بالرغم من انني لا أحب الخوض في سجال صحفي خصوصاً مع شخص ليس له مرجعية ثابتة يتكئ عليها يمكن مناقشته من خلالها لكن أجدني اليوم أشذ عن هذه القاعدة في الرد على الأخ بكري المدني الذي كتب على صفحات الصحيفة التي أحترم رئيس تحريرها وأُجله .. كتب مقالاً أعادت ألوان نشره، هاجم فيه «الباشمهندس» الطيب مصطفى، والشيخ عبد الحي يوسف، والشيخ كمال رزق لأنهم شنوا هجوماً قويًا على الحكومة لقبولها التفاوض مع قطاع الشمال وقال الكاتب «إن هذه الأصوات والأقلام غريبة وضحلة الطبقات وخفيفة المداد ولأسباب عديدة ليس من بينها الجدل الفكري القديم حول إقامة دولة دينية أم لأ بقدر ما إن ضحالتها وخفة مدادها تأتي من موقفها من التفاوض والحوار وهو أمر مطلوب حتى مع الشيطان نفسه والذي حاوره الرحمن جلا وعلا كما أن رسول الإسلام محمد بن عبد الله «ص» حاور كفار قريش ووصل معهم لاتفاق «الحديبية» وحاور اليهود كذلك واتفق معهم وعلى دربه سار الخلفاء والأئمة الراشدون على منهج الدعوة بالتى هي أحسن وبالحوار والتفاوض هذا أمر الدين الذي به يتبجحون وتلك شواهده التاريخية المنصوص عليها في كتاب الله العزيز» انتهى .. أما الطيب مصطفى فله عاموده الراتب كما ذكرت الذي يمكن من خلاله أن يرد عليك إن أراد ذلك، عبر صحيفته «خفيفة المداد» والتي فاق توزيعها مع خفة مدادها «100» ألف نسخة .. أما الشيخان الكريمان الجليلان اللذان نحسبهما من من قال فيهم المولى عزوجل «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ» فاطر: آية «28» والذين قلت حسب تعبيرك إن أصواتهم غريبة ضحلة الطبقات، فالمصلون بمسجديهم والذين يفوق عددهم عدد النسخ التى توزعها صحيفتك، هم ادرى الناس بذلك.. اما فيما يتعلق بالتفاوض والحوار!! فإن الذي يجري الآن وما تحدث عنه الشيخان ليس تفاوضًا لأن التفاوض معلوم ولديه شروط فهل هي متوفرة في «ما يجري بأديس» ثم إن التفاوض والحوار حول أساسيات الهوية ..لا يعني سوء الاستسلام !! وبالمنطق .. ما هي المكاسب التي سيحققها لنا التفاوض مع ما يُعرف بقطاع الشمال.. واما حديثك ان الرسول حاور كفار قريش، فنعم فعل الرسول ذلك بل من اجل ذلك ارسله الله «يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» المائدة : آية 67.. ومع ذلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يحاور او يفاوض لا يتنازل عن ثوابته فانظر اليه كيف يرد على الكفار الذين قلت انه يحاورهم «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الدين ما تركته حتى يظهره الله على الدين كله أو أهلك دونه» وهذا عتبة بن ربيعة، قال يومًا يا معشر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل بعضها، فنعطيه منها ما شاء ويكف عنا فقالوا، بلى..قال: يابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا ..الخ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه وعندما فرغ، قال.. أقد فرغت يا أبا الوليد.. قال.. نعم، قال، فاسمع مني، قال، أفعل.. فقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم حم.. وعندما انتهى قال قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك. هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحاور ويفاوض.. أما اصحابه والعلماء فمواقفهم كثيرة في عدم التنازل عن الثوابت وهم يتفاوضون.. قال عمر لأبي بكر فى زمن الردة.. كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه وحسابهم على الله. فقال: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه. فما ظنك برجل قال ربي الجبل وهو احد «ثلاثتك» الذين عنهم تدافع واحدهم رفض وضع البسملة على صدر الدستور وجميعهم من من حاد الله ورسوله.. وهنالك امور تُخرِج من الملة، بل وتستوجب القتل!! واما حديثك عن ان الطيب مصطفى وعبد الحي وكمال رزق اعلم من الله عز وجل !! فهذا الحديث كان ينبغي لك الا تخوض فيه لأن اي مسلم صحيح العقيدة يعلم انه لا يوجد من هو اعلم من الله «فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى» فالخوض في هذه الامور فيه خطر عظيم .. اما قولك انهم يتبجحون ، هم يتبجحون بالدين وانا اتبجح به فإذا لم تتبجح انت به راجع دينك «تبجح» وظني انك لا تعرف معنى الكلمة .. واياك اخي والعلماء فلقد قال أهل العلم .. لحوم العلماء مسمومة، وهم ورثة الانبياء.. نصيحة اخرى لا تكتب الصلاة على الرسول هكذا «ص» اكتبها صلى الله عليه وسلم حتى تؤجر وهذه النصيحة ليس من عالم بل من احد عوام المسلمين. في الختام هدانا الله وإياك أخي لما فيه الخير. للفائدة :تَبَجَّحَ به: فخر وتباهى.. «لسان العرب» ففي حديث أم زرع «وبجحنى فبجحت».