أعلنت هيئة المواصفات والمقاييس السودانية مؤخرًا أن بعض التجار يستخدمون حميرًا مدربة لتهريب السلع للبلاد فرد بعض الكتاب بالقول «على كدة نمشي إثيوبيا ونحمل الحمار بالبضاعة، ونجي ننتظرو في السوق العربي» هكذا كتب الكاتب الساخر الأستاذ الطاهر ساتي على صفحته على الفيس بوك معلقًا على الخبر الذي خرجت به صحف الخميس والذي يوضح تصريح هيئة المواصفات والمقاييس بكشفه عن دخول سلع ومستحضرات تجميل غير مطابقة للمواصفات بواسطة التهريب المقنن عبر تجار الشنطة «الجوكية» و«الحمير» المدرَّبة الأمر الذي أثار استهجان وسخرية كل من قرأ الخبر، فلطالما ظلت مخالفات التهريب تجد مكافحة من قبل مؤسسات مكافحة التهريب، وكانت الهيئة قد أكدت أنها تبرّأت من مسؤوليتها عن تلك السلع المهرَّبة عبر الحدود وكان مدير قسم التفتيش، د. عمر عبد الله، كشف عن دخول مستحضرات تجميل غير مطابقة بواسطة التهريب عبر قوافل الحمير ودخولها لمدينة الدمازين عن طريق الغابات، إلى جانب التهريب عبر العفش الشخصي، وقال: «هناك إشكالية بيننا وبين الجمارك» في هذا الجانب، وأكد مطالبتهم بضرورة معالجة الأمر مما أدى إلى بروز تضارب في السلطات والصلاحيات مع الوزارات المختصة، وطالب عمر بإصدار قرار رئاسي لفك التضارب لتسهيل عملهم. لكن تضارب الصلاحيات بين هيئة المواصفات والجمارك يبدو وكأنه سيخلف آثارًا خطيرة فالأولى تبرأت من مسؤولية تهريب هذه السلع وحمَّلت شرطة الجمارك المسؤولية الأولية باعتبارها المسؤولة المباشرة عن دخول وخروج أي سلعة الى البلاد ومنها. لكن المثير في الأمر هو أن يلجأ المهربون لهذه الحيلة من حيل التهريب الكثيرة التي ظلوا يبتدعونها حيث كانوا يشتهرون باستخدام سيارات اللاندكروزر لسرعتها الفائقة وقدرتها على تجاوز الطرق الوعرة ومدى فاعليتها في إحداث ثقوب في جسد اقتصاد البلاد الذي يعاني أصلاً في ظل انشغال الجهات الرقابية في البلاد بتضارب صلاحياتها إذ يقول البروفيسر محمد عبد الله الريح خلال حديثه ل«الإنتباهة» إن الحيوانات يمكن أن تدرَّب على أي شىء بشرط أن يكون المدرِّب متخصصًا في ذلك، فاستخدام الحيوانات بغرض الأعمال غير القانونية ظهر منذ الدولة العثمانية، ففي تركيا كانوا يدربون الخيول على قتل الأعداء والفتك بهم وأصبحت جزءًا من الجيش العثماني ويضيف الريح أنه في إيران كانت الحمير تستخدم في الكشف عن حقول الألغام واستخدامها كأفخاخ وحمل المتفجرات إلا أن منظمة الرفق بالحيوان أوقفت هذه الممارسات، فتدريب الحيوانات على أعمال تخالف القانون ليس بالأمر السهل يحتاج إلى وقت ودراية خاصة إذا كان للتهريب كالذى يحدث في الحدود بين السودان والعديد من الدول. وتبقى مسألة تدريب الحيوانات لتهريب السلع غير المطابقة للمواصفات والممنوعة مسألة فى غاية التعقيد ستجد الكثير من الصعوبات في مجابهتها فبدلاً من مطاردة بشر وأفراد ستأتى مطاردة الحيوانات والتي ايضًا قد تكون دُرِّبت على كيفية الهروب والاختباء وغيرها من وسائل الأمان لحماية نفسها إلا أن هذه القضية واستخدام الحيوانات لهذه المخالفات يبدو مؤشرًا خطيرًا للدرجة التي وصل إليها تجار التهريب وهذا يؤكد أن التجارة عبر التهريب يصعب القضاء عليها مع وجود مثل هذه الأفكار التي وإن وجدت منذ العهد العثماني كما ذكر بروفيسر عبدالله الريح إلا أن ظهورها من جديد يبدو أنه سيشكل خطرًا على البلاد من قبل تجار المخدرات والسلع المهربة خاصة وأن السودان له حدود كبيرة وواسعة مع دول الجوار مما يزيد الأمر صعوبة خاصة وأن القبائل الرعوية تنتشر بكثرة على الحدود ولم يستبعد مراقبون أنه قد تلجأ إليه بعض الدول في استخدام هذه الحيوانات لتنفيذ الكثير من الخطط تجاه الدولة المعادية لها كما حدث في تركيا.