ضمن الآليات المعطوبة الكثيرة بالبلاد، كانت قصة قضية النادي الألماني السوداني الذي بعد أن تحولت إدارته من السفارة الألمانية وأصبحت ملكية سودانية، حتى حاولت نفس الإدارة إعادته مرة أخرى عبر لقاءات تمت بالنادي، يعتبر النادي الألماني الذي تقع أراضيه في العمارات شارع واحد، من أقدم الأندية، حيث تأسس العام 1959م. قصة النادي التى بدأت قبل أسبوعين بخبر مفاده أن رئيس النادي وهو مستشار بوزارة العدل يدعى أنور محمد حامد الياس- رغم أن استقالته قبلت من الدولة في أبريل من العام الجاري، لكن جرد الحساب للنادي بدأ في التحقيق لما قبل تلك الفترة، عندما تجاوز وكيل النيابة الأول أنور محمد حامد قوانين وزارة العدل وترشح ليتبوأ منصب رئاسة النادي، معللاً بأنه من حقه تبؤ هذا المنصب، كما أوضح في تعقيبه ل«الإنتباهة»، لكن السؤال: لماذا لم تحاسبه وزارة العدل إذا كانت لديها سلطة حقيقة، لماذا صمتت زهاء عامين وسمحت له للقيام بذلك الدور، هل لها دور في الصراع الدائر؟ في هذا التحقيق نستجلي الحقائق عبر الوثائق. وكيل النيابة ورئيس النادي ما العلاقة؟ عمل وكيل النيابة المستقيل أنور الياس رئيساً للنادي الألماني منذ العام 2010م، وهو حينها يعمل مستشاراً في ديوان النائب العام، والذي خالف في ذلك الوقت لائحة سلوك المستشارين القانونيين العاملين بالدولة حسب منطوق المادة «48» من قانون تنظيم وزارة العدل، وحسب تفسير المادة فإن السلوك قصد به «الامتناع أو إتيان فعل يحط من وظيفة المستشار القانوني أو لا يليق بمركزه الرسمي»، وفي ذات المادة في الفقرة الثالثة «ه» ذكر أنه «لا يجمع بين وظيفته بالوزارة وأية وظيفة أخرى»، وفي الفقرة «و» «لا يمارس أية تجارة أو عمل أو الاشتراك في إدارة أية شركة أو شراكة إلا بموافقة مكتوبة من وزير العدل»، وبحسب هذه المواد نجد أن وكيل النيابة المستقيل كان يجمع بين وظيفتين دون موافقة من وزير العدل، بحسب تعقيبه على الصحيفة الذي قال عندها إنه لا يوجد ما يمنع ممارسته لرئاسة النادي، والحقيقة أن كلمة «أخرى» التى ذكرها قانون وزارة العدل تضع تحت اعتبارها بالتأكيد كل الوظائف مهما كانت اجتماعية، بما في ذلك بالتأكيد حتى اللجان الشعبية للأحياء، أي أن النص عام، وبالتالي فإن مخالفة وكيل النيابة له واضحة، والسؤال هنا: لماذا لم تحرك وزارة العدل إجراءات ضد مستشارها، أو حتى تمنعه من مزاولة تلك المهنة، ولماذا انتظرت الوزارة حتى يتقدم وكيل النيابة السابق أنور باستقالته، كل ذلك نتوقع أن ترد عليه الوزارة، يفيد تساؤلات الرأى العام عن تلك القضية، وهل فعلاً تسمح الوزارة لمستشاريها برئاسة النوادي رغم أنهم لا يتقاضون أموالاً جراء ذلك، وهي تعلم أن تلك النوادي تدر عليه الملايين، مما يثير شبهة أي شخص يتولى رئاسته، والعمولات التى تؤخذ من قبل شركات الإعلان المحلية والدولية. قضية الفساد المشطوبة القضية التى رفعها وكيل النيابة المستقيل على رؤساء النادي السابقين بأنهم قاموا بفعل يشتبه أنه فساد، مما جعل من القضية مثار اهتمام الرأى العام في ذلك الوقت، كان وكيل النيابة المستقيل يمارس ويقاضي الإدارة السابقة، وهو يمارس عمله في ديوان النائب العام، فهل أيضا تسمح وزارة العدل بذلك، لا ندري، لكن المهم في القضية التى رفعها وكيل النيابة المستقيل أنور، على أعضاء النادي بأنهم قاموا بفعل يشتبه أنه فساد، وتم شطبها لعدم وجود الأدلة، ولعل الحادثة تؤكد أن وكيل النيابة المستقيل أنور كان يمارس دوره، والأغرب من ذلك هل سكوت وزارة العدل على ذلك يعني أنه على صواب، لا ندري، ولكن يجب على الوزارة أن تدافع عن نفسها. الدستور المزور!! بدأت قضية الدستور المزور عندما قام وكيل النيابة المستقيل أنور ومعه مجموعة من أعضاء النادي بوضع دستور جديد للنادي