محمد أحمد إبراهيم، يحمل بكالريوس لغة إنجليزية من جامعة أم درمان الإسلامية وشهادة أخرى للتصميم الإلكتروني من جامعة Must University الأمريكية، يعمل مساعد المدير العام للشؤون الإدارية في مؤسسة طبية خاصة بالمملكة العربية السعودية ومدير شبكة «سودان تيم» للتصميم الإلكتروني وحلول الويب والمدير الفني لعدد من المواقع الإلكترونية السودانية والسعودية.. التقيناه في هذه المساحة ليحدثنا عن تجربته مع الاغتراب ومشكلات المغتربين فكانت إفاداته على النحو التالي.. ٭٭ كيف ومتى بدأ اغترابك وهل خططت له؟ أُتيحت لي فرصة الاغتراب في مارس «1998م» إلى مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وكانت محاولة لتحسين الأوضاع المادية لتلبية التزاماتي الأسرية، وقد أتت هذه الفرصة صدفة ولم أخطط لها، ولكن الأقدار وضعتها أمامي وحينها لم أتردد في اتخاذ القرار. ٭٭ ما هو تقييمك لنظرة الحكومة وجهاز المغتربين تجاه المغترب؟ بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة متمثلة في جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج لخدمة المغتربين إلا أنه تظل هناك فجوة إن لم تكن«جفوة» بين المغترب وأجهزة الدولة، والموجود الآن من خدمات أقل بكثير من المطلوب، ونتمنى أن تسعى الدولة متمثلة في الجهاز بتقديم المزيد من الحوافز للمغتربين وتعزيز الثقة لديهم والاستفادة من مدخراتهم من العملات الأجنبية واستثمارها داخل السودان وهي شريحة ضخمة يمكن أن يظهر تأثيرها الفوري على الاقتصاد السوداني كما جاء في توصيات مؤتمر اقتصاديات الهجرة الأخير. ٭٭ برأيك ما هي أوجه المعاناة التي يواجهها المغترب؟ أوجه المعاناة كثيرة فهي تبدأ بمشكلة تعليم الأبناء في السودان ومعاملة طلاب المهجر كطلاب أجانب بفرض رسوم دراسية عالية بالعملات الأجنبية قد لا تستطيع الكثير من الأسر المهاجرة أن تتحملها إضافة إلى مصاريف السكن والإعاشة، أيضاً هنالك مشكلة ارتفاع الجمارك التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من سعر السلعة كالسيارات والأجهزة المنزلية، ولكن هناك بعض التسهيلات تلازم من يعود للاستقرار بصورة نهائية من المغتربين. ٭٭ كيف تقرأ تأثير التحولات الاقتصادية وعدم استقرارها في السودان على المغتربين؟ بالتأكيد التحولات الاقتصادية في السودان لها أثر كبير على المغترب مثلما لها من آثار على من هم بالداخل، فتدني سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية وارتفاع أسعار السلع والخدمات له بالغ الأثر ولا ننسى أن معظم المغتربين لديهم التزامات مادية تجاه أسرهم بالسودان وقد يتعدى ذلك نطاق الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الممتدة. ٭٭ هل من الممكن أن تصبح هذه التحولات أسباباً للهجرة؟ نعم، فهناك مشكلة بين دخل الفرد ومنصرفاته وارتفاع أسعار السلع بشكل كبير، وعلى الدولة أن تجد حلاً لكبح جماح السوق وإعادة ترتيب الوضع الاقتصادي وتحريك عجلة الإنتاج وتنمية الصادر المحلي، فالهجرة لن تكون حلاً حينها. ٭٭ كيف يمكن للدولة الاستفادة من الخبرات المهاجرة؟ أولاً لم تستفد الدولة بالشكل المطلوب من الخبرات المهاجرة، وعلى الرغم من وجود مبادرات يقودها جهاز المغتربين وأخرى تتم بشكل فردي ولكنها ليس لها تأثير، وهذا يستلزم عمل إحصائيات دقيقة للمغتربين في جميع أنحاء العالم بجميع تخصصاتهم وهي بلا شك كثيرة ومتعددة فهناك آلاف من أساتذة الجامعات وأصحاب التخصصات النادرة والأطباء والمهندسين والفنيين يجب حصرهم وتصنيفهم، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التخطيط للاستفادة من هذه الخبرات عن طريق مشروعات العودة الطوعية «مشروعات جماعية أو فردية» أو دمجهم في القطاعين العام والخاص خاصة أنهم يمتلكون خبرات جيدة جدًا وقد صقلتهم تجاربهم في بلاد المهجر. ٭٭ كيف تنظر لاستثمارات المغتربين بالداخل؟ معظم الاستثمارات الموجودة تمت على شكل فردي واجتهاد شخصي، والذي كما نعلم أنه معرّض أكثر من غيره للفشل نتيجة لأسباب تتعلق بالمستثمر نفسه، وأخرى متعلقة بالقوانين، عدد كبير من المغتربين دخلوا في مشروعات خاصة ولم تنجح لعدة أسباب منها بُعد المغترب عن بيئة العمل لفترات طويلة وجهله بالمستجدات، وواقع الحياة في السودان، وأعتقد أن الحل يكمن في إيجاد كيان اقتصادي موحد ذي أنشطة متعددة يستوعب هذه الاستثمارات الصغيرة ويقدم الضمانات الكافية للمغترب حتى يستثمر مدخراته. ٭٭ هل صحيح أن جهاز المغتربين عبارة عن مركز لجباية آثار الغربة؟ للأسف هذه هي النظرة العامة، وربما يحتاج الجهاز لحملة علاقات عامة قوية تعيد الثقة بينه وبين المغتربين، كما أن للسفارات دور مهم يجب أن تضطلع به وأن تربط المغترب ببلده بالبرامج الثقافية والأنشطة الاجتماعية وأن لا يقتصر دورها على تجديد الجوازات وختم الوثائق وتحصيل الرسوم. ٭٭ أليس للجهاز أي خدمات محسوسة قدمها لكم كمغتربين؟ ساهم الجهاز مؤخرًا في تقليص الإجراءات التي يقوم بها المغترب عند تأشيرة الخروج وإن كنا نطمع في المزيد من التسهيلات حتى تتم جميع الإجراءات عبر نافذة واحدة وأحيي جميع العاملين بمبنى الجهاز على جهودهم في خدمة المغتربين. ٭٭ وما هي الخدمات التي يحتاجها المغتربون ويجب أن يوفرها لهم الجهاز؟ يحتاج المغترب لتوفير العديد من الخدمات منها تسهيل إجراءات الدخول والخروج، وتخفيض الرسوم الجمركية وإعفاء المغترب العائد نهائيًا منها، أيضاً توفير التعليم لأبناء المغتربين في الجامعات السودانية برسوم معقولة وتوزيع مخططات سكنية بجميع مدن السودان، وأهم ما يحتاجه المغترب دعم مشروع العودة الطوعية وتقديم تسهيلات للمستثمرين المغتربين. ٭٭ ختاماً.. هل استفدت من الغربة وما هو حصادك منها؟ على الصعيد الشخصي أستطيع أن أقول نعم والحمد لله، فقد حققت ما كنت أحلم ب، ولكن تبقى المشكلة في اتخاذ قرار العودة النهائية والتي تمثل لي هاجساً على الرغم من أنه حلم كل مغترب أن يستقر في ربوع بلاده بين الأهل والأحباب.