تعود علاقات روسيا بمنطقة الشرق الأوسط منذ عهود القياصرة، وكان حلم كل سادة الكرملين الوصول إلى المياه الدافئة في المنطقة العربية وخلق تعاون إستراتيجي كبير لروسيا بحكم مسؤولياتها الدولية والإقليمية وسياساتها الخارجية سيما وأن الولاياتالمتحدة وحليفاتها تكاد تنفرد بكل المناطق الحيوية بأرض الوطن العربي وما يحيط به من بحار ومعابر مائية مهمة وما يقبع تحت أراضيه من معادن نفيسة نادرة تتنافس كبريات الشركات العالمية التي ترتبط اقتصادياتها بسياسات الدول التي تتبع لها ولقد حدثت في إقليمنا في العقد الأول من الألفية الثالثة تداعيات وتحولات كبرى غيرت كثيراً من موازين القوى وأحدثت تحولات سياسية واقتصادية وبالتالي عسكرية، الأمر الذي جعل كبريات الدول تعيد كثيراً من حساباتها الأمر الذي يستوجب بناء علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية ذات أبعاد إقليمية ودولية سيما لدولة مثل روسيا. والزيارة التي قام بها السيد/كمال عبد اللطيف وزير المعادن ولقد سبقت هذه الزيارة لقاءات عدة ما بين وزير المعادن كمال عبد اللطيف ومسؤولين روس كبار وممثلي شركات ودارت حوارات تناولت فيما يبدو كثيراً من القضايا سيما الإقليم الذي ننتمي إليه وما يعانيه من مشكلات كذلك يبدو أن القيادة الروسية في هذه الحوارات كانت تضغط عليه قضية التنافس الدولي مع واشنطن وبناء علاقات مستقبلية وتحالفات وهي تمثل حجر الزاوية الذي تقوم عليه العلاقات الدولية لذا جاءت زيارة الوزير كمال عبد اللطيف لموسكو والوفد المرافق له الذي سبق الوزير من أجل الترتيب مع السفارة السودانية بموسكو، وكان ما تحقق إنجازاً كبيرا ًيمكن أن نقول لقد أصبحت وزارة المعادن قاطرة كبيرة تسحب اقتصاد البلاد والدبلوماسية السودانية نحو أفق جديد، فلقد التقى الوزير عبد اللطيف بنظيره الروسي السيد«سير جيو دونو سكوي» وزير الموارد الطبيعية والبيئة ولقد حضر اللقاء كل أعمدة الوزارة الروسية ووقعت مذكرة تفاهم بين الوزيرين، ولقد ثمّن الوزير الروسي هذا الجهد المتبادل الذي يلتقي حول مصالح البلدين ويمكن له أن يكون لقاءً مفتاحياً يفتح كل مغالق مسارات العلاقات ويتوج باتفاقيات تعيش وتمشي بين الناس حقيقة معيشة سيما وأن الوزير الروسي أكد أن بلاده ترغب في أن يكون التعاون بينهم والسودان في كل المجالات وأن لا يكون حصرياً على المؤسسات فقط بل الشركات وأكد الوزير الروسي أنهم أنشأوا مؤسسة جديدة وهي«روسيا جيولوجيا» تهتم بالبحث والتنقيب عن المعادن خارج روسيا وهي التي سوف تباشر أعمالها بالسودان، وأكد الوزير الروسي أن روسيا تنوي جادة في استضافة معرض التعدين الدولي عام 2020م بمدينة«روكس اكسبو» وهي منطقة على الحدود بين شمال آسيا وأروبا، وطلب الوزير الروسي من نظيره السوداني كمال عبد اللطيف باعتباره وزيراً للمعادن ورئيساً للمنظمة العربية للتعدين هذه الدورة أن يدعم ترشيح روسيا لهذا الشرف الكبير وفي هذا اللقاء تحدث الوزير كمال عبد اللطيف عن أن السودان من أكبر بلدان إفريقيا مساحة وتنوعاً معدنياً وأن السودان كان رائدًا من رواد دعم حركات التحرر الوطني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حينما كانت إفريقيا تمور بحركات التحرر الوطني والانعتاق من الاستعمار بكل ألوانه ومناصرة الشعوب التواقة للاستقلال وهو أمر كانت روسيا وما زالت توليه اهتماماً ودعماً كبيراً أي أن الدولتين تنطلقان من مشكاة واحدة في هذا الصدد أيضاً أكد الوزير كمال عبد اللطيف أن السودان به طاقة جيولوجيا هائلة تتجاوز ال«22» معدناً قابلة للاستثمار والتسويق الدولي، فالذهب كما جاء على لسان الوزير كمال يوجد في كل ربوع السودان وكذلك خام الحديد والنحاس والكروم وحتى اليورانيوم يوجد في عدة مواقع بالسودان وهو من المعادن النادرة التي تدخل صميم إستراتيجيات الدول العظمى وأمنها القومي والدولي، وهذا يستوجب تعاوناً خاصاً مع روسيا لما لها من إمكانات واستعداد للتعاون مع السودان في هذا الصدد، أيضاً أكد الوزير كمال في خطابه أمام الوفد لروسي أن روسيا كانت سبّاقة في العمل الكشفي التعديني بالسودان وأنها على دراية بالجيولوجيا السودانية، كذلك أكد الوزير كمال عبد اللطيف أن وزارته ستفتح كل الأبواب للشركات الروسية للعمل التعديني في كل المجالات، وطالب الوزير كمال نظيره الروسي بأن يقود تلك الشركات بنفسه وتحت إشرافه المباشر من أجل العمل بالسودان.