في أقل من أسبوعين يتمُّ ضبط كميات كبيرة من السلاح مهرّبة إلى داخل ولاية الخرطوم، عبر منافذ ولائية متصلة بدولة الجنوب وولاية جنوب كردفان التي تحتل فيها قوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، بعض المناطق. فقد تم ضبط عربة نقل «دفار - جامبو» عند نقطة التفتيش بكبري كوستي محملاً بالخراف، تختفي بينها شحنة من الأسلحة والذخائر قادمة من جنوب كردفان وهي («34» قطعة كلاشنكوف، و«13» خزنة ذخيرة كلاش، وست علب ذخيرة و«37» كيساً مملوءاً بذخائر مختلفة)، ووضعت هذه الأسلحة والذخائر في رمال بارتفاع «14» سنتمتراً في أرضية العربة الدفار، التي حمِّلت بثلاثين خروفاً للتمويه. وفي ذات اليوم ضبطت السلطات بولاية القضارف عربة تحمل«25» قطعة سلاح كلاشنكوف عند مدخل الولاية كانت في طريقها إلى خارج الولاية كما قيل لدولة مجاورة.. منذ الحادث السابق كتبت الصحف، أن عملية ضبط السلاح هو عمل جيد قامت به الشرطة وجهاز الأمن الوطني بولاية النيل الأبيض ولولا يقظة هذه السلطات والأجهزة وقوة مصادرها في ولاية جنوب كردفان أو الولايات الأخرى لما أنجز هذا الإنجاز، إلا أن التساؤل المشروع لابد أن يقال، ما هو حجم السلاح الذي نجح مهربوه في إدخاله الخرطوم؟ وليست الشحنات التي تم ضبطها هي الوحيدة، لابد أن هناك سلاحاً دخل بالفعل إلى قلب العاصمة .! من الطبيعي أن تكشف السلطات الأمنية والشرطية والجيش واستخباراته في الخرطوم، الجهات التي كانت ستستلم هذا السلاح؟ فالجهات المرسل إليها لابد من معرفتها، ومعرفة حجم وأمكنة وعدد الخلايا النائمة التي تنتمي للحركة الشعبية أو ما يسمى بالجبهة الثورية داخل ولاية الخرطوم. فهذه القضية خطيرة للغاية، وفي ظننا أن السلطات ليست غافلة ولا نائمة وتعرف الكثير، إلا أن الحيطة والحذر واليقظة لابد منها في التعامل مع هذه القضية الخطيرة، التي لم تأتِ من فراغ، فمعروف خلال الفترة الماضية بعد نيفاشا وخلال الفترة الانتقالية التي سبقت انفصال الجنوب، أنه قد تم ضبط كميات من الأسلحة والذخائر تتبع للحركة الشعبية وفي مقارِّها المنتشرة في العاصمة خلال حملة مداهمات الشرطة عامي 2008 و2009م، وأسفرت تلك الحملات في الكشف عن مخابئ السلاح والغرض الذي من أجله تم تخزينها وتجميعها ونقلها من مكان لمكان لتأمين وجودها، والغريب أن بعثة اليونميس التابعة للأمم المتحدة التي ذهبت عن بلادنا عقب الانفصال، كانت متورِّطة في هذا العمل، وكانت سياراتها تنقل هذا السلاح في تلك الفترة مثلما كانت عربات الدستوريين من الجنوبيين من قيادات الحركة الشعبية تنقل وتهرب السلاح إلى داخل الخرطوم. نعلم أن مخطط ما يسمى بالجبهة الثورية واضح ومفضوح، وأهم ما فيه هو إدخال السلاح إلى الداخل، وتسليمه للخلايا النائمة والعناصر المندسة وسط العاصمة في مدنها وأحيائها، والاستعداد لساعة الصفر كما حدث في الهجوم على أمدرمان، وكانت حركة العدل والمساواة في هجومها ذاك في العاشر من مايو 2008 ، تنتظر مساندة من مجموعات داخل الخرطوم لمؤازرتها والوقوف معها إلا أن الله قدّر أمراً آخر وحمى البلاد من أحداث ومواجهات كانت ستكون دامية وحامية الوطيس. يبدو أن نفس المخطط يجري الترتيب له مرة أخرى، والدليل على ذلك أن اليأس لم يدبّ لدى الجهات التي تهرِّب السلاح إلى الخرطوم، فلم تتريث حتى تهدأ الأمور من الحادث السابق، فأصرّت على إرسال شحنة أخرى في فاصل زمني قصير، وهذا دليل على الاستعجال من أجل موعد ما وخطة لابد من الإسراع في تنفيذها. يتطلب هذا الموضوع أعيناً مفتوحة ومتسعة أكثر ولا تنام، ويقظة دائمة من السلطات الأمنية وتشديد المراقبة في النقاط الموضوعة على الطرق القومية وتكثيف الدوريات والمسح بالطائرات العمودية لكل الطرق البرية المؤدية للخرطوم من الولايات الحدودية بصورة دائمة.. حتى تتجنب بلادنا الأحداث التي تأخذنا على حين غرة.