دومًا كنت أنظر إلى تلك اللافتة الموضوعة بالقرب من الحصاحيصا على طريق مدني وكتب عليها «طابت الشيخ عبد المحمود» وفي كل مرة كنت أفكر في هذه الأرض التي عُرفت بالشيوخ والطرق الصوفية وبركاتهم المتواصلة، وفي كل مرة كنت امني النفس بزيارة إلى طابت المحروسة ولكن الله لم يشأ ذلك، وأمس الأول لم ادخل طابت فقط وإنما عشت روحانياتها ونفحاتها وأنا أرافق الاتحاد الوطني لشباب ولاية الخرطوم ضمن برنامج التواصل الاجتماعي لننعم بالإفطار بجوار الشيخ الجيلي عبد المحمود الشيخ نور الدائم، ولم يتحقق حلمي فقط بزيارة طابت وإنما نهلنا من علم شيخنا الجيلي الكثير من المعلومات التي قل ما تتاح للعامة، خاصة وان شيخ ألجيلي رجل نهل العلم الديني من بيت عرف بالعلم والمعرفة ووالده الشيخ عبد المحمود هو الحافظ للقرآن في السابعة عشرة من عمره ومن ثم هاجر لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لينهل من علوم طيبة الطيبة، فوجد الشيخ الجيلي علمًا دينيًا «متأصلاً» من مدينة رسول الله، ثم نهل شيخنا الجيلي علمًا دنيويًا من اكبر جامعات السودان وهي جامعة الخرطوم التي درس فيها الآداب وتخرج فيها في العام 1971م ليضع شهادته الجامعية جانبًا ويستفيد من دروسه تلك في تجميع كتب والده القيمة، ليمنح الدكتوراه الفخرية بعد ذلك من جامعة القرآن الكريم لإسهاماته الثرة في نشر علم التصوف، وبهذين العلمين نشأ الشيخ الجيلي ليواصل مسيرة والده وأجداده من قبله على طابت منبع الطريقة السمانية في السودان، وقبل هذا الاسم عرفت تلك المناطق بأم دبيب نسبة لكثرة الثعابين فيها إلا إن أولياء الله الصالحين غيروا ذاك الاسم لتصبح طابت المحروسة وهي محروسة من الجن ومن كل شر بشيوخها الأنقياء الأتقياء. إن مدنًا مثل طابت تعتبر منبعًا للشعاع الديني ويجب أن تجد الكثير من الاهتمام من الدولة وتوفير الخدمات لها باعتبار أن أرضها يقصدها الكثير من أهل الدين والمحتاجين، هذا إلى جانب ضرورة الاهتمام بما يكتبه شيوخ الطرق الصوفية من وصايا وكتب والعمل على نشرها لفائدة العباد والبلاد، وكثيرة هي الدروس والعبر التي تخرج من شيوخنا الأجلاء ولكنها لا تجد الاهتمام من المقربين للشيوخ ولا من الدولة فتضيع تلك الدروس بالإهمال، فهل تجد طابت المحروسة الكثير من الاهتمام من الدولة وحكومة الجزيرة خلال الفترة المقبلة؟ نرجو ذلك..