مؤكد أن الكثيرين لا يعرفون معنى كلمة «عايرة» لأنها لفظ بلدي جداً وقروي خالص وريفي مية مية.. والفعل عار يعير بمعنى جرى وهرب مسرعاً، ويستعمل لوصف حالة الهرب التي تقوم بها الحيوانات خاصة الحمير، ويمكن ان تسمع احدهم يقول إن الحمارة عارت او الحمار عار، ولكنه لا يقول إن الحصار عار. وقد جاء المثل السوداني «عايرة وأدوها سوط» بمعنى أن الأمر على الرغم من تفاقمه وتعقيده فقد تجد انك مضطر لأن تزيده تعقيداً حتى تتمكن من إيجاد الحل.. والبعض قد يرى أنه ما دام انها «عارت» فلا بأس من ان «تعير زيادة»، والطرفة التي يتداولها أهلنا المصريون تقول إن امرأة «نقّاقة» كانت تحتج وتشكو الى زوجها بأن الشقة ضيقة جدا ولا تسعهم. ولهذا فهي تطلب وتلح على أن ينتقلوا إلى دار اوسع، والزوج لم يكن قادراً على تلبية طلبات زوجته، وهو غير قادر على سماع هذه «النقة» اليومية، ولهذا فقد لجأ الى رئيسه في المكتب وشاوره في الأمر وطلب منه النصح.. والرجل نصحه بأن يقوم بشراء قفص دجاج ويجعل له ركناً في الشقة.. وفعلاً قام بشراء الدجاج ووضعه في الشقة والدجاج يصيح و«يكاكي» والمرأة أعصابها «باظت» وصارت تهدد وتتوعد مطالبة بإخراج الدجاج من الشقة الصغيرة.. وقام الزوج باستشارة صاحبه الذي نصحه بأن يقوم باحضار نعجة ويسكنها معهم في الشقة اضافة للدجاج، وبالطبع فإن السيدة صارت «تكورك» بطريقة هستيرية مطالبة بإخراج النعجة المزعجة.. ومرة أخرى شاور الزوج صديقه وأخبره ان السيدة الآن مازالت «تكورك» فنصحه صديقه بأن يقوم بشراء بقرة متوسطة العمر والحجم ويقوم بإدخالها في الشقة مع النعجة ومع الدجاج.. وقام الرجل بتنفيذ الفكرة وهاجت المرأة وماجت وصرخت وأرغت مطالبة بإخراج كل هذه الحيوانات، ولم تهدأ من «الكواريك» يومياً من الصباح وحتى المساء.. وظلت على هذه الحال لأيام عديدة.. وعندها طلب الرجل من صديقه المشورة والنصح، فنصحه بأن يقوم بإخراج الدجاج والتخلص منه.. ولما فعل ذلك هدأت المرأة نوعاً ما ولكنها مازالت تطالب بإخراج النعجة والبقرة.. وقام الرجل بعد أيام بإخراج النعجة والتخلص منها فاستقرت أحوال السيدة وهدأت بدرجة عالية.. وبعد أسبوعين قام بإخراج البقرة وهدأت المرأة تماماً وسكنت جوارحها، ونسيت أية مطالبة بالرحيل من الدار أو البحث عن شقة. وعلى كل حال يبدو أنه كلما كان سقف المطالب كبيراً من أحد الأطراف وكان الموضوع «عاير» وقام الطرف «المطلوب» بالتصعيد، فإن سقف المطالب يقل تدريجياً، حيث أن الاهتمام الجديد «للطالبين» يتحول إلى حل التعقيدات الجديدة ونسيان «الطلب الأساس». وكل أمنياتنا الآن أن تكون مسألة الاتفاقية مع الجنوبيين بتعقيداتها «الثمانية» وحرياتها الأربع شيئاً يشبه الدجاج والنعجة والبقرة.. وأنا شخصياً أؤيد الحكومة في كل ما يمكن أن تتوصل إليه من قضايا الحدود والتجارة والأمن بكل تفاصيله، فقط نحن الكثرة الغالبة لا نقبل بالحريات الأربع، وهي تمثل البقرة المزعجة بالنسبة لنا والقشة التي قصمت ظهر البعير.. اتفقوا مع حكومة الجنوب على الحدود حتى لو كانت في الكلاكلة صنقعت «مبالغة مش؟» واتفقوا معهم على نقل البترول حتى لو كان البرميل مجاناً أو «ندفع نحن» من جيبنا. واتفقوا معهم على التجارة حتى لو تبرعتم لهم مجاناً بكل الذرة وكل البصل المنتج في ولاية كسلا وولاية نهرالنيل. واعطوهم أى «حاجة عايزنها» الزيت والفول وموية الفول مجاناً، فقط لا تدعوهم يرجعون إلينا.. أوقوفهم عليكم الله عند حد دولتهم التي قالوا إنها «جنة عدن» بتاعة باقان وعرمان، وصوتوا لها بنسبة 99.9%. دعوهم يستمتعون بالفردوس المقيم في جوبا.. لا نريدهم أن يكونوا مواطنين أو ضيوفاً من الدرجة الثانية أو الثالثة أو حتى العاشرة.. لا نريد أن نرى قوماً تنكروا للأرض التي ربتهم وآوتهم وعلمتهم واحتضنتهم، فلم نسمع منهم ومن زعمائهم وهم يودعوننا غير أن قالوا: باي باي لوسخ الخرطوم.. باي باي لوسخ المندكورو.. باي باي للإسلام.. باي باي للعروبة.. يا جماعة طبقوا علينا أية اتفاقية وأي قانون مجحف حتى لو كان قانون حمورابي بتاع ما قبل التاريخ، فقط ابدعوا عنا ناس الحركة الشعبية ودعونا نعيش بسلام لوحدنا من غير جنوبيين. كسرة: يا جماعة قالوا كادوقلي تاني ضربوها.. وبالطبع يحدث ذلك بدعم وتسليح من حكومة دينكا سفا كير.. فمتى يتوقف فك الارتباط بين الجنوبيين وناس عرمان.. متين يا جماعة؟! كسرة ثانية: قالت أخبار الصحف إن سلفا كير أعلن عن رغبته في الدخول وسيطاً بين حكومة السودان وقطاع الشمال بتاع عقار وعرمان.. يا جماعة هل نحن عندنا قنابير... عقار وعرمان ومن معهم صنعهم سلفا كير.. فكيف يكون وسيطاً... وعقار وعرمان وجماعتهم يضربون جنوب كردفان بسلاح سلفا كير.. ويقيمون في منزل سلفا كير.. ويأكلون من ملحه وملاحه.. فكيف يكون صانع الحرب وسيطاً فيها؟.. لن تكون وساطة سلفا مقبولة حتى من قبل أطفال المدارس.. مش كده يا جماعة. كسرة ثالثة: أوردت صحف الأمس أن دفاراً رابعاً جاء يحمل السلاح محشوراً مع الضأن قادماً من جنوب كردفان إلى الخرطوم.. وبالطبع هو مشحون من حكومة الجنوب لإثارة الرعب في الخرطوم بواسطة الخلايا النائمة والحايمة.