رفعت عبد الرحمن محمد حسين كردي من مواليد حلفا لم يكن من بين احلامه ان يفارق ارض الوطن لأى سبب من الأسباب وبعد تخرجه من الجامعة حصل له شقيقه المقيم بالسعودية على فرصة عمل فغادر يحمل فى طياته املاً بوضع افضل، فبدأ العمل كمدير مالي بالممكلة العربية السعودية واستقر به المقام فتزوج وانجب اربعة من الأبناء.. التقته زاوية حصاد الغربة فكانت هذه الحصيلة: { كيف كانت تجربتك مع الاغتراب والعيش في بلد انت غريب فيه؟ كانت تجربتي في بادئ الأمر صعبة وكنت أعاني من بعض الأشياء ولكن بمرور الوقت بدأت أتأقلم مع فكرة الاغتراب كواقع ولكن مازلت احمل في دواخلي حنينًا للوطن متجددًا لا ينتهي. حدثنا عن معاناتك كمغترب؟ المعاناة التي نعيشها كمغتربين تعتبر مأساة حقيقية تؤرق مضجع كل من فارق وطنه بحثاً عن الأفضل وتحقيق الذات وتوفير الإمكانات، فالحكومة في السودان تعامل من فارق بلاده كرهاً لا طوعاً وكأنه «بقرة حلوب» فلا يغرنّكم ما يُشاع عن تحسين الأوضاع للمغتربين من إعفاء عن المساهمة الوطنية، فهنالك خدمات غائبة عنا والدولة لا تخدمنا في اساسيات الحياة من «تعليم وصحة وسكن»، فمثلاً لا اراضي خاصة لنا ولا مشروعات معفاة اسوة بالدول الأخرى كما يعرف ان رأس مال المشروع ينتهي في بدايات العمل. اما المعاناة الأخرى فهي من ناحية جهاز شؤون العاملين بالخارج ومن المفترض ان يسمى جهاز شؤون «المهملين» بالخارج.. وهناك سلسلة من المشكلات تسمى لجان توزيع الأراضي ونحن لا نرى منهم شيئًا سوى ان لجنة تنبثق منها اخرى دون أي عمل يُذكر اما الآخرون ممن كانوا يمنون انفسهم ولو ب «100» متر فعليهم ان يبحثوا عن مدينة أفلاطون فى أرض الأحلام.. هذا إضافة الى معضلة التعليم لأبنائنا والمغتربون هم في الأساس مصدر دخل للجامعات والكليات العلمية عبر القبول الخاص بالدولار او بآلاف الجنيهات للعام ولا يقل عن «12.000ج».. كما نعاني في الحجوزات والتأخير في الرحلات والشحن الجوي، وفي مجال «الصحة» لا نستطيع ان نعالج ابناءنا في أي مستشفى بالتأمين الطبي الذي لا يشملنا لأننا مغتربون.. اما التأشيرات واجراءاتها العقيمة فحدِّث ولا حرج، إضافة الى رسوم الفضائية السودانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ناهيك من التعامل المسيء للمغترب.. الخدمات التي تتلقاها كمغترب بعيدًا عن الوطن؟ لا توجد خدمات تُذكر، فكل ما يمكن ان يقدَّم هو عبارة عن ترضيات تخضع لاعتبارات من شأنها الإساءة للكيان السوداني بالخارج وهذا واضح من شكل سفارتنا والخدمات التي لا تتعدى الشكليات. اين الخدمات اذن وكيف تقيم الخدمات المقدمة من جهاز المغتربين؟ من المفترض تسميته جهاز «المهملين» بالخارج لأنه لا يقدِّم أي خدمات تذكر الا للعاملين به ولا حس لهم خارجيًا ولا داخليًا الا في الإجازات بإقامة ندوات للنساء المغتربات وندوات للرجال وكلها حبر على ورق.. ولذلك تقييمي لأداء هذا الجهاز «صفر%» لأنه لا يعرف عن المغترب سوى رسوم الخدمات. وما هو شكل الإخفاقات التي ترى أنها تحدث من قبل الجهاز تجاه المغترب؟ الإخفاقات كثيرة لا تُحصى ولا تعد لكن الأمل في تصحيح المسار هو الحلم الذي نتمنى تحقيقه.. كما نتمنى ان تكرم الدولة المغتربين بمنحهم اراضي في ولاياتهم كتشجيع لهم.. وعلى الجهاز القيام بالحصر والإعداد له. العائد المادي والفائدة من الاغتراب هل كانت مجزية بالنسبة لك؟ العائد المادي كان مجزيًا والحمد لله، لكن الآن صار غير مجزٍ للغلاء العالمي وارتفاع اسعار العقارات وارتفاع تكاليف الإعاشة والدراسة والعلاج وخلافه. ما هي طبيعة اهتماماتك بقضايا الوطن وانت في الخارج؟ قضايا الوطن هى واجب نتقاسمه سويًا مع اهلنا بالداخل، فالوطن فى حدقات العيون واهتمامنا به وبمشكلاته ديدن كل سوداني يحمل السودان في قلبه فنتمنى أن نعيش في وطن حدادي مدادي. المشكلات التي تواجهكم كمغتربين؟ المشكلات لا حصر لها، بل هي لا تحصى ولا تعد، التعليم والصحة والرسوم الجامعية والخدمات من السفارة والجاليات ثم الاراضي والاستثمار إضافة الى مشكلات العودة النهائية ورسوم الخدمات. كلمة أخيرة؟ هي كلمة اوجهها لإخواني المسؤولين بالدولة: الرجاء الاهتمام بشريحة «المهملين» بالخارج وتحسين الخدمات لهم.. واناشد اخواني المغتربين بذل قصارى الجهود للنهوض بوطننا شامخًا عاليًا فوق الأمم.. ولكم الشكر والتحية الإخوة في صحيفة «الانتباهة» لإتاحتكم لي هذه الفرصة لأعبر عن قليل من كثير من معاناة المغترب. وابعث بتحياتي لأهلي بحلفاالجديدة القرية «22» إسكان والخرطوم الجريف شرق وعطبرة ووادي حلفا ولكل أسرة آل كردي بجميع أنحاء السودان.