هذه الحجوة من غرب السودان.. وسبق أن تناولنا أحاجي من منطقة الدناقلة بشمال السودان. و«أم دبجون» اسم للنعجة.. وكثير من الأحاجي السودانية تشابهت مع الأساطير العالمية القديمة كما جاء في كليلة ودمنة والفيلسوف ايسوب ومن جاء بعدهم من الكتاب العالميين الذين استثمروا الحيوان في حكاياتهم وقصصهم ورواياتهم وأمثالهم لما للحيوان من جاذبية خاصة لدى الأطفال. ولغتنا الدارجة بغرب السودان هي لغة في أصولها العربية موغلة في القدم وتجد فيها الحنيّة.. لذا وجب شرح بعض مفرداتها حينما تهم بكتابة أي نص تراثي مثل هذا مثلاً:«أم دبجون» اسم لنعجة.. وهذه النعجة لها أغنية طريفة تتغنى بها وهي تهرب من «المرفعين» أو الذئب كما يرد في الروايات العربية الفصحى باسم «الذئب». فأغنيتها التي ستأتي في (الحجوة) تقول: الدويك طلع الشجرة والحصان رِجلا مَرَقا والحمار بُدْنا كَتلاَ ناس أم دبجون ليهم الله.. ناس أم دبجون ليهم الله فالحصان (رجلا مرقا) أي ولى هارباً.. (مرقتو رجليهو) الحمار (بُدْنا كتلا)... أي لأنه بدين وسمين وشبعان تسبب ذلك الشبع في قتله. ونأتي لنعيش مع تلك النعجة الذكية بمناسبة عيد الضحية.. لنرى أنه حتى نعاجنا التي ارتفعت أسعارها هذا العام كان لها في التراث قيمة أدبية و(لحمية ولَبَنِية). ذكاء أم ديجون: حجيتكم ما بجيتكم خيراً جانا وجاكم.. أكل عشانا وفات خلاكم. قالوا مرة الحمار طلب من أصحابو: النعجة والحصان والديك يمشو معاهو رحلة... الحصان قال للحمار إنت عارف الغابة فيها المرفعين.. وإنت يا الحمار بمجرد ما تشبع معروف بتقوم تهنِّق، أنا عارفك بتجيب لينا مرافعين الغابة كلها. الحمار إتعهد بأنه ما بيهنق.. أخيراً اتفقوا ومشوا الغابة... في الغابة لقوا ليك القش والأكل والموية... استمتعوا جداً وأكلوا ولعبوا وشبعوا. أما الحمار لمن شبع نسى... وبس طوالي رفع راسو وزي عادتو بدأ يهنق: ها ها ها ها. صاحبنا الديك طوالي خارج رقبتو.. أقرب شجرة طلع فيها. والحصان أصلوا ما كضب قَبَّل على الحلة وقال يا ويل.. «كربت كربت كربت» قام جاري. صاحبتنا النعجة المسكينة جرت ورا الحصان ما حصلتو. وقعدت تجري وتغني وتبكي بصوت حنين وتقول: الدويك طلع الشجرة الحصان رجلا مرقاااااا الحمار بدنا كتلااااا ناس أم دبجون ليهم الله.. ناس أم دبجون ليهم الله ناس أم ديجون... والحمار يهنِّق ويهنِّق وهو ناسي لمن كف ف ف ينط ليك مرفعين يكسر رقبتو واتلمو عليهم المرافعين قطعوهو واتجابدوهو.. واحد من المرافعين شاف ليك النعجة.. من بعيد وطبعاً لحم الضان حلو.. وقام جاري وراها يكورك ليها: أم دبجو ووون... ام دبجوووون... أقيفي الليله ناكلك.. النعجة ردت عليهو: خلاص حأقيف.. لكين أمشي جيب ليك موية من البحر عشان جلدي فوقو حسكنيت.. المرفعين يمشي البحر ويملأ خشمو موية ويسكها.. لمن يحاول يكورك ليها يغلبو لأنو الخشم مليان مويه.. ويضطر يدفق الموية ويكورك.. والنعجة في المسافة دي تجري وتكورك: الدويك طلع الشجرة الحصان رجلا مرقااااا ناس أم بجون ليهم الله.. ناس أم دبجون..... النعجة كسبت الزمن وبذكاء عطلت المرفعين الغبي.. في المسافة دي يجوا ليك رجال الحلة راكبين الحصان بي حرابهم.. وعاينو لي المرفعين سمح وناشوهو ليك.. وقع ميت وأنقذوا النعجة المسكينة والحمار راااح فيها بغبائه ولأنه «ما التزم بالعهد» ورجعوا ومعاهم الديك.