير من معمري قبائل البقارة قاطبة والذين يعتمدون على الحفظ والنقل بواسطة ما يُعرف بعلم الفاخورة، أي علم الرأس، ووُجد النسب ذاته في عدة مؤلفات قديمة، وقال الناظر بابو نمر إنه قد جمعته عام 1939م الصدف مع عدد من زعماء القبائل فوجد عند ناظري دار حامد وسليم نفس النسب لقبائل جميع البقارة كجهينة وقال إن ذلك طمأنه إلى سلامة المورد، كما أن النسب ذاته وُجد عند نسابة العرب المعمر سبيل الشين إبراهيم وعند العمدة المعمر مهدي أبو فضيلة وعند المعمر عوض محمد ضاوي، وقد ذكره الرائد زلفو كمرجع في كتابه كرري، وهو من الذين قد جاهدوا في المهدية وتوفي في أوائل السبعينيات، كما وُجد النسب ذاته عند الدكتور عز الدين المهدي حفيد الخليفة عبد الله التعايشي في شكل شجرة نسب لعموم قبائل البقارة، وقيل إن شجرة النسب هذه موجودة عند كثير من أمراء التعايشة والهبانية وأولاد حميد وبني هلبة، وقال بالنسب ذاته المعمر جاد الله وجه وهو من شاهدي المهدية، يقول ذلك النسب إن علي المسير هو جد المسيرية ابن عالي ابن عطية ابن جنيد ابن شاكر ابن أحمد الأجذب ويلتقي عند الأجذب هذا عموم البقارة بدار حامد وحمر، وهنا فإن حامد وحمر هما أخوا شاكر وأمهما اسمها أم سنعير وأحمد الأجذب بن شعوف بن أشجع الذي ينتهي نسبه إلى جهينة ابن زيد بن أزيد بن أثلم أو أسلم بن سالك والذي ينتهي نسبه إلى قضاعة والذي ينتهي نسبه إلى بني حمير ويتصل حمير بيعرب بن قحطان وكذلك جاء مطابقاً لذلك النسب كتاب «نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب» تأليف أحمد القلقشندي «756ه 821ه» وجاء في كتاب خزينة الأسرار جليلة الأذكار لمحمد حقي النازلي صفحة «15» أن يعرب بن قحطان هو أول من كتب بالعربية، وكان يتكلم السريانية، وقال الحمداني في تاريخه إن جهينة حي من قضاعة وعند قدومهم مصر كانوا أكبر القبائل العربية عدداً وأوفرهم استعداداً وتنظيماً للقتال وقد حاربهم الفاطميون وكانت مساكنهم بنواحي القاهرة إلى الأطراف الشرقية.