الضرا أو تناول الإفطار في الشارع من العادات السودانية الراسخة والقديمة بالمجتمع والغرض منها دعوة من يدركه الإفطار في الشارع فتجد الرجال يتدافعون «بصواني» الإفطار نحو الضرا خاصة في القرى التي تقع بالقرب من الطرق، ولكن مع ظهور بعض المتغيّرات على المجتمع هل لا يزال الضرا صامدًا أمام متغيّرات العولمة وتناطح الفضائيات بعد الإفطار لجذب المشاهد «البيت الكبير» تناول القضية مع أهل الاختصاص وخرج بالتالي: أجرته: منى خديجة إعداد المكان يقول معتز صالح «موظف» إن التحضير للضرا يبدأ من قبل رمضان بأيام حيث يعمل الصغار على تنظيف المكان وتجهيزه، وفي أحايين كثيرة يسوّر المكان بالطوب، وذكر أن هذه العادة غير أجرها في إفطار الصائمين الذين أدركهم الوقت بالشارع فهي عنوان للترابط والتعاضد بين الجيران بتفقد أحوال بعضهم البعض وعلى الرغم من وجودها في القرى بذات الترابط في القرى وأطراف المدن إلا أنها في المدن قد انتفى السبب الأساسي لها إذ نجد باب التنافس والتفاخر بإعداد ما لذ وطاب هو الأهم في الموائد ورغم ذلك يبقى التواصل والتفقد هو السمة الغالبة بين الأهل والجيران. أهل الريف الأصل ويشاركه الرأي حياتي مصطفى «طالب» ويقول: قد لا تشعر بطعم ومغذى الضرا في العاصمة ولكن عندما تحط أقدامك أرض الريف وخاصة القرى التي على الطرق تجد الأهالي يشكلون جسرًا بشريًا لمنع المسافرين من العبور، ويضيف أن هذه العادة في الأصل انتقلت إلى المدن من الريف لكنها اندثرت حاليًا مع انتشار الفضائيات التي التفّ حولها الصائمون لمتابعة البرامج التلفزيونية، فقد يرى الكثيرون من أهل الريف أنه من البخل والعيب أن تفطر داخل منزلك حتى ولو كنت تفطر على بلحة كذلك هم يعتقدون أيضًا أنه من غير المحمود لمن أدركه زمن الإفطار في الطريق دون أن يلبي الدعوة التي تقدم له من أهل الضرا مع سماعه لعبارات «اتفضل يا زول»، «صلي على الرسول». فرصة للتواصل يؤكد محمد أحمد «صاحب متجر» أنه لا يفطر في رمضان داخل المنزل فهو يرى أن الإفطار داخل المنزل ينمّ عن ضعف الرابط الاجتماعي للشخص، وعلى الرغم من أن الناس تختلف ظروفهم وبيئاتهم إلا أن من تعوّد على الإفطار خارج المنزل لا يمكن أن يقبع بداخله ومن تعود المكوث بداخل المنزل يصعب عليه الخروج، وأنصح من يفطرون داخل منازلهم بمراجعة علاقاتهم الاجتماعية؛ لأن الإفطار في الضرا يتيح للإنسان فرصة اللقاء بالجيران ومعرفة أحوالهم عن قرب. تقلبات الطقس تقول صابرة الأمين «موظفة» أن زوجها لا يخرج للإفطار خارج المنزل لصعوبات يراها هو، منها تقلبات الطقس والظروف المحيطة بالتجمعات خارج المنزل، وتضيف: مع أنه لا يرى صعوبة في إحياء سنة التكافل والتراحم عبر نوافذ أخرى خلاف الخروج إلى الشارع فيمكنه أن يدعو الضيف إلى داخل منزله ويقوم بإكرامه ومساعدته بقدر المستطاع. تقوية الروابط وتتناول «الباحثة الاجتماعية» سعاد قنديل القضية من زاويتها وتقول: من مميزات الضرا في رمضان أنه يقوي الروابط بين الجيران بتفقد الناس بعضهم البعض وهو سانحة لتصفية النفوس وتطييب الخواطر والمصالحة والتسامح فالشعب السوداني متميز عن بقية الشعوب بعدة سمات لا تخطئها العين، فالضرا عادة جميلة في مجتمعنا، تعكس مدى ترابطه وتكافله، والجميل فيها أن السودانيين لا يفرقون بين المارين في الشوارع.. والغرض الرئيسي من الضرا التواصل والكرم وإشاعة المحبة والتشارك وهو إحدى عاداتنا «السمحة» وتقاليدنا النبيلة، فهي تسمح لبعض الفقراء بتناول إفطارهم دون أي إحراج وتعدد أنواع المأكولات لأصحاب الدخل المحدود.