واحد من أهم الشخصيات المفقودة في الفعل السياسي في جنوب السودان بعد انفصال الجنوب هو الدكتور لام اكول اجاوين استاذ الهندسة بجامعة الخرطوم سابقًا.. لام اكول هو واحد من اعلم الوجوه المثقفة لدى الجنوب والمميز جدًا في قبيلة الشلك ويعتبر مديرًا سياسيًا تدرب على ممارسة السياسة وله جذور عميقة جدًا في علاقاته الاجتماعية مع المجتمعات الجنوبية، وقد صاهر دينكا ابيي حيث تزوجت احدى بناته من وجهاء الدنيكا ابيي.. ولام اكول يعتبر من القيادات المؤثرة جدًا في الحركة الشعبية، وبين الخلاف العميق الذي اطاح بمجموعة نافذة من قيادة الحركة من بينهم لام أكول اثر تصادم المواقف بينهم وبين زعيم الحركة الراحل الدكتور جون قرنق مما جعل اكول وعددًا من رفاقه من بينهم اروك طون وكاربينو كوانين ورياك مشار ان يعودوا للداخل ويؤسسوا حركة استقلال جنوب السودان لكن لام اكول انفصل عن هذه المجموعة بعد اشهر قليلة وكون لوحده مليشيات قوامها من الشلك تحت لواء الفصيل المنتحر واستمر يشن حملات عسكرية متقطعة على الجيش الحكومي في مناطق الشلك بأعالي النيل حتى وقَّع في منتصف التسعينيات من القرن الماضي اتفاقية مع حكومة الخرطوم كان ابطال مفاوضاتها الشهيد الزبير محمد صالح ومعه موسى المكور ومحمد الأمين خليفة وعلي الحاج اطلق عليها اتفاقية فشودة عاد بمقتضاها لام اكول للخرطوم بعد سنوات من التمرد وتركه لوظيفته الأساسية استاذ في جامعة الخرطوم وعاد وزيرًا للنقل. استفاد اكول من سنوات مشاركته للمؤتمر الوطني بصورة كبيرة حتى انه انخرط في اجهزة الحزب ودخل عضوًا في المكتب القيادي لكن روح الزعامة المطلقة للجنوب ظلت تسيطر على لام أكول وقادته فيما بعد للخروج عن المؤتمر الوطني والعودة مجددًا للانضمام للحركة الشعبية بعد اتفاقية 2005م حيث عينه جون قرنق مشرفًا على ولاية غرب بحر الغزال غير أن الظروف المتسارعة التي عجلت بوفاة جون قرنق في حادث تحطم المروحية اليوغندية لعبت دورًا اسياسيًا في تراجع نجومية لام اكول في مسرح العمل السياسي، على الرغم من التقارب الكبير الذي برز بينه وبين سلفا كير في الاشهر الاولى لولاية سلفا كير على الجنوب وتعيينه نائبًا أولاً للرئيس خلفًا لجون قرنق حيث كان السيد بونا ملوال ولام اكول من اكثر المقربين لسلفا كير غير ان شهر العسل هذا لم يستمر طويلاً فقد بسط مجموعة اولاد قرنق وقتها بقيادة باقان اموم وياسر عرمان ودينق الور ولوكا بيونق سيطرتهم على سلفا كير واصبحوا يؤثرون بصورة مباشرة في توجهاته السياسية والتنفيذية لجنوب السودان ومعاملاته مع الحكومة المركزية مما ادى الى سخط واسع من المجموعة الأخرى التي يعتبر اكول على رأسها، وتنامى هذا السخط حتى تبلور بصورة واضحة في الانتخابات وادى الى انشقاق لام اكول واعلانه لحزب كبير اطلق عليه اسم الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، نقول هذا وهناك فترة زمنية كبيرة ما بين عودة لام اكول من الغابة وتوقيع اتفاقية «2005م» احيطت بضبابية وعدم وضوح في ولاءات لام اكول وتحركاته السياسية والعسكرية. غير ان انفصال دولة الجنوب يعتبر المحطة الأساسية التي افل بعدها نجم اكول في المسرح السياسي لما يربو عن العام فحتى هذه اللحظة لم يستطع احد ان يتبين مواقف لام اكول الحاسمة وولاءاته تجاه الوضع القائم في الجنوب او ضده خصوصًا بعد حادث اغتيال جورج اطور احد ابرز الذين حملوا السلاح في وجه حكومة الجنوب بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي سبقت استفتاء الجنوب ولكن ما تردد مؤخرًا من وجود توجهات ربما تكون حاسمة للسيد اكول في اعتزامه قيادة معارضة جديدة على الحكومة القائمة في جوبا يعتبر ظهورًا جديدًا للسيد اكول كاول سياسي مخضرم يؤسس لمعارضة ضد دولة الجنوب الوليدة والتجربة اذا كانت حقيقية مهما قيل عنها ستكون مفيدة في تقويم الأوضاع الحالية في دولة الجنوب حيث لا صوت يعلو فوق صوت الحركة الشعبية وعناصرها المتنفذة في دولاب الحكم بدولة الجنوب التي تلاعبت بأموال الجنوبيين وبددت احلامهم في المكاسب المرجوة من الاستقلال.