٭ لم يكن من الحكمة أن يُجلس طلاب من السودان لامتحان الشهادة السودانية في دولة جنوب السودان التي تحكمها عصابة الحركة الشعبية التي لا تعرف عدلاً ولا إنصافاً ولا تلتزم بأخلاق تجاه حقوق الغير الأبرياء حتى ولو كانوا طلاب علم صغارًا لا ناقة لهم ولا جمل في حرب الكراهية العنصرية التي ظلت تشنها مجموعات من جنوب السودان منذ عام 1955م وحتى الآن.. نعم الآن بعد انفصال الجنوب. فقد جلس لامتحانات الشهادة السودانية خمسون طالباً سودانياً بدولة جنوب السودان، ولأن التوقعات بحدوث مخاطر على هؤلاء الطلاب في هذه الحالة بدهية، فإن المفترض أن لا تكون امتحاناتهم تحت إشراف إدارة تعليم الدولة الأجنبية المعادية في ظل حكومة الحركة الشعبية.. وهاهي الأخبار تنقل إلينا المأساة التعليمية التي يعيشها هؤلاء الطلاب، لقد ضاعت عليهم فرصة التقديم إلى الجامعات والمعاهد العليا لأن وزارة التربية والتعليم بدولة جنوب السودان المعادية معادية حتى الطلاب الأبرياء رفضت أن تسلم الممتحنين شهاداتهم في الوقت المناسب.. ونقول إنها رفضت بملء فمنا لأن الطلاب «الجنوبيين» هناك قد استُخرجت شهاداتهم. إن الدبلوماسية مع دولة جنوب السودان يجب أن تقوم على سياسة تجنب سلوكها العدائي وأن التعامل معها ينبغي أن يكون بمبدأ السَّلامة.. ولو كنت مسئولاً عن شؤون الطلاب في الدولة لاستدعيت الطلاب السودانيين بدولة جنوب السودان لإجلاسهم للامتحانات في وطنهم تفادياً للمشكلة التعليمية التي يعيشونها حالياً. فهي ليست مفاجئة من قبل دولة خادعة ترسل المسؤولين فيها إلى السودان ليجدوا الاحتفاء بهم، وبعد عودتهم تتعرض حقول النفط في هجليج إلى العدوان بجيشها. والحكومة السودانية إذا كانت قد أخطأت في وقاية حقوق الطلاب السودانيين آنفي الذكر فعليها الآن أن تعالج مشكلتهم التي يواجهونها بأن تفتح لهم فرصًا استثنائية للتقديم. لا أعتقد أن الدولة في حاجة إلى إسداء هذه المناشدة لكن هذا ما نتوقعه منها، باعتبار أن مصير هؤلاء الطلاب لا ينبغي أن يكون مجهولاً حتى يمضي العام منهم.. وإذا كان المثل يقول: «العثرة تُصلح المشية».. فكم عثرة ألمَّت بحكومة المؤتمر الوطني في طرقات تعاملها مع الحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب وبعده!.. الآن الأمر يخص الطلاب، وهذي هي حساسيته، وفي هذا الصدد يجب أن تُصلح ا لحكومة عثرتها، تلزم الطلاب بعد الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية أو حتى الأساس في الدولة المعادية «دولة جنوب السودان» وهي تحكمها حركة التَّمرد. والحركة الشعبية هي دائماً حركة تمرد، وإذا كانت تمردت أول الأمر على حكومة نميري قبل «تطبيق الشريعة الإسلامية».. فقد تمرَّدت على حكومة الانتفاضة التي أطاحت رئيسها نميري، وتمرَّدت على حكومة الصادق المهدي المنتخبة الديمقراطية.. وبعد «نيفاشا» تمردت على حقوق أبناء الجنوب الذين حُرموا من عائدات إنتاج النفط المخصصة لهم لإنعاش الخدمات الصحية والتعليمية، وهي الآن تتمرد على شعب دولة الجنوب، حتى ضاقت مجموعات مهمة بالجيش الشعبي فتمردت هي على «الحكومة المتمردة» في جوبا.. روح التمرد والعدوان في حكومة جوبا لن تزول ولو بمرور الزمن، وقد مر أكثر من نصف قرن على أحداث مجازر توريت، والروح نفس الروح. روح التمرد والعدوان واستهداف مصالح الغير «الاقتصادية» كمنشآت النفط في هجليج أو التعليمية كتفويت فرصة التقديم على الطلاب الأبرياء أو الأمنية كدعم حركات تمرد دارفور لتشجيعها على القيام بعمليات النهب المسلَّح بعد أن انكسرت أمام الجيش الذي قتل أحد قادتها، وهو عكس ما كان متوقعًا. ترى هل ستصلح هذه العثرات «مشيات» الحكومة نحو رعاية مصالح وحقوق مواطنيها من طلاب وغيرهم؟! «كفى الله المؤمنين القتال» ٭ وردت في عمود الأمس بشكل خطأ هذه الآية الكريمة التي نصلِّي بها، ونلتزم بها في حالات معينة لا حاجة فيها إلى القتال، لكن هناك أخطاء شائعة في أذهان بعض الناس نسأل الله أن يجنبنا إياها. وغفر الله لنا ولكم.