يُعتبر (الضرا) من التقاليد السودانية والموروثات الشعبية التي تُجسّد معنى التكافل والتراحم الاجتماعي في مجتمعنا، وهو من العادات التي لم تندثر مع مرور الزمن وما زالت متنقلة عبر الأجيال كقيمة اجتماعية أصيلة في الشهر الفضيل.. فالضرا هو المكان الذي يجتمع فيه الناس حول الموائد بالشوارع أغلب الأحيان، ويؤدون فيه صلاة المغرب في جماعة، وغالباً ما يكون التجمع في الشوارع التي هي مفترق طرق عديدة أو الساحات المكشوفة، حتى يتنسى لهم دعوة المّارة وعابري الطريق الذين أدركهم وقت الإفطار خارج منازلهم لتناوله مع الجماعة؛ فالكثيرون خصوصاً أهالي القرى والأرياف يرون أنه من البخل والعيب أن يفطر أحدهم داخل منزله.. ونجد أن للضرا ميزات كثيرة في رمضان، فهو يقوي الروابط بين الجيران والأهل، فيتفقد بعضهم البعض ويسألون عمن يغيب عنهم، كما تتم فيه مناقشة بعض المواضيع التي تهم أهالي المنطقة، والملاحظ أن بعض الظروف جعلت هذه العادة الجميلة تندثر قصراً حتى لأولئك الذين يحبون ممارستها، من هذه الظروف الهجرة والاغتراب لخارج السودان واندماج الفرد مجبراً مع المجتمع الجديد في ظل دوامات العمل الطويلة، إلا أن بعضهم يُطوع هذه الظروف ويمارس عادته السودانية ويساعده في ذلك وجود عدد من بني وطنه معه.. خلال هذا الاستطلاع حاولنا أن نعرف مدى تعمّق ظاهرة الضرا خارج السودان وسط بعض المغتربين فماذا قالوا: فطورنا داخل الشقق محجوب حمدان أوضح أنهم بالسعودية يتناولون الإفطار داخل الشقق، ويشاركه الرأي محمد خصيم وإبراهيم ود البحر الذين برروا ذلك بظروف العمل وطبع أهالي المدن بالمنطقة ولكنهم أكدوا أنهم ما زالوا محافظين على العادات والموروثات السودانية حيث لا يخلو بيت سوداني في المهجر من «المعازيم» بطبيعة السودانيين.. قاومنا الغربة بالضرا أما يوسف النور فرد بأسى «المضطر يركب الصعب»، ورغم صعوبة الغربة إلا أننا حاولنا جاهدين أن نحتفظ بتقاليد وعادات البلد رغم المشاغل والحمد لله استطعنا أن نجتمع في إفطار رمضان، أما حافظ علي فقال إن بعض السودانيين يقطنون بسكن واحد يجتمعون في الباحة أمام سكنهم يتجمعون فيها ويبدأون بمناداة المارة من مختلف الجنسيات والتي تمثل الضرا عندنا في السودان، هذه المواقف تُرجعنا لرمضان في السودان وسط الأهل والأحباب، وهذه العادات ما زالت مستمرة وتؤكد أن بلدنا لا يزال بخير، وتمنى في ختام حديثه العودة السريعة للوطن. جدة مختلفة محمد أحمد إدريس أوضح أن جدة مختلفة عن باقي المدن السعودية خاصة منطقة إقامته بريمان، فالضراء لديهم عامر كما في السودان، حتى في مكان العمل يكون الإفطار في مجموعات وتكون الموائد عامرة بكل الوجبات السودانية والمشروبات الشعبية، بينما أقر عبد اللطيف قمر بظروف الغربة الصعبة التي تجعلهم يسعون للاجتماع بكل السودانيين الموجودين معهم في السكن ليستظلوا بنفحات رمضان بالنكهة السودانية الأصيلة..