لله دره شعب السودان من معلم أثبت أنه صاحب الريادة ومعلم الشعوب تفرد في كثير من المواقف التي أكدت أن هذه الأمة السودانية ذات حضارة وقيم فاضلة وموروث جهادي يستمر منهجه من عقيدة يؤمن بها، ومن أجلها يدافع لتبقى رايات الدين عالية وسيادة الأمة حاضرة، إنه شعب السودان الذي قدم أروع الأمثال في الدفاع عن أرضه وعرضه ومكتسباته. والتاريخ يظل شاهداً على ثورات أهل السودان كيف كان عطاؤهم بلا حدود وإقدامهم لنصرة الوطن امتداداً لما صنعه الجدود ليبقى السودان منارة عالية بين الأمم. وكثيرة هي الملاحم التي سجلها أبناء هذا الوطن في معارك الكرامة ورد العدوان وردع المعتدين، فقد كان الشعب في خندق واحد مع قواته المسلحة يدعمها بالرجال في ساحات الوغى فكانت رايات الجهاد ترفرف على سارية الوطن منذ معركة كرري وحتى الميل أربعين واسترداد الحق في هجليج، فمجاهدو السودان خريجو مدرسة الدفاع الشعبي قد وضعوا بصماتهم في سجلات النصر لهذه الأمة وكتبوا بدمائهم الزكية أشرف لوحات البطولة وسطروا للتاريخ أعظم الملامح فاستحقوا أوسمة الجدارة ونالوا مراتب الشهادة في أفضل الميادين قضى منهم اخيار ستبقى أسماؤهم محفورة في ذاكرة الناس والأجيال تحكي عن روعة هذا الشعب الأبي المجاهد. فوقف الجميع عند احتلال هجليج مع القوات المسلحة برهنت على عظمة وإنتماء أهل السودان لوطنهم ومقدراته. فألوية المجاهدين وكتائب البرق الخاطف والفرقان وجند الله ولواء الردع وطلائع النصر لقنوا العدو درساً لا أظنه سينساه أبداً فما خلفوه من جثث وجرحى إمتلأت بهم طرقات هجليج سيعلم بعدها الغزاة من فلول الحركة الشعبية أنهم لو عادوا الكرة لن يرجع منهم أحد بإذن الله. أما الذين لم يقدر لهم الخروج في كتائب المجاهدين وتحرير هجليج فقد شاركوا بزادهم ومالهم لإسناد القوات المسلحة وشهدت مدن وقرى السودان أكبر نفرة التحم فيها الشعب مع الجيش والقيادة مع القاعدة فتحركت قوافل زاد المجاهد تحمل المؤن وشاركت كل فعاليات المجتمع في نفرة رد العدوان فأقيمت ليالي الجهاد وأعراس الشهداء ومواكب الفرح عند إعلان النصر على فلول العاملة وأتباع الصهاينة. وارتفعت الأكف بالضراعة والدعاء والأصوات بالتهليل والتكبير وازدحمت الطرقات بالرجال والنساء والأطفال كل فرح بطريقته، واحتفى الناس بأفراد القوات المسلحة في ثكناتهم ورفعوهم في الكتوف في مشهد قل أن تجده في عالم اليوم.. أما المساجد فقد حرضت الناس للخروج للجهاد والدعم بالمال وتجاوب الجميع معها فقدموا من دون مَن أو أذى رغم ضيق ذات اليد ما بخلوا وما تقاعسوا عندما نادى المنادي أن هي على الفلاح هي على الجهاد لكن ما استوقفني هو مبادرة من المسجد العتيق في القضارف عندما أعلن الشيخ العالم الجليل مجذوب حاج علي الأزرق عن جمعة من جهز غازياً فقد غزا والشيخ الأزرق من أكابر علماء السودان والد شهيد تفاعل مع الأحداث وربط في خطبة الجمعة ما بين ابتلاءات عهد النبوة واستهداف الإسلام وما بين ما يحدث اليوم في السودان من تآمر مفضوح تقوده الصليبية بكل إمكاناتها لإجهاض المشروع الإسلامي ونشر الفوضى وسلب مقدرات الأمة ودعاء أهل القضارف لجمعة سماها جمعة من جهز غازياً فقد غزا. فكانت استجابة القضارف أكبر مما توقع الجميع ساهم التجار بقوافل الزاد وتبرع الزراع بمحصولات أرضهم البكر، وقدم الرعاة مواشيهم وأنفق الطلاب إفطار يوم وسيرت المرأة قوافل زاد المجاهد وشنطة المجاهد وقدمن الحُلي عن طيب خاطر، وتبرع سائقو الحافلات بدعم مقدر أطلقوا عليه «فردة للمجاهدين» والمقصود إيراد العربة من المال لكل طلعة من الموقف. وكان هنالك نصيب لمؤسسات القطاع الخاص في دعم النفرة من البنوك والشركات.. وبما إنني أعمل في حقل الدفاع الشعبي أرصد كل هذه المشاهد فقد جاءني رجل ومعه ابنه وقال: إنه لا يملك في هذه الدنيا غير هذا الولد وقد وهبته للجهاد وإن انتصر فلله الحمد والفضل وإن ذهب شهيداً فإنني احتسبه لله ولما كان الرجل قد بلغ من الكبر عتيًا وعرفت أن هذا الابن وحيد لديه، شكرنا صنعه لخدمة العقيدة والوطن وقلنا له إن في خدمة أبيك جهاد. وبعد أن خرج الشعب مجاهداً وخرج في مهرجانات النصر تبقى رسائل عاجلة لمن يهمه الأمر في قيادتنا الرشيدة إن ما قدمه المواطن من تضحيات واقتسم لقمة عيشه مع المرابطين في الثغور لا بد أن نكرم هذا الإنسان السوداني بأن لا تفريط في شبر عبر تفاوض أو غيره ولا تسامح مع من قتل الشهداء. فما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال والذين ذاقوا الهزيمة في النيل الأزرق وجنوب كردفان يحتموا اليوم بالحشرة الشعبية الجنوبية التي لا تعرف عهداً ولا ميثاق. تبرم اليوم اتفاقاً وتنقضه غداً وهذا ما يؤكد حقدهم الدفين على السودان فهم يحاولون اليوم زرع عملائهم أمثال عقار المجرم وعرمان العميل ليكونوا امتدادًا لدولتهم الفاشلة ومشروعهم التوسعي. فكيف بالله عليكم تفاوضوهم وأنتم منتصرون وترضوهم وهم مكسورون وتتوددون لهم وتعلمون ما تحمل نفوسهم من غدر وخيانة للسودان أرضه وعقيدته.