للانقلاب على ما تبقى من أعضاء النادي السابقين، خاصة وأن النادي يحظى بعضوية كبيرة من أشهر العائلات بوسط الخرطوم، هذا بخلاف أن شركات الإعلانات تركز عليه دون غيره من الأندية الأخرى نسبة للأجانب والأسر الشهيرة التى ترتاده وتملك عضويته، هذا بخلاف الأموال الطائلة التى تدرها عليه العضوية ومن الجهات المانحة، وبحسب محضر اجتماع اللجنة التنفيذية للنادي رقم «20» بتاريخ 13-7-2011 م الذي تملك «الإنتباهة» نسخة منه فإن رئيس الاجتماع قال إن «اللجنة التنفيذية للنادي بها إنقسام» ولعل حديث رئيس الاجتماع يدلل على وجود صراع منذ ذلك الوقت بين أعضاء النادي، حيث يقول احد الاعضاء في ذات الاجتماع: «إن النظام الأساسي أو الدستور الذي وزع على الأعضاء مجاز بواسطة الجمعية العمومية، والنظام الأساسي الذي يحمله رئيس النادي به تعديل ولا يوجد نظام أساسي لدى المسجل» أما العضو أحمد بابكر فقال «النظام الأساسي المجاز بواسطة الجمعية العمومية يختلف عن الموجود حالياً، لأن المجاز بواسطة الجمعية العمومية فيه ينوب نائب الرئيس عن الرئيس، وكان ذلك في يوليو 2010م، والأمين العام يقوم بكتابة محاضر الجمعية العمومية، ولا إشارة لأن ينوب الأمين العام عن الرئيس إلا في حالة غياب الرئيس ونائب الرئيس»، ومن حديث الثلاثة يتضح أن رئيس النادي وضع الأعضاء أمام الأمر الواقع بدستور جديد، حدد من خلاله ليكون منصب الأمين العام نائباً له، في حين أن الدستور المجاز من الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة يتحدث أن الأمين العام عليه فقط تسجيل وقائع المحاضر، وليست الإنابة عن الرئيس من عدمها، وفي ذات الاجتماع ذكر العضو أحمد بابكر أنه «ثمة تعديل في النظام الأساسي ولا أريد أن أقول تزوير، هناك تعديل في النظام الأساسي «الدستور» بحسن نية أو بسوء نية، وهناك شخص قام بهذه المشكلة ولا نلوم المسجل»، انتهى حديث أحمد بابكر. وخلص الاجتماع إلى تكليف رئيس النادي - وكيل النيابة السابق- أنور والأمين العام بمقابلة المسجل العام لوزارة الثقافة. إذاً، بحسب محضر اجتماع اللجنة التنفيذية للنادي، فإن الانقسام والصراع واضح، بالإضافة إلى أن التزوير أوضح بلسان محضر الأعضاء، أما بمحضر الاجتماع رقم «21» حيث غاب عنه رئيس النادي وبحضور «8» أعضاء من «13»، حيث تحدث نائب الرئيس عبد الله معتصم بأنه تمت مناقشات قضية منصب نائب الرئيس في الدستور لحل الإشكالات، وأن الهدف من وجود رئاسة للنادي حل المشاكل وليس العكس، ورغم تلك التنازلات التى سادت الاجتماع لكن يبدو أن الهدوء والطمأنينة كانت وراء العاصفة التى لحقت بالنادي بعد ذلك. بدورها «الإنتباهة» التقت إحدى المجموعات المتصارعة على النادي، في حين رفضت المجموعات الأخرى الحديث. خطاب رسمي يؤكد مزاعم التزوير في الخطاب الرسمي الذي وجه من وكيل وزارة الثقافة والإعلام عبد الدافع الخطيب وممهور بتوقيعه، وموجه إلى وكيل وزارة العدل بخصوص الجمعية العمومية للنادي الألماني للعام 2012، والصادر بتاريخ «الثالث من أكتوبر من العام الجاري» ذكر الخطاب الآتي: «نرفع لسيادتكم النظام الأساسي للنادي الألماني لادعاء بعض الأعضاء بوجود تزوير في هذه النسخة المعتمدة لدينا، ما اضطرنا لتأجيل انعقاد الجمعية العمومية، نرجو من سيادتكم استجلاء الأمر وإفادتنا»، انتهى حديث وكيل الوزارة، إذاً إن الحديث عن التزوير في دستور النادي الألماني هو حالياً بيد وزارة العدل التى تحقق في القضية، وينتظرها كافة الأعضاء لمعرفة نتيجة الحكم، خاصة وأن الوقائع تشير إلى أن الطرفين يحملان من الوثائق ما يكفي، بالتالي فإن الدولة هي التى ستحكم، لكن لصالح من؟ سيتضح ذلك خلال الأيام المقبلة بعد قرار لجنة التحقيق التى شكلتها وزارة العدل للنظر في القضية. نواصل،