التقى نهاية الأسبوع الماضي السيد/ كمال عبد اللطيف وزير المعادن، والسفير الروسي.. وقد سبق هذا اللقاء، لقاء وفد روسي رفيع المستوى بالسيد كمال عبد اللطيف بوزارة المعادن، وتناول اللقاء مواضيع شتى تتعلق بالتعدين والارتقاء به على كل الأصعدة، سيما وأن روسيا تعد من كبريات الدول، وفوق هذا و ذاك لديها مصالح إستراتيجية كبرى في الإقليم، شأنها شأن أية إمبراطورية كونية تبحث لها عن تحالفات واتفاقات اقتصادية وتجارية تحقق لها توازنات في علاقاتها الدولية والإقليمية. ومعلوم أن روسيا ومنذ عهد القياصرة كانت تضرب أكباد المطايا من أجل الوصول إلى شواطئ المياه الدافئة في منطقة المشرق العربي، بحكم موقع هذا الإقليم وارتباطه باستراتيجيات الدول الكبرى. والجديد في الاتفاق هو استعداد روسيا لتوسيع دائرة التعاون التقني والعلمي في مجال التعدين. ومعدات وتقنيات دولة مثل روسيا لا تقف عند حدود تعدين الذهب فحسب، خاصة وأن أرض السودان تعج بالعديد من المعادن النفيسة، والتصديق لروسيا في السودان يعد اختراقاً كبيراً في مجال العلاقات الدولية والاستثمار، ورفد الإقتصاد السوداني وتجديد خلايا الإنتاج ومحاربة ومحاصرة دوائر الفقر. فالتعدين ووزارته أصبحتا أكبر ممول للخزانة والاقتصاد السوداني من حيث النقد الأجنبي، أكثر مما يدره البترول ومشتقاته، علماً بأن المعادن بالسودان متعددة وسوف تنقب عنها روسيا التي قطعت شأواً بعيداً في علوم التعدين. وفي كل الظروف يأتي هذا الاتفاق في وقت تتوجس فيه الدولة العبرية من تطور قدرات السودان التصنيعية والتقنية، ولكن أن تتفق وزارة المعادن مع دولة روسيا اتفاقاً ذا أوجه متعددة في مجال التعدين والسماح لكبريات الشركات الروسية للعمل بالسودان في مجال المعادن ورفد التجربة السودانية التعدينية بمقدرات وإمكانيات روسيا، في وقت تصطرع فيه الدول الكبرى على موارد الطاقة والبحث عن المعادن خاصة المعادن النفيسة التي تدخل في صناعات مهمة ذات أبعاد إستراتيجية في مجالات عدة. عطفاً على ذي قبل، معلوم أن هناك دولاً كبرى تعمل جادة لتعطيل مسيرة بعض دول عالمنا الثالث حتى لا تلحق بركب النهضة والتنمية، وترتقي بمواطنيها وتلعب دوراً قيادياً في الإقليم الذي ننتمي إليه، وحينما تتعلق أسباب دولة ناهضة بدولة كبرى عبر تحالف استراتيجي ذي وجوه متعددة، خاصة مع دولة بحجم روسيا التي تملي عليها اليوم مصالحها الدولية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، أن يكون لها موطئ قدم بالمنطقة عبر اتفاق إستراتيجي كبير يؤسس لعلاقات إقليمية وتعاون شامل. ونجاح الوزير كمال عبد اللطيف بوضع لبناته وأسس قواعده على أساس متين له ما بعده، وهو أمر سوف تبين ملامحه في مقبل الأيام حينما يتنزل الاتفاق إلى أرض الواقع.