واجهت البلاد العديد من التحدِّيات الاقتصادية نتيجة الأزمة المالية العالمية وتوقف إيرادات البترول الذي خلف أثرًا واضحًا على الاقتصاد الكلي، وأبرزها ارتفاع أسعار السلع الضرورية، التي مثلت أحد التحديات الرئيسية للسياسات الاقتصادية في الدولة مما لها من تأثير على مستوى المعيشة، وحملت مذكرة الجهاز المركزي للإحصاء أمس الأول خبر ارتفاع معدل التضخم في شهر يوليو إلى «41,6 مقابل 37,2» في يونيو الماضي وذكر الجهاز أن الرقم القياسي العام لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية قد سجل ارتفاعًا لشهر يوليو بلغ «247» مرتفعًا عن «232» في يونيو وذلك بارتفاع ملحوظ في المستوى العام لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية بمقدار «6,5» ومن المعلوم أن السودان يعتبر من الدول التي تعاني مشكلة ارتفاع التضخم بصورة مستمرة ولفترات طويلة وإن اختلفت حدته من وقت لآخر وكان للسياسات الاقتصادية دور كبير في تلك المشكلة.. ويرجع خبراء الاقتصاد ظاهرة ارتفاع التضخم للسياسات الاقتصادية بجانب المشكلات التي لازمت الهيكلة بالبلاد لعدم وجود التخطيط السليم بجانب تسييس العملة الاقتصادية.. وقد لعب الإنفاق الحكومي دورًا كبيرًا في رفع معدل التضخم خاصة أنه لا يقابله زيادة في الإنتاج، وتكمن مشكلة ارتفاع معدلات التضخم في توزيع الدخل والثروة التي تتركز على فئات معينة يقابله ارتفاع نسبة الفقر ويرى بعض الاقتصاديين أن المعدلات المنخفضة للتضخم ضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي إلا أن النسب المرتفعة للتضخم يمكن اعتبارها بمثابة أزمة اقتصادية ينبغي وضع الحلول الناجعة لها.. وذكر الجهاز المركزي للإحصاء أن ارتفاع التضخم الأخير أثر بشكل كبير برفع كل أسعار المجموعات السلعية والخدمية بنسب متفاوتة أعظمها ارتفاع أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات لأثرها الإنفاقي الكبير مسجلة معدل تغيير شهري «6,2» والتي كان لها الأثر الواضح على حياة المواطن خاصة مع انخفاض معدل الأجور وكان له الأثر الواضح مع اقتراب شهر رمضان حيث تزيد احتياجات الأسر لتلك السلع بصورة كبيرة. ويرى المراقبون أن هنالك عدة متغيرات واجهت الاقتصاد هذا العام مما كان لها الأثر الواضح على ارتفاع معدلات التضخم كارتفاع أسعار الدولار بنسب عالية مقارنة بالجنيه السوداني ويشير الخبير الاقتصادي حسن ساتي إلى أن أسباب ارتفاع معدل التضخم نتيجة لارتفاع أسعار السلع المحلية وارتفاع سعر الدولار الجمركي مشيرًا لزيادة ارتفاع أسعار المدخلات من خارج السودان والتي لها دور في زيادة أسعار السلع بنسبة «80%» بجانب ذلك ضعف الإنتاج الزراعي لزيادة تكلفة الإنتاج التي يصعب على المزارع تحملها، وأضاف: أن الزيادة في أسعار المواد البترولية باعتبارها المصدر الأساسي في الإنتاج وارتفاع الأسعار عالميًا لعبت دورًا في رفع التضخم بشكله الحالي مشيرًا لضعف الطلب وسوء الحالة الاقتصادية بالبلاد التي لها أثر على الفئات ذات الدخل المحدود مما يسبب المزيد من المعاناة، وقال ساتي في حديثه ل (الإنتباهة): يجب على الدولة التوجه لوضع الحلول التي من شأنها أن تخفض من معدلات التضخم بتحريك الإنتاج المحلي عبر توفير التمويل الكافي للإنتاج الزراعي والصناعي بخفض التكلفة إلى «6%» لتحريك الإنتاج بالشكل المطلوب داعيًا لتحريك الطاقات المعطلة وتقديم الخدمات الفنية للمزارعين وتخفيض تكلفة الإنتاج وخفض الدولار الجمركي والرسوم الجمركية على الطرق حتى يكون لها أثر على الوضع بالبلاد.. فيما يرى بعض الخبراء أن المعالجة باتخاذ عدة تدابير بديلة والاستعانة بالسياسة المالية والنقدية وإحلال الواردات لتجنب التضخم المستورد واتباع إستراتيجية التنمية المتوازنة التي تعظم استغلال الموارد الهائلة التي يتمتع بها السودان.