«كثيرون هم أوليك السودانيون الذين ابتلعتهم المهاجر سنين عددا وجرت دماء الغربة في اوصالهم فتشبعوا بعبق التجربة وعطرها كسبًا وبراحًا ورفاهية ومعيشة هنية واخرون شربوا من كاساتها علقمًا وحرماناً وعزلة وحصدوا سراب السنين فضاعت اسرهم ثم ضاع حق الوطن وهم في غفلة من امرهم، فالتجارب الحقيقية هي التي يحصد ثمارها الوطن الكبير قبل حدود الاسرة، ورغم ان المَهاجر تأخذ من المغترب كل الجهد وكل الحصاد الا ان هناك من اخلصوا للوطن واستقطعوا من خاصتهم الى الحق العام والسودانيون بمنطقة جدة يعرفون تمامًا ان هناك رموزًا وطنية واجتماعية عركتها التجربة ونحن هنا لا نتجاوز اخينا او شيخ العرب محمد الحسن الهواري.. جلسنا اليه بمكتبه عبر هذه الزاوية نلقي بعض الاضواء على تجربته وحصاده في المهاجر وهذه هي الوجبة الثانية والأخيرة مع الهواري» الأخ الهواري برأيك ما الدور او المسؤولية التي يمكن ان تقوم بها القنصلية السودانية في ظل هذا الصراع المحتدم؟ اقول للقنصلية بما انك تمثلين الدبلوماسبة الرسمية التي ترعى هذا العمل لا بد ان يكون هناك دور وفاقي بين كل الاطراف ويمكن للقنصلية تشكيل لجان تحت رعاية واشراف القنصل العام ونوابه ومساعديه بحيث يكون هناك عمل مؤسسي يعالج كل هذه الخلافات ويبحثون في مسببات هذا السرطان الذي اصاب الجالية والعمل على استئصاله وبحكمة وعبر رجال مؤثرين ومدعومين من القنصلية نفسها والا تقف القنصلية موقف المتفرج فلا بد لها من دور بارز وفاعل، فنحن كلنا نعمل تحت اشراف الدبلوماسية الرسمية ونحن ايضًا نحترم انظمة وقوانين المملكة العربية السعودية ويجب ان يعلم الجميع اننا الدولة الوحيدة المسموح لها بالعمل في الجاليات والروابط، ونشكر فخامة خادم الحرمين وحكومته الرشيدة وولي عهده الامير سلمان والاسرة المالكة فهم الذين اعطونا خصوصية في التعامل بكل الاحترام والسماح لنا بممارسة كل الانشطة الخاصة بالجالية فالدولة السعودية تساهلت وتسامحت معنا بشكل غير مسبوق فاذن لا بد من الوفاء لأهل الفضل. وما الذي كان يجب ان يقوم به جهاز المغتربين وكيف تقيِّم تعاطيه مع شؤون المغتربين ؟ اعتقد ان هناك جهودًا ومساعي لكنها لم ترتقِ لمستوى طموحات المغتربين فلم يبلغ هذا الجهاز اهدافه وغاياته حتى الآن تجاه العاملين بالخارج فالكل الآن يعاني فأنا من العام 1981 ادفع للدولة ضرائب وعوائد واشارك في كل الأنشطة وكل المجالات فأنا الآن على وشك العودة، ماذا اعدت لي الدولة هناك لا شيء، ولهذا فإن المغتربين يجأرون بالشكوى، واعتقد ان على جهاز المغتربين النظر لقضايا المغتربين باهتمام وتقدير لان هذا المغترب في يوم من الايام كان بمثابة البقرة الحلوب والان الوضع تبدل كثيرًا والظروف الاقتصادية تدهورت فلا يمكن ان نزرع اكثر من ثلاثين عامًا وعندما يأتي زمن الحصاد لا نجد ثمارًا هذا غير مقبول فمن باب اولى ان يعطي جهاز المغتربين العناية الأولى والنظرة الصحيحة للمغترب الذي ضحى وهجر والديه واولاده حتى يعيش كريمًا ويرفع رأس السودان في المهاجر ويجب البحث في مطالب المغتربين والعمل على تلبيتها. قطاع كبير من المغتربين يعتقد ان الحكومة اهملتهم ولم تعترف بوفائهم فكيف تقيم السياسات الكلية للدولة تجاه المغتربين؟ يا أخي المغترب عندما يرجع للوطن لن يجد أي دعم من الدولة وكان من المفترض ان يعامل المغترب بخصوصية ويُسمح له بحمل كل ما يحتاج إليه في بلده من عربات ومعدات واجهزة ورغم اننا سمعنا بان هناك اشياء مسموح بحملها عند العودة ولكن للاسف هذا لم يحدث وجهاز المغتربين كان لزامًا عليه ان يسعى مع الدولة لإعطاء التحفيزات للمغتربين عبر نظام واتفاق واضح مع الدولة على ان يكون ذلك في شكل سياسة واضحة وفاءا لخدمة المغترب لكن الواضح ان هناك حالة احباط عامة يعايشها المغترب السوداني بسبب عدم وجود سياسة واضحة من الدولة تجاه المغترب فلا بد من الوفاء لأهل العطاء. الأخ الهواري الم تفكر في العودة؟ والله لا بد من الرجوع وان طال السفر، وكثير من الرموز وزعماء القبائل والوزراء طرحوا عليَّ هذا السؤال، ونقول لكل هؤلاء القدم ليها رافع ولكن حتمًا سنرجع. ما هي اهم المكاسب التي حققتها على الصعيد العام والخاص؟ اولاً يجب ان تعلم اني تربيت في بيت عز وفي الخير ولم اخرج من السودان بحثًا عن المال او لأسباب سياسية، وكنت اقول لأهلي امشوا انتو اغتربوا انا اقوم ليكم بالواجب هنا، ولكن وجدت نفسي باني من الاوائل في الاسرة الذين اغتربوا كنا حوالى ثلاثة اشخاص او اربعة من الاسرة او القبيلة ثم بدأت في استجلاب اهلي وعشيرتي وحسب المحتاجين للاغتراب ففي فترة وجيزة عملت لهم اكثر من «280» تاشيرة والآن اهلي في المملكة العربية السعودية اكثر من «2300» وبحكم علاقاتي هنا وظفت اكثر من الفي سوداني في مراكز مرموقة في مختلف مدن المملكة ومن المكاسب ايضًا التي تحققت لي ان هذا البلد فيه الخير والانسانية والمروءة فغرس فينا عمل الخير ومساعدة الآخرين وكنا نجد الاحترام والتقدير من الاخوة السعوديين. ماذا في خاطرك من قضايا وهموم حول أوضاع المغتربين؟ اطلب من الشعب السوداني ونحن في مرحلة مفصلية والسودان مستهدف من الغرب وبشكل واضح وادعو الشرفاء من السودانيين للنظر إلى مصلحة البلد وجمع الكلمة والتوحد سواء الحكومة او المعارضة تحت عباءة وطنية مجردة وصولاً لوفاق وطني جامع وتجنب الحروب والاحقاد، فالتاريخ لا يرحم، فاذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه الآن فستكون هناك صوملة او افغنة او عراق فالسودان الآن يكون او لا يكون. الشكر للاخوة في الإنتباهة على هذا الدور الفاعل والمؤثر الذي تقومون به الأن في المهاجر.