يعد السودان من الدول الغنية بموارده الطبيعية مما أهله لاحتلال الريادة في العديد من الصادرات على مستوى العالم خاصة في المجال الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي إلا أن النمو الاقتصادي والاجتماعي منذ الاستقلال في عام «1956» كان وما زال أقل من التوقعات مما أدى لتراجع الصادرات السودانية.. وتزامن ذلك مع سوء الإدارة وأسهم برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة الحالية في ارتفاع معدل النمو الاقتصادي خلال فترة التسعينيات من القرن المنصرم.. وساعد بدء إنتاج البترول وظروف الطقس الملائمة للإنتاج الزراعي في تعزيز واستمرار النمو ومع ذلك تبقى المشكلات المتعلقة بانتشار الفقر وسوء توزيع الدخول وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية المقدمة حجر عثرة أمام تطور تلك الصادرات وتشير آخر الإحصائيات إلى تدهور صادرات البلاد بشكل كبير، وأرجع المراقبون الأسباب للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الدولة في القطاعات المختلفة مما كان له الأثر الواضح فمثال لذلك سياسة التحرير الاقتصادي التي كان لها تأثير كبير على الإنتاج خاصة القطاع الزراعي حيث تدهور إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية كالقطن بمشروع الجزيرة والذي تراجع إلى «29» ألف فدان من «1,2» مليون فدان. ومؤخرًا وجهت الدولة الاهتمام بالصادرات بشكل عام عبر النائب الأول لرئيس الجمهورية بإعداد تصور للصادر بشكل عام تسعى الدولة من خلال صادراتها للاستفادة القصوى من إمكاناتها الإنتاجية للسلع والمحاصيل ذات الميزات التنافسية في الأسواق العالمية من أجل الحصول على الموارد لدفع حركة النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأن الصادرات غير البترولية اتسمت في الآونة الأخيرة بضآلة حجمها الأمر الذي أدى إلى دورانها في فلك لا يتجاوز الستمائة مليون دولار في أحسن حالاتها نتيجة لمعاناتها من المشكلات الهيكلية المزمنة والتي تنحصر في عدم تنافسها في الأسواق العالمية لارتفاع أسعارها وتكلفتها المحلية فضلاً عن ضآلة الإنتاج والإنتاجية والتي ظلت تلازمها العام تلو الآخر، ويشير الخبراء إلى وجود العديد من المعوقات التي واجهت الصادرات والتي تتمثل هذه العوائق في عوائق داخلية شملت مشكلات الإنتاج والإنتاجية مما له تأثير واضح على معظم سلع الصادر، ويقول أحد الخبراء الاقتصاديين إن تراجع الصادرات السودانية مرتبط بقدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية على الرغم من أن سياسة تخفيض العملة الوطنية يعتبر واحدة من السياسات التي يمكن أن تزيد من عائدات الصادر مضيفًا أن الصادرات السودانية تدنّت نسبة قبولها مما أثر عليها بشكل واضح لعدم مقدرتها للمنافسة خارجيًا بجانب ضعف الاهتمام من قبل الجهات المعنية بعمل دراسات جدوى لمعرفة الأثر.. خاصة أن الدولة تعتمد من ناحية جغرافية على منطقة معينة والتي تصل لمرحلة الوفرة حيث تؤدي إلى قلة العائد وقال لا بد من عمل دراسات متخصصة لاتجاهات السوق العالمي خاصة أنها في حالة تغير مستمر. ويرى المراقبون أن عدم الثبات في السياسات العامة والسياسات الزراعية، وربط الصادر بفوائض الإنتاج في كثير من السلع له أثر على الاستمرارية في السوق العالمي والمحافظة عليه. كما تتضمن العوائق الداخلية ضعف التمويل الموجه للإنتاج والتصدير والاعتماد على التمويل الذاتي، وحصر المنتجات السودانية على بعض الأسواق التقليدية، وتأثير الضرائب والرسوم والجبايات المختلفة التي تفرض في الولايات على زيادة تكلفة الصادر، فضلاً عن ضعف المعلومات عن الأسواق الخارجية وحجم المنافسة والأسعار العالمية، وضعف وقلة مواعين النقل الجوي والبري والبحري وارتفاع تكلفته، مما يتطلب دراسة وإيجاد حلول لتلك المشكلات بصورة مستمرة وإصدار سياسات لتشجيع المصدّرين.