بالرغم من أن الكثير من التقاليد الراسخة في تراث الشعب السوداني اختفت نتيجة للمتغيرات العصرية المتلاحقة وغول العولمة الكاسح، إلا أن المائدة الرمضانية ما تزال تكافح لتحافظ على سماتها العامة التقليدية بأكلات ومشاريب شعبية أصبحت متوارثة عبر القرون مثل الحلو مر ملك هذه المائدة كما يحلو للبعض تسميته، إضافة إلى مشروبات الكركدي والابري الأبيض والتبلدي والعرديب والقضيم، كما ظلت أكلة «العصيدة بالتقلية» شامخة تقاوم بقوة تيار التغيير، وأكثر ما يجعل المائدة في رمضان ذات نكهة خاصة وتعتبر العصائر البلدية والطبيعية واحدة من أهم العوامل الأساسية في مائدة الإفطار حيث تحتل المشروبات والعصائر البلدية حيزًا واهتمامًا متعاظمًا من قبل الأسر، ولكن المعجنات والشوربات وحتى المشويات والسلطات دخلت المائدة بقوة أيضًا «تقاسيم» التقت بعض الأشخاص وسألتهم عن هذه العصائر ومدى أهميتها في صينية المويات وخرجت بالحصيلة التالية: ٭ محمد معتصم ابتدر لنا حديثه قائلاً: أي صينية مويات ما فيها عصير بلدي دي ما صينية، وأنا لا احمل صينيتي واطلع بها إلى الشارع العام الا بعد التأكد من وجود أحد العصائر البلدية بها لما لها من طعم ومذاق خاص عند كل الشعب السوداني. ٭ مجتبى أحمد قال: إنه لا يهتم كثيرًا بوجود العصائر البلدية في الصينية ولكن هو عن نفسه يحبذها أكثر من غيرها من العصائر الأخرى لما لها من طابع ونهكة سودانية مية بالمئة وخصوصًا الحلو مر الذي «يقطع العطشة» ويشعرك بالارتواء دون غيره من المشروبات. ٭ الحاجة أم الحسن قالت: إن الصينية لا بد من أن يكون بها عصير بلدي وأنا شخصيًا أحرص على هذا وأنوع كل يوم عصير مختلف وهذه العصائر البلدية ذات نكهة خاصة في الصينية وعند بعض الأشخاص. ٭ هناء ربة منزل تقول رغم إن زوجي يعشق البلدي ولكنه أيضًا يحب السامبوسة والمعجنات والمكرونة وغيرها، وأصبحت مائدتنا خليطا متوازنا. الابري الأبيض.. يا خفيف وطلبك خاص كتبت: منى النور يعد الابري الأبيض واحدًا من المشروبات السودانية القديمة المعبقة المرتبطة بشهر رمضان حيث استطاع الصمود أمام العصائر المستحدثة في المائدة الرمضانية ويظل الحنين إليه يسوق معظم الصائمين.. ويصنع الابري الأبيض من دقيق الذرة التي تتم عملية سحنها حتى يتحول إلى مسحوق ناعم شبيه بالبودرة، يوضع في الماء لمدة ثلاثة أيام حتى يتخمر بعدها يتم تصفيته بواسطة قماش أبيض «شاش» لتنقيته من الشوائب وتضاف إليه البهارات من هبهان وكمون أسود وحلبة، ويكون بعدها جاهزاً للعواسة بواسطة «المقشاشة» أو «القرقريبة» بفرد العجين على الصاج كذلك أصبح اليوم يعاس على البتوجاز ويتميز الآبري بالقيمة الغذائية الكبيرة التي تقلل من آثار الصيام على جسم الصائم بجانب أنه أقل تكلفة من الناحية المادية مقارنة بالحلو مر وصارت حواء تتفنن في كيفية إعداده بإضافة بعض الألوان لتكسبه مظهرًا بجانب لونه الأبيض بواسطة الكركدي وغيره ويتناول الابري بإضافة السكر ومياه باردة ومشروبات غازية مثل الكولا والسفن آب.. وتؤكد الخالة سعاد حلا ربة منزل أن الابري الأبيض يعد المشروب الأول لديها والتي تحرص على إعداده سنويًا وإرساله إلى أبنائها في دول المهجر، وقالت إن جيل اليوم لا يعرفونه وذلك لمحدودية الأسر التي تحرص على إعداده مقارنة بالحلو مر